الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نسـاء قلوبهـن معلقـة بالمساجد

نسـاء قلوبهـن معلقـة بالمساجد
13 سبتمبر 2009 00:15
قبل أن يقول المؤذن «الله أكبر» ليعلن أذان العشاء بدقائق، تخرج الجارتان والصديقتان المقربتان أم شهد وأم محمد من منزليهما بسرعة متوجهتين إلى المسجد القريب من منطقتهما لتؤديا صلاتي العشاء والتراويح جماعة، بعدها تتناول كلّ منهما مصحفا شريفا لتقرأ ما تيسر منه، وتعود أدراجها إلى منزلها لمتابعة شؤونه. وينتهز كثير من النساء قدوم شهر رمضان لارتياد المساجد بشكل منتظم، وأداء صلاتي العشاء والتراويح وقراءة القرآن، فتجدهن يسرعن في السير أو العدو متوجهات إلى المساجد لأداء صلاة الجماعة ونيل شرف العبادة، خاصة في شهر الصوم والتعبّد، شهر رمضان الفضيل الذي يعتبر سيّد شهور السنة كلّها. وفيما تذهب البعض برفقة صديقاتهن أو جاراتهن، فإن أخريات يفضلن اصطحاب بناتهن أو أطفالهن، وذلك لمآرب وغايات متعددة. حول ظاهرة ارتياد المساجد من قبل النساء، تتحدث أم محمد قائلة: «رمضان شهر مبارك كريم أنزل فيه القرآن وفيه ليلة عظيمة من أعظم الليالي هي ليلة القدر، ونحن، أنا وعائلتي، نغتنم قدومه لزيادة أرصدتنا الإيمانية والتعبدية وعمل الخيرات بغية التقرب إلى الخالق عزّ وجلّ». وفي العادة، في غير رمضان، تواظب أم محمد على ارتياد المساجد أيام الجمعة، إذ تستمتع إلى الخطبة وتؤدي الصلاة في جماعة، أما في رمضان فلا تباطؤ ولا تقاعس عن الذهاب للمسجد، بل إنها تقدّمه على أعمالها وأعبائها المنزلية، تقول: «الذهاب إلى المسجد في رمضان هو عادتي المفضّلة التي أشتاق إلى عملها، وأحرص على فعلها سنوياً، فبعد الانتهاء من تناول الفطور وأداء صلاة المغرب في المنزل، نستعد أنا وزوجي وأولادي لارتياد المسجد، فيدخل الرجال إلى مصلّى الرجال، في حين ألج أنا إلى مصلّى النساء لأداء فروضي الدينية». وتضيف أم محمد: «في المسجد يعيش المؤمن حياة خاصّة ويقضي ساعات مباركة يستعيد فيها صفاء ذهنه وروحه، ويجدد علاقته بخالقه، فضلاً عن ذلك، فإنه يستطيع نسج علاقات وصداقات رائعة مع أشخاص من بلاد وجنسيات أخرى يجمعهم شيء واحد هو حبّ الله، وهي علاقات خالية من المصالح والنفاق، ما يؤهلها للدوام فترات طويلة». المسجد أولاً تبدي أم شهد إعجابها بالاهتمام المتزايد الذي تبديه الدولة للمساجد، حيث تقول: «منذ جئت إلى أبوظبي، قبل ثمانية أعوام، راعني اهتمام الإمارات بالمساجد، كما لفتت نظري كثرتها، حيث تجد في كل بقعة مسجدا صغيرا أو كبيرا، وهو شيء أسعدني كثيراً ودفعني لتوطيد علاقتي بخالقي وبدور العبادة أيضاً، فأصبحت أرتاد هذه المساجد بشكل أسبوعي، أما في رمضان فقد تعلّمت الذهاب يومياً مع الصديقات لأداء صلاة التراويح، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحرص عليها كلّ عام». بالنسبة لأم شهد، لا شيء أهم من الذهاب إلى المسجد، فلا عمل منزلي ولا برنامج تلفزيوني ولا أي التزام آخر يسبق الذهاب إلى المسجد، فهو أمر تنتظره من السنة إلى السنة التي تليها، ولا تقدم عليه شيئا آخر، وإن كان أفضل برنامج أو مسلسل تلفزيوني في العالم، فإنه يمكن أن يعوّض، أما الصلاة والعبادة فإنها لا تعوّض، على حدّ قولها. أما أم رائد، فهي وجه مألوف في أحد مساجد العاصمة، ترتاده يوميا في رمضان وفي غيره من الأيام، حيث تؤدي صلاة المغرب في غير رمضان برفقة ثلّة من النساء اللواتي يجتمعن في حلقة بعد