الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوم بلا هواتف محمولة

24 مارس 2012
تخيل لو جئت يوماً ما إلى عملك لتجد، تنبيهاً على مكتبك يعلمك بأن اليوم الفلاني، هو يوم بلا هواتف محمولة “ذكية أو غير ذكية”. تخيل لو خرجت من باب منزلك وإذا بوالدتك أو زوجتك تسحب هاتفك المتحرك من إحدى يديك، لتخبرك بأن هذا اليوم هو يوم بلا هواتف محمولة. تخيل وأنت تجلس في مقهى تحتسي ما تشاء من أكواب القهوة والشاي... وإذا بشخص جاءك من بعيد ليضع يده على هاتفك الذي يرن ويهتز في الوقت نفسه، ليخبرك بأن تقفل هاتفك نهائياً لأن اليوم هو اليوم الخاص بعدم استخدام الهواتف المتحركة. تخيل نفسك وليوم واحد من دون هاتف محمول، مهما كان نوعه ومها كان شكله وجنسه، وبغض النظر عما يمتاز به من قدرات وميزات ومواصفات، عالية أو غير عالية، ذكية أو غير ذكية. المهم أن تتخيل نفسك بأن صديقك “الهاتف”، القادر على إجراء المكالمات واستقبالها، لن يكون معك بهذه الأربع والعشرين ساعة، لهذا اليوم. هاتفك المتحرك المريح، الذي يربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب، لن يكون في يدك أو في محفظتك، ليومٍ واحد ولساعات قليلة جداً من الساعات الكثيرة التي نعيشها. هاتفك المتحرك السريع، الذي يجعلك تنهي العشرات من المناسبات الدورية السنوية والشهرية وغيرها... بكلمات قليلة جداً ترسلها لكل من تشاء عبر المسجات المتطايرة منه يميناً ويساراً، والمصوبة في جميع الاتجاهات، ولجميع الفئات، من الأهل والأصدقاء وأرباب العمل وغيرهم. هاتفك المتحرك الفاضح، الذي أصبحت الأنواع الذكية منه، تفضح تحركاتك وتنقل خطواتك وتنقلاتك، فلم يعد الحلفان يجدي نفعاً، ولم تعد الأيمان تصم أذناً، فمثل هذه الهواتف، تحدد مكانك بالتحديد، وترصد حركاتك بكل تأكيد إذا غفلت عن إقفال بعض هذه الوظائف التي تقوم بمثل هذه المهام. هاتفك المتحرك المؤذي والمؤلم، إذا وقع بأيدي من لا يرحم ولا يؤتمن، فستجد كل الخاص فيه قد تحول إلى عام، وستجد ما أقفلته برموز وكلمات سرية، أصبح اليوم ملكاً للجميع، وستجد أن هاتفك صديقك أصبح هاتفك عدوك، الذي تتمنى أنه لم يكن بين يديك ولم تضع أخص ما يخصك بداخله، في يومٍ من الأيام. اليوم وحتى لو افترضنا أن مثل هذا اليوم الذي بلا هواتف متحركة، سيأتي إلينا قريباً، فأنا كلي ثقة بأن من وضع هذا اليوم ومن ابتدعه هو ذاته، قد يتصل بك في هذا اليوم ليوبخك ويسخط عليك لأنك لم ترد على مكالماته أو رسائله العديدة التي أرسلها إليك، لأنه وببساطة قد يكون نسي أن هذا اليوم هو يوم بلا هواتف متحركة، والتي لا يمكننا اليوم تطبيقه أو تنفيذه على أرض الواقع، مهما حاولنا ومهما جربنا، فهواتفنا المتحركة إن كانت قبل سنوات قليلة أداة ترفيهية كمالية، فهي اليوم أداة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، وهي التي قد لا يمكن العيش دونها في المستقبل القريب، الآتي إلينا بسرعة. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©