الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

احترس أمامك برنامج حواري مثير

25 مارس 2012
في القرن الماضي، وبالتحديد في عام 1995 صدر كتاب لبنجامين باربر، وضع على غلافه صورة امرأة منقبة لا يظهر منها إلا عيناها، وتمسك في يدها بعلبة مياه غازية، وكان المؤلف يرمي من هذه الصورة إلى التناقض بين تخيله لنا كعرب مختزلا ثقافتنا وحضارتنا، وبين هذا المنتج الأميركي الذي هو من وجهة نظره تطوراً للحياة، ولو كان يتمثل في مشروب نعرف بالطبع إلى أين يذهب بعد قليل، صورة هذا الكتاب عادت إلى رأسي من جديد، وأنا أسمع وأتابع كل من هب ودب، وكل من يعرف ولا يعرف، وهو يصف برامجنا الحوارية في التلفزيون بأنها برامج للإثارة، خاصة بعد أن انتشرت الكلمة وبات كل مشجع غاضب أو كل مدرب مهزوم أو كل مسؤول خائب لا يجد تبريراً لفشله، إلا أن يقول إنها برامج إثارة، وباتت الكلمة ربما لجرسها الموسيقي اللطيف نغمة كنغمة الهواتف المحمولة حتى وصل الأمر ـ إي والله ـ إلى إطلاق هذا الوصف نفسه على استوديوهات التحليل الفني التي تقام لتحليل المباريات من لاعبين دوليين ومدربين معروفين! الطريف أن الكلمة تتكرر على ألسنة المتكئين على أرائكهم، وسط ربعهم في مجلس يضج بالجالسين وفناجين القهوة تدور. والكل متحلق حول البرنامج وعقب كل رشفة قهوة تخرج كلمة إثارة، فيرد الباقون بطريقه الكورال الغنائي أي والله إثارة، هكذا دون أن يعرف أي منهم شيء عن فكر هذه البرامج، ولا المعايير الوظيفية التي تقوم عليها، ولا التأثير الذي تحدثه، ولا الجيل الجديد الذي يشاهدها، ويتفاعل معها أو نوع العلاقة التي تكونت بين هذه البرامج الحوارية الساخنة وبين المشاهدين، بمختلف أعمارهم وأشكالهم، لكن هؤلاء الجالسين على مقاعدهم لا يزالون يعيشون في فترة إذاعة صوت العرب. الإعلام الآن بات له دور آخر في التعاطي مع ما يدور في الشارع، وفي المدرجات، بل وفي أذهان الناس ويبدو هذا الأمر قاسياً أحياناً، أو جريئاً أحياناً أخرى، أو قد يتصادم مع هذه العقليات التي أكل عليها الزمن وشرب، لكن لم يعد الآن ممكناً أن يخفي الإعلام معلومة أو يسعى لتلبيس حقيقة بما ليس فيها، ولم يعد مقبولاً أن يّزين مذيع أو ضيفه خسارة فريق لأن مشجعيه عددهم كبير وتأثيرهم نافذ فتتحول الخسارة إلى “هزيمة مشرفة” سببها الحكم والهواء الذي وقف ضد الفريق في الشوطين أو إصابة مدرب الحراس، أو نسعى لتزيين سوء سلوك مدرب أو لاعب ونعتبره طيش شباب، ليس هذا بالتأكيد الدور الذي تلعبه هذه البرامج ولن تلعبه، قد تكون جرأة الطرح قاسية، والمعلومة صادمة، لكن لا يمكن أن تختفي الحقيقة، ويظل هناك فرق كبير بين الإثارة والحوار الساخن وبين الإثارة والجرأة وقوة الحقيقة. إن ما يدور في البرامج الحوارية التي نقدمها لا يدور خلف أبواب مغلقة، وإنما يدور أمام عقول منفتحة على حقيقة، أننا نعيش هذا العصر، وفي هذه الحرية المسؤولة، وعلى هؤلاء الجالسين خلف سنوات الماضي السحيق أن يرفعوا النقاب الذي يضعونه على عيونهم وأن يغيروا نوع القهوة التي يشربون وساعتها سينكشف أمامهم ما وراء هذه الحوارات وهذه البرامج من قيمة. البعد الخامس بعض الإعلاميين ممن يختبئون خلف تصريحات يطلقها آخرون، هؤلاء أشبه بمشجعي الدرجة الثالثة، لا يعرفون إلا الهتاف. Yakoob.Alsaadi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©