السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في ظل شعار الابتكار

في ظل شعار الابتكار
23 مارس 2015 23:34
مباركة تلك الجهود الحكومية التي تبنت شعار الابتكار لعام 2015 بهدف تنمية وتعزيز بيئة تحفز على الإبداع والابتكار، ومباركة تلك التوجيهات التي ترمي إلى إعداد استراتيجية وطنية للابتكار لدعم الجهود الحكومية في بناء اقتصاد معرفي يرتكز على البحث والتطوير والابتكار، والتي تتجلى ثمارها في تحويل المجتمع من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع إنتاجي، وفي تغيير بمنهجية قياس الإنتاجية والتنافسية. ومع أن هذه الجهود هي مبادرة حكومية أخذت الحكومة على عاتقها مهمة الاستثمار في الأبحاث والتطوير، يتطلب نجاح هذه المبادرة تضافر جهود كافة أطراف المجتمع، من الأفراد وقطاع الأعمال والصناعة والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. إن أحد أهم عوامل نجاح تطبيق إعلان «2015 عاماً للابتكار» هو إيلاء عناية خاصة لحقوق الملكية الفكرية، كونها الشريان الرئيسي الذي تتدفق منه وفيه كافة جهود البحث والتطوير، وما ينتج عنها من اختراعات وإبداعات، وفي هذا الخصوص يتوجب تسليط الضوء على أربعة أعمدة أساسية لترجمة إعلان الحكومة بشكل فعال على أرض الواقع وجني ثماره. يرتكز العمود الأول على ضرورة وجود نظام متكامل لحماية حقوق الملكية الفكرية، كبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية والمعرفة الفنية والأسرار التجارية، وحقوق التأليف والعلامات التجارية، وغيرها من الحقوق. وتبدأ هذه الحماية منذ المراحل الأولى لتسجيل هذه الحقوق، كبراءات الاختراع مثلاً، والتي تقتضي وجود قواعد واضحة وثابتة وفحص موضوعي من قبل متخصصين، وتمتد إلى التعامل الحازم مع قضايا التعدي والقرصنة والتقليد، وضرورة فرض عقوبات رادعة للتصدي لهذه الأعمال. فوجود نظام فعال لحماية حقوق الملكية الفكرية هو ركيزة دعم الإبداع، فهو أداة ضمان لحماية حقوق الباحثين والمخترعين والمستثمرين، وحقهم بالاستئثار في استغلال هذه الحقوق تجارياً، وحصد ريع جهودهم واستثماراتهم ووقتهم، ومنع الآخر من الاستعمال غير المصرح به لهذه الحقوق. ويتمحور العمود الثاني لدعم مبادرة الابتكار، في ضرورة زيادة التوعية بحقوق الملكية الفكرية، بدءاً من طلاب المدرس والجامعات ومراكز الأبحاث ليكونوا على دراية بطبيعة نتاج أعمالهم عند الدخول إلى سوق العمل، ووصولاً إلى قطاع الأعمال والصناعة، والتأكيد على أهمية إنشاء وإدارة وتطوير محافظ لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بالشركة، ودورها في زيادة قيمة رأسمال الشركات كأحد موجودات الشركة الرئيسية - ما يسمى برأس المال الفكري للشركة. يشكل التغيير في منهجية التفكير والعمل في مختلف الميادين العمود الثالث للتطبيق الفعال لمبادرة الابتكار الحكومية، فلا بد من تغيير في منهجية التعليم مثلاً لتحفيز الطلاب على حل المشكلات الفنية والبحث والاستقصاء والتحليل بدل التلقين المباشر، وإدخال متطلب إعداد البحوث ومشاريع التخرج في كافة التخصصات، كما أنه من الحتمي إجراء تغيير في منهجية أصحاب الأعمال والصناعات، سواء بأهمية الاستثمار في أعمال البحث والتطوير، أو في طريقة التعامل مع العاملين لديهم لحثهم على الابتكار من خلال تقديم حوافز مادية ومعنوية بما يعود بالنفع على كل من العامل وصاحب العمل. أما العمود الرابع في دعم مبادرة الابتكار الحكومية، فيقوم على تشجيع العلاقة بين قطاع الصناعة من جهة والجامعات ومراكز الأبحاث من جهة ثانية، والباحثين والعلماء من جهة ثالثة - ما يعرف بالعلاقة ثلاثية الأطراف، حيث تقوم شركة صناعية مثلاً بتقديم الدعم المالي لجامعة، أو مركز أبحاث لحل مشكلة فنية تواجه الشركة، أو لتطوير منتج معين لمصلحة الشركة، وتقوم الجامعة بتقديم تسهيلاتها الفنية، كالأجهزة ومعدات البحث، في حين يقوم فريق الباحثين بأعمال البحث والتطوير حسب حاجة ومتطلبات الشركة المتعاقدة. وقد قامت عدة دول بتنظيم هذه العلاقة ثلاثية الأطراف من حيث ملكية الحقوق الناتجة عن أعمال البحث والتطوير، وحق استغلال هذه الحقوق والعوائد المادية المتأتية من الاستغلال التجاري لها، بما يعود بالفائدة على كافة الأطراف المعنية. تشكل حقوق الملكية الفكرية جزءاً لا يتجزأ من الإبداع ومخرجاته، وإننا إذ أولينا هذه الأعمدة الأربعة أولوية خاصة بشكل مواز لكافة المبادرات الحكومية التي أطلقت بداية شهر فبراير، فلن يكون عام 2015 عاماً للإبداع فقط، وإنما نقطة بداية لنهضة تكنولوجية لأعوام عديدة وأجيال قادمة. د. ربا قليوبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©