الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

في عمق الموصل.. فرار المدنيين بين الرحمة والريبة

في عمق الموصل.. فرار المدنيين بين الرحمة والريبة
19 مايو 2017 01:38
الموصل (أ ف ب) تتوقف عجلة «هامفي» سوداء تابعة للقوات العراقية قرب هيكل محطم لسيارة مفخخة وحفرة خلفتها قذائف هاون للسماح لمدنيين فارين بالهروب بعيداً عن المعارك ضد تنظيم «داعش» في غرب الموصل. وتواصل عجلات أخرى تابعة لقوات مكافحة الإرهاب، التوجه إلى خطوط المواجهات في حي الرفاعي، أحد آخر المناطق التي يفترض بالقوات العراقية استعادتها قبل الهجوم الأخير على المدينة القديمة، المعقل الأخير لتنظيم «داعش» في الموصل. وفي نهاية الشارع، الطريق مغلق تماماً بساتر. وتتعالى أصوات مقاتلين يتحدثون إلى مدنيين يرافقون أطفالاً: «انتبهوا، هناك عبوة.. تقدموا من هناك»، ويمتثل المدنيون، ويجر بعضهم أكياساً بلاستيكية ويدفع أحدهم سيدة على كرسي متحرك. وفيما يسير هؤلاء قرب العربة المدرعة، يبتسم بعض منهم ويرفع آخرون أصابعهم بعلامة النصر، ويعبرون عن امتنانهم للجنود، قبل أن يكملوا طريقهم للحاق بحوالى نصف مليون نازح فروا منذ فبراير من مناطق في الموصل. وينظر مقاتلو قوة مكافحة الإرهاب إلى الجموع بنظرات تتفاوت بين الرحمة حيناً والريبة حيناً آخر. ويحاول عناصر تنظيم «داعش» الهرب من الموت أو الاعتقال الذي ينتظرهم بعد دخول القوات العراقية إلى مناطقهم، عبر الاختباء بين المدنيين الفارين الذين يتواصل تدفقهم دون توقف. وتجد السلطات الأمنية أحياناً صعوبات في التدقيق الأمني بسبب العدد الكبير. ويقول جندي «تركَت أمس امرأة كيساً بلاستيكياً في الشارع، وعندما فتشناه، وجدنا فيه ملابس لداعش ومسدساً وسكيناً». ويتابع «ربما لم تكن امرأة». وعلى مقربة من المكان، يجهز مقاتلون من مكافحة الإرهاب يرتدون بزات سوداء أنفسهم للمشاركة في عملية عسكرية، ويحضرون صناديق ذخيرة ومنصات صواريخ يسندونها إلى أحد الجدران. ولا يعرف هؤلاء المقاتلون عدد الإرهابيين الذين سيواجهونهم. وتُشكل قذائف الهاون التي تطلق بين الحين والآخر المؤشر الوحيد لنشاط «العدو» الذي يتحصن بين المباني. وتتقدم إحدى الوحدات وتدخل إلى باحة منزل من خلال ثغرة كبيرة في جدار مبنى. وتمتنع قوات النخبة هذه عادة عن الدخول إلى المنازل لأنها قد تكون مفخخة، وتسعى إلى الاحتماء بها متقدمة من تجمع سكني إلى آخر ومن شارع إلى آخر ومن منزل إلى آخر. وفجأة، تنتهي الثقوب في الجدران، وتخسر القوات الغطاء، فيبدأ عناصرها بالجري عبر الشارع في محاولة لتجنب نيران القناصة. وبينما ينتظرون الضوء الأخضر من المجموعة التي سبقتهم، تنفجر ضحكة مكتومة، إثر إطلاق أحدهم نكتة لتبديد التوتر. في تلك الأثناء يرن هاتف أحد الجنود، فيهمس «سأتصل بك لاحقاً»، ثم يقفل الخط. وفي الوقت الذي تتقدم القوات خلال الحي، يظهر المدنيون المختبئون في منازلهم، وينزلون إلى الشوارع مع أغراضهم من أجل مغادرة المدينة. وعندما تبدأ العائلات بالابتعاد عن الحي حيث تنتشر جثث للإرهابيين انتفخت من حرارة الشمس، فإنها لا تعرف بعد أين ستمضي ليلتها. وعلى الجانب الآخر من الطريق، يذكر شاب أنه يتردد على الخطوط الأمامية مع عربته اليدوية ليجمع أغلفة الرصاص التي تملأ الطرق. ويقول «أجمعها وأبيعها إلى تجار الخردة، الكيلو بمئة دينار»، وما يعني أن عليه أن يجمع 12 كيلو ليحصل على دولار واحد. ويضيف: «أعيش على بعد خمسة كيلومترات من هنا، وآتي إلى الجبهة كل يوم لكي أكسب رزقي». وتقوم فتاة صغيرة بإفراغ كيس من أغلفة الرصاص التي جمعتها داخل عربة الرجل. وتقف امرأة مسنة إلى جانب الفتاة، وتحاول المشاركة في جمع الأغلفة الفارغة التي تملأ الشارع. وتقول بحسرة: «أشعر بالخجل من هذا العمل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©