الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغطية حرب العراق... وتقصير الإعلام الأميركي

24 مارس 2013 23:23
بول فارحي محلل سياسي أميركي على مدى الجزء الأكبر من العقد الماضي، دأبت وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية، على جلد ذاتها على أدائها السيئ خلال الشهور التي سبقت حرب العراق. وجاءت الذكرى العاشرة لتلك الحرب، على وجه الخصوص، لتقدم عدداً كبيراً من المقالات المتتالية خلال الأسبوع الماضي تدين كلها «فشل وسائل الإعلام» في تحدي السبب المنطقي الذي قدمه بوش الإبن لتبرير شن تلك الحرب، بالإضافة إلى عدد آخر من مقالات يدين فيها الصحفيون أنفسهم لفشلهم في ذلك. ليس هناك شك أن العديد من المؤسسات الإعلامية الخبرية، تجاهلت قصصاً خبرية مهمة، وقللت من شأن أخرى كانت متشككة في طرح الإدارة، وتصرفت على نحو مغال في الاحترام لمن هم في السلطة آنذاك. من ضمن الأمثلة سيئة السمعة على ذلك، تقرير منشور بـ«نيويورك تايمز» في سبتمبر 2002، الذي يبالغ في خطورة أنابيب الألمونيوم العراقية، ويعتبرها دليلاً على إعادة استئناف البرنامج النووي العراقي. وعلى رغم أن «نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست»، قد أقرتا بقصورهما علناً، فإن استخدام كلمة «فشل» للتعبير عن أداء وسائل الإعلام في ذلك الوقت، يعتبر تبسيطاً مخلاً للغاية لما قامت به تلك الوسائل، وما لم تقم به. في الوقت الذي تلوح فيه تهديدات جديدة في الأفق من ناحية إيران وكوريا الشمالية، قد يساعدنا الفهم الأفضل لتلك الظروف، على تقييم ما حدث، وما إذا كنا في موقع أفضل اليوم، مما كنا فيه آنذاك. فآلاف القصص الخبرية والأعمدة، المنشورة قبل الحرب، وصفت، وناقشت، خطط الإدارة وبياناتها، ولم تكن كلها مؤيدة كما قد يتبادر لكثيرين. ليس هذا فحسب، بل إن الصحفيين في «واشنطن بوست»، و«نيويورك تايمز»، و«وول ستريت جورنال»، و«نيوزويك»، نشروا على نحو دوري قصصاً خبرية تحدت مزاعم إدارة بوش الإبن عن العراق. بعـض تلـك القصص -الكثير للغايـة منها في الحقيقة- لم تُمنح أسبقية أو بروزاً، وفي حالة الصحف، لم تحتل المانشيتات الرئيسية. ولكن لم يكن من المستحيل بالنسبة للمتشككين في جدوى الحرب أن يقوموا بالربط بين الحقائق المتناثرة فيها، بشأن مزاعم إدارة بوش حول صلات العراق مع التنظيمات الإرهابية، وترسانته من أسلحة الدمار الشامل، وبرنامجه النووي المزعوم. يوم الأحد السابق على بداية الحرب اشتملت «واشنطن بوست» على المانشيتات التالية:«الولايات المتحدة تخاطر بتعريض نفسها للعزلة، وانهيار التحالفات القديمة في حالة شن الحرب»؛ «الولايات المتحدة بحاجة إلى معلومات محددة بشأن الأسلحة المحظورة»؛ «خطوات الولايات المتحدة المتعثرة قادت إلى دبلوماسية فاشلة». وحملت القصة الخبرية الرئيسية في «واشنطن بوست» في ذلك اليوم العنوان «مهمة جسورة، ومخاطر هائلة... خطة الحرب الجسورة تركز على الهجمات الصاعقة واللوجستيات المعقدة». ربما كان الأمر متأخراً عن اللازم في ذلك الوقت. ولكن ذلك لم يبدو كفشل، «إذا كنت تريد القول إن الصحافة قد فشلت، فيجب عليك مساءلة نفسك: ما الذي كان يتعين على الصحافة عمله؟ هذا ما يقوله «جيرالد إف. سيب» مدير مكتب «وول ستريت جورنال» بواشنطن الذي يضيف أيضاً:«هل سبرنا غور مزاعم أسلحة الدمار الشامل؟ لا، لم نفعل... ولكن أحداً غيرنا لم يفعل كذلك بما في ذلك الأمم المتحدة، على الرغم من كافة الإمكانات المتاحة لها، والتي سخرتها من أجل الإجابة على هذا السؤال». في ذلك الوقت وصف «والتر بينكاس» المراسل المخضرم الذي كتب سلسلة من التقارير التي تتحدى مزاعم الإدارة، بيانات تلك الإدارة بشأن أسلحة الدمار الشامل، والتي توجت بالبيان الذي قدمه وزير الخارجية كولين باول في مجلس الأمن الدولي في فبراير عام 2003 بأنها قد «جعلت الجميع يفقدون رشدهم». عندما يتذكر ما حدث يقول «ليونارد داوني جيه آر»، الذي كان يشغل منصب المحرر التنفيذي لـ«واشنطن بوست» في ذلك الوقت، إنه يشعر بالندم لعدم إعطائه المزيد من البروز لتقارير «بينكاس»، التي انتهى معظمها في مكان منزوٍ من الصفحات الداخلية. مع ذلك، يشير إلى أن «بينكاس» نفسه قد أقر بأن لا أحد في العراق كان يعرف على وجه الدقة ما الذي يحدث آنذاك. ويقول « إذا كان لا أحد في الحكومة كان يعرف ما الذي يحدث في ذلك البلد، فكيف يمكن للصحفيين أن يعرفوا ذلك؟». يعتقد «داوني» أن أي كمية من التشكك من جانب وسائل الإعلام لم تكن لتوقف إدارة بوش عن المضي قدماً ويقول « لقد كنا ذاهبين إلى الحرب في كافة الأحوال»... فهل يمكن لما حدث أن يتكرر؟ لقد حفلت الشهور التي سبقت الحرب بالعديد من المخاوف والقلق بشأن تهديدات لا يمكن التعرف عليها- وكان بعضها مبالغاً فيه بالطبع. ونحن الآن معرضون للهلع نفسه نظراً، لأن دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية تتحرك كما هو مزعوم نحو تطوير أسلحة نووية، وهو ما يمكن أن يخلق ظروفاً تؤدي إلى توليد الديماغوجية. ولكن ذكريات حرب العراق، يمكن أن تكون مفيدة إذا ساهمت في جعل عودهم أكثر صلابة. وخلاصة القول، إن التغطية الخبرية للفترة التي سبقت حرب العراق لم تكن كارثية، ولكنها لم تكن جيدة بالقدر الكافي. ويجب علينا أن نتذكر لماذا حدث ذلك ... على الأقل كي نضمن أنه ليس مكتوباً علينا تكراره. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©