أداء الصلاة يقرأن القرآن ويفسرن معانيه. أما في شهر رمضان المبارك، فتحرص هذه المرأة الخمسينية على أداء صلاتي العشاء والتراويح في المسجد لكي لا يفوتها أجر الجماعة. تقول أم رائد: «المسجد هو حياتي، وفيه أجد راحتي وضالّتي المنشودة من الهدوء والسكينة، ومن خلاله أنتقي صديقاتي ورفيقات دربي، حيث نجتمع على ذكر الله ونفترق على حبّه». وتضيف قائلة: «أما في رمضان فارتيادي المسجد هو تحصيل حاصل لما درجت عليه من عادات تعبّدية، بل إن علاقتي به تزداد بقوّة، إذ أحرص على أداء التراويح وقراءة القرآن بكثافة، وذلك لكسب المزيد من الأجر والثواب عند الله تعالى». اصطحاب الأطفال تمتلئ المساجد التي يوجد فيها مساحة للسيدات بالنساء من كلّ مكان، اللواتي جئن للعبادة بالدرجة الأولى والأخيرة، لكن ما يعكر صفو هذه العبادة في بعض الأحيان هو وجود الأطفال الصغار الذين يشتتون انتباه المصلّين، وكذلك بعض الأحاديث الجانبية بين الفتيات الصغيرات. وتشكو أم محمد من هذه الظاهرة التي تسيء لحرمة المسجد، برأيها، خاصة أن بعض الفتيات اللواتي هنّ في عطلة دراسية، يتخذون من القدوم إلى المسجد وكأنه فرصة للتلاقي مع الصديقات والرفيقات، ما يزعج بعض السيدات اللواتي جئن للعبادة، فضلا عن اصطحاب الأطفال وبكاء بعضهم. وتوافقها الرأي أم شهد التي لا تفضلّ اصطحاب الأطفال إلى المساجد، قائلة: «لديّ عائلة وأطفال، لكن لحسن الحظّ لديّ خادمة تقوم بمساعدتي في شؤون المنزل، ولذلك فلا أحمل همّ العائلة عند ذهابي للمسجد، وأستودعها لدى الله والخادمة، وأذهب لأداء طاعاتي وعباداتي وأنا مرتاحة البال، فضلا عن أني لا أحب اصطحاب أطفالي إلى المسجد، فوجود الأطفال يزعج بعض المصلين ويشتت انتباههم». أما أم يحيى، التي تحرص على أداء فروضها الدينية في شهر رمضان داخل المسجد، فهي مضطرة إلى اصطحاب أطفالها الثلاثة للمسجد يوميا، تقول: «لا توجد لديّ خادمة، وأنا أحب الصلاة في المسجد خاصّة في رمضان، كما أني أحبّ أن تتعمق علاقة أطفالي بالمساجد ويتعلقون بها منذ الصغر، لذلك فأنا أصطحبهم يومياً، وأحاول تعليمهم الالتزام بالأدب والأخلاق واحترام حرمة المساجد، لكنهم في النهاية أطفال ولا يلتزمون بذلك بشكل كامل». بيوتهن خير لهن من جانبه، يقول الإمام عبد الرحمن عثمان، إمام مسجد في أبوظبي، إن الشرع أجاز صلاة المرأة في المسجد بضوابط وشروط، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إذا استأذنت المرأة أحدكم في المسجد فلا يمنعها». وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن». فيجوز للمرأة أن تصلي في المسجد، ولكن مع مراعاة آداب الخروج من المنزل، وهي: التستر التام الشرعي، وعدم التطيب، وتجنب وسط الطريق، وعدم مزاحمة الرجال، وألا تكون بذلك مفرطة في واجب من طاعة زوج أو رعاية أبناء. كما أن عليها المناصحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحرص على عدم إيذاء الآخرين في المسجد بمضايقة أو إساءة لفظ أو اصطحاب الأطفال، لأن في ذلك أذى للمصلين. يستطرد، إلا أن صلاتها في بيتها خيرُ لها وأقرب وأسلم من التعرض للفتن، وهذا ما يدل عليه الحديث السابق: «وبيوتهن خير لهن». وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله في أشدّ مكان في بيتها ظلمة»، فإذا كان لدى المرأة أطفال وعليها واجبات، فإن بيتها أولى لها وصلاتها في البيت أفضل
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©