السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متون

متون
9 يوليو 2008 23:44
الفرصة الثانية لزبيغنيو بريجنسكي مستشار كارتر للأمن القومي مسيرة قوة عظمى خلال 15 سنة ومع وثلاثة رؤساء رولا عبدالله يقدم كتاب ''الفرصة الثانية''، للمعلق الأميركي الشهير زبيغنيو بريجنسكي (مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر)، تقييماً لحقبة الرؤساء الأميركيين الثلاثة: جورج بوش الأب، بيل كلينتون وجورج بوش الابن، على امتداد عقدين لهما أهمية محورية، نظراً لتقلد الولايات المتحدة في تلك المرحلة زمام السيطرة في تاريخ العالم بعد الحرب الباردة، وما أفضت إليه حال الرئاسة المتأثرة بالقيادة الشخصية، من تبديد قدر كبير من قوة ومكانة ذلك البلد· كما يساهم الكتاب الصادر في نسخته العربية عن دار الكتاب العربي (ترجمه عمر الأيوبي)، في رسم خريطة توجيهية بناءة لدور أميركا في العالم· تلك الخريطة المستمدة من بيان ذاتي منبثق من صلب تجربة المؤلف في صنع السياسة· دور تاريخي يختصر بريجنسكي الذي يدعم حالياً المرشح الرئاسي باراك أوباما، محور الكتاب، بالإشارة إلى أنه: ''ثمة قوة عظمى واحدة، وخمس عشرة سنة، وثلاثة رؤساء''· يحدد الدور التاريخي الذي قام به كل من الرؤساء الثلاثة: كان بوش الأول الشرطي الذي يعتمد على القوة والشرعية للمحافظة على الاستقرار التقليدي، وكان كلينتون داعية الرفاه الاجتماعي الذي يعتمد على العولمة لإحداث التقدم، وكان بوش الثاني شرطياً أهلياً يعبّئ المخاوف الداخلية لمتابعة كفاح وجودي أعلن عنه بذاته ضد قوى الشر· وفق تلك الأدوار الثلاثة، استفاد كل رئيس، بطريقة مختلفة، من غرائز الشعب الأميركي الذي تُضخّم ردود أفعاله مواطن القوة والضعف لدى كل قائد· في حين كان بوسع كل منهم بحسب بريجنسكي، أن يتصرف بفعالية كقائد للعالم لو تطابق إحساسه باللحظة التاريخية مع الشعور التلقائي للشعب الأميركي، ولو كانت نظرته للتحدي العالمي تتطابق مع روح التغيّر السياسي والاجتماعي في العالم وخاصيته· وبحديثه عن عهد جورج بوش الابن، يرى الكاتب أنه كان ميالاً في البداية إلى تفويض صنع السياسة الخارجية إلى كولن باول وهو شخصية وطنية مميزة، جنرال سابق اعتبر على نطاق واسع ذات يوم بأنه مرشّح جذاب للرئاسة· لكن ذلك لم يستمر طويلاً· فقد هزت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، في السنة الأولى من الولاية الأولى، الرئيس وأيقظته من سباته في السياسة الخارجية· وانتقلت السياسة إلى البيت الأبيض، لا لتهيمن عليه مستشارة الأمن القومي، وإنما نائب الرئيس ومجموعة من المسؤولين ذوي الدوافع العالية في البيت الأبيض ووزارة الدفاع· وقد وجدوا آذاناً صاغية لدى الرئيس وساعدوا في إعادة تعريفه بأنه القائد الأعلى ''لأمة في حالة حرب''· تواصل هذا النمط في ولاية بوش الثانية· وعزز استبدال مستشارة الأمن القومي في الولاية الأولى بوزير الخارجية الدور التكتيكي لوزارة الخارجية في هيكلية صنع القرار الذي لا تزال تسيطر عليه مجموعة المسؤولين نفسها الذين استجابوا لأحداث 11 سبتمبر/ أيلول ببث الشعور بالمهمة التاريخية (شبه الدينية) في دور الرئيس· قيادة كارثية يصف المؤلف قيادة بوش الابن بالكارثية منذ قرأ الأخير رسالة الهية في أحداث 11 سبتمبر/ أيلول· فبعد انعزاله ليوم واحد طرأ تحول على شخصية الرئيس الذي احتشد حوله الشعب الأميركي· أفضى ذلك التضامن إلى المزيد من الزهو· فقد أزاح التدخل الأميركي حكومة ''طالبان'' في أفغانستان التي قدمت المأوى للقاعدة· وبعد ذلك بأقل من ثمانية عشر شهراً تم القضاء على نظام صدام حسين في العراق، فظهر مزاج الانتصار في البيت الأبيض، إذ خاطب بوش الحاكم الجديد للعراق المحتل بقوله: ''هل ستكون إيران خطوتك التالية؟''· لكن في المقابل أدى ميل بوش إلى الحسم الكارثي، وغرور المحافظين الجدد إلى تراجع التضامن العالمي مع أميركا· فقد كان العالم معتاداً حتى سنة ،2003 على تصديق كلام رئيس الولايات المتحدة· فعندما يؤكد واقعة، يفترض أنه يعرف الوقائع ويقول الحقيقة عنها· لكن بعد شهرين من سقوط بغداد، كان بوش لا يزال يؤكد بشكل مطلق (في مقابلة موجهة إلى الجمهور الأوروبي): ''لقد عثرنا على أسلحة الدمار الشامل''· ونتيجة لذلك فإن قدرة أميركا على تقديم حجة تحظى بالصدقية في قضايا دولية مثيرة للخلاف مثل البرنامجين النوويين في إيران وكوريا الشمالية تضررت بشكل خطير· وكذلك تعرض الموقف الأخلاقي الأميركي في العالم للخطر، وهو جانب مهم من الجوانب الشرعية، بسبب سجني أبو غريب وغوانتامو، بالإضافة إلى تزايد عدد الحالات التي توحي بأن ضعف الروح المعنوية بدأ يؤثر على قوات الاحتلال· والأهم من ذلك كله أن الحرب أسقطت صدقية القيادة الأميركية العالمية· فلم تستطع أميركا أن تحشد العالم مع قضيتها ولا أن تحقق نصراً حاسماً باستخدام السلاح· فرض الديمقراطية يحذر بريجنسكي في محاولة لوضع النقاط على الحروف في ما يخص منطقة الشرق الأوسط، من مخاطر فرض الديمقراطية بقوة السلاح· كما يسلط الضوء على مقالات ثلاث يقينية اعتمدتها الإدارة الأميركية وفق رؤية المحافظين الجدد للعالم: الأولى أن أعمال الإرهاب الناشئة في الشرق الأوسط تعكس غضباً عدمياً عميقاً تجاه أميركا من دون أن ترتبط بنزاعات سياسية محددة أو تاريخ حديث· والثانية أن الثقافة السياسية في المنطقة، ولاسيما الثقافة العربية، تحترم القوة قبل كل شيء، ما يجعل ممارسة القوة الغاشمة الأميركية (أو قوة الوكيل) مكوناً ضرورياً لحل دائم لمشكلات المنطقة· والثالثة، وقد تطورت في وقت متأخر، أن الديموقراطية القائمة على الانتخاب يمكن فرضها من الخارج· ويمكن فرض تحول العرب من كره الحرية إلى حبّها حتى عند خضوعهم لسلام خارجي دينياً وثقافياً مفروض بالقوة· أمير سابق يؤرخ لحياة القصور وصيد النمور·· وعصر مهراجات الهند الذي لم يعد له وجود كنت يوماً أميراً لساريلا·· غادة سليم لقد مضى أكثر من ستين عاماً على استقلال الهند عن التاج البريطاني، وباستقلالها سقط نظام المهراجات فلم يعد له وجود سوى في كتب التاريخ· وتحولت قصورهم إلى متاحف يزورها السياح، وأصبحت حياتهم أساطير تروى عن مرحلة ولت ولن تعود· فلم يكن النظام الطبقي الإقطاعي المغالي في الإسراف والفساد يتفق مع مصالح الشعب المنهك الفقير، ولم يكن نهج مهراجات الهند غير الوطني يتماشى مع مطالب شريحة كبيرة من المواطنين الهنود الذين يطالبون بالاستقلال النهائي عن بريطانيا· فلقد لعب المهراجات دوراً بارزاً في تثبيت دعائم الاستعمار البريطاني· ودأبوا على الدخول في أحلاف مستقلة وجماعية مع مركز الحاكم البريطاني، وكان لهم يد طولى في تأجيج الفتنة الطائفية في مرحلة ما قبل الاستقلال· الكتاب والمؤلف وكتاب ''كنت يوماً أميراً لساريلا'' يحمل أطيافاً من ذلك العصر· فيحكي عن قصور أعمدتها ذهب ومرمر، وثياب مطرزة باللؤلؤ والمجوهرات، وجيوش من الخدم والقيان والجواري، ورحلات لصيد النمور على ظهور الأفيال، وحفلات بذخ تضج بالغناء والموسيقى واللهو· ومؤلف الكتاب ليس مؤرخاً أو شاهد عيان، بل أحد أبناء هذه الطبقة· فهو أمير ووريث عرش سابق أبى أن يدخل التاريخ في صمت· وهو رجل في العقد الثامن من عمره يحظى بشخصية غير تقليدية على الإطلاق· فبطاقته الائتمانية تحمل اسم ''راجا ناريندرا سينج من ساريلا''· لكن معظم الهنود الذين يلتقون به في مقر القنصلية الهندية في نيويورك يدعونه ''سيد ساريلا''· والذين يعرفونه عن قرب وتربطهم به صلة حميمة مثل سفير الولايات المتحدة الأميركية في الهند ''فرانك ويزنر'' يناديه ''راجا صاحب''· أما اسمه دون ألقاب، فهو ''ناريندرا سينج''، وهو أحد أبرز رجال السلك الدبلوماسي في الهند· شغل لسنوات طويلة منصب سفير الهند لدى فرنسا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأخرى· ولد عام 1927 كوريث لعرش إمارة ساريلا· وهي إمارة في ولاية أوترا براديش شمال وسط الهند· رغم صغر حجمها بلغ ثراؤها حد الخيال وذاع صيتها خارج الحدود الهندية· عاش ''ناريندرا سينج'' طفولته في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين أميراً مدللاً في أوج العصر الذهبي للمهراجات· عندما سألته معلمته في المدرسة عن اسمه لأول مرة، فهو أشهر من أن يسأله أحد عن هويته· ولكن مع هبوب رياح الاستقلال سرعان ما تأقلم هو وأسرته على ما فرضته مجريات الأمور من تغيير· فعلى خلاف معظم الأمراء الآخرين الذين استمروا في الاعتماد على القوات البريطانية لإرساء دعائم حكمهم، سارع الأمير ''ناريندرا سينج'' في اتخاذ خطوات لإرساء قواعد الديمقراطية لهند مستقلة· وفي عام 1947 كان في الحادية والعشرين من عمره عندما قرر أن يضع ماضيه خلف ظهره· لكنه لا ينكر أن ماضيه هو الذي مكنه من أن يصبح المساعد العسكري للورد ''ماونتباتن'' آخر حاكم عام للهند كمستعمرة بريطانية· لكن ذكاءه الاجتماعي وأداءه الوطني هيئاه للاستمرار في تولي مناصب متميزة في ظل الحكومات الوطنية المتعاقبة· فلقد كان في أوج شبابه ولا يزال يحمل لقب أمير عندما سئل عما إذا كان يقبل التنازل عن عرش إمارة ساريلا في سبيل استقلال الهند فلم يتردد في الإجابة بنعم وكانت إجابته جواز سفر لحياة دبلوماسية مملوءة بالنجاحات· ذكريات صور ''كنت يوماً أميراً لساريلا'' كتاب أعمق من أن يوصف بالسيرة الذاتية وأهم من أن يصنف ضمن كتب التاريخ· فالجزء الأول يحمل ذكريات حميمة وصوراً قريبة ورؤية شخصية لعالم منسي في تاريخ الهند، والجزء الثاني يقدم تحليلات سياسية مجردة خالية من الانطباعات الشخصية ومملوءة بالتفاصيل المثيرة· ولا شك أن أهمية الكتاب تكمن في ثقل وزن مؤلفه، فالأمير'' ناريندرا سينج'' شاهد عيان ذو بصيرة نافذة على مجريات عهد الاستقلال وانحسار التاج البريطاني عن الهند· ومكنه موقعه المتميز من الالتقاء بصناع القرار آنذاك والاطلاع على التكتيكات السياسية التي استخدمها زعماء الثورة الهندية أمثال ''مهاتما غاندي'' و''جواهرلال نهرو'' و''فالابهابي باتيل'' وقادة الحركة الشعبية الآخرين المطالبين بإنهاء الاحتلال البريطاني· وقليل هم من أمثال ''السيد ساريلا'' ممن احتفظوا بالأسرار الشخصية للزعماء وكتموا ما كان يجري في كواليس الأحداث والتطورات التي أطاحت بالتاج البريطاني في الهند طوال نصف قرن· رغم قدرته الفائقة على رسم السمات الإنسانية للاعبين الرئيسين على مسرح الأحداث دون تعديل أو تجميل· فلقد كان منذ طفولته يحمل كتاباً يدون فيه مشاهداته وتعليقاته· فيقول ''ناريندرا سينج'' عن ''محمد علي جناح'' زعيم مسلمي الهند ومؤسس باكستان إنه على الرغم من إصراره ودفعه بشراسة نحو تأسيس وطن مستقل لمسلمي الهند، إلا أنه في حقيقة الأمر كان يميل إلى اتباع المرحلية في التقسيم ويكره التعجل الذي اتبعته القوات البريطانية بقيادة اللورد ''ماونتباتن''· وأن ''مهاتما غاندي'' تجنباً للكوارث الطائفية التي