الممصاحب في شبه الجزيرة العربية والهند

إن كتاب النساء الغربيات في شبه الجزيرة العربية لبينيلوب توسن عن النساء الغربيات اللاتي عشن ورحلن وعملن في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربي بين 1890 - ،1930 يوضّح بشكل خاص الارتباطات المعقّدة والمتغيرة للإمبراطورية البريطانية بدءاً من أوج قوتها ووصولاً إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، الفترة التي تراجعت فيها بريطانيا كقوة في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية· ويبدو لي بأن هذا الكتاب يدخل لذلك في منطقة شائكة وملأى بالتحديات، وهذا لا يعني بأنه لا توجد دراسات البتة عن المرأة الغربية في الشرق الأوسط، وإنما هناك بعض الدراسات المهمة في هذا السياق كتبت عن حياة المرأة ومنظوراتها في المنطقة العربية لكن لم يتم التركيز إلا على نساء قليلات ومشهورات جداً، وغُيبت كثير من النساء· ولم يكن للممصاحب ـ وهي السيدة الأجنبية البيضاء زوجة الموظف البريطاني الكولونيالي ـ أمكنة محددة في الهند للتواصل الاجتماعي، ويتعقد الأمر أكثر في منطقة الخليج مقارنة بالهند، لأنها منطقة عبور تجاري· وظلّ الاعتقاد البريطاني الكولونيالي محتفظاً بوجهة النظر التي ترى بأن الهند غير ملائمة إلا للذكور الكولونياليين· وعلى الرغم من ذلك فإن نساء قلائل وصلن إلى الخليج العربي قبل الحرب العالمية الأولى بسنوات· وسيحاول الكتاب تسليط الضوء عليهن· وكانت المبشرة الأميركية إمي ويلكس زويمر هي أول امرأة وصلت، وأقامت في البصرة سنة ·1896 ثمّ وصلت بعدها ست زوجات أو أكثر قليلاً إلى الخليج العربي مع موظفين بريطانيين سياسيين أقاموا في الإمارات والبحرين والكويت ومسقط· ولم يكنّ متحمّسات للعيش في الخليج بشكل دائم مع أزواجهن، وكن يتوجهن إلى الهند خلال أشهر الصيف نتيجة لارتفاع درجة الحرارة، لكن مع تطوّر الصناعة النفطية وخطوط الطيران في ثلاثينات القرن العشرين بدأت المجتمعات الغربية الصغيرة تتزايد· لا يتضمن الأرشيف البريطاني الرسمي، حسب اطلاعي، إلا معلومات قليلة جداً عن النساء سواء أكنّ محليات أم أجنبيات· كما أن مضامين هذا الأرشيف وتنظيمه وتبويبه ليعكس الأولويات الاقتصادية والسياسية، يظهر منظورات الذكور الذين أوجدوه، وبهذا فإنه لم ينقل إلا وجهة نظرهم· والسؤال الذي طرحته هنا على نفسي قبل أن أقرأ الكتاب، كيف يمكن أن يدرس الكتاب النساء الغربيات على الرغم من قلة المصادر؟، كما أن وجودهن في المنطقة قبل قرن من الزمان كان نادراً إن لم يكن منعدماً، لكن الكتاب فاجأني بمعلومات وتحليلات قيمة، تستحق النظر والمتابعة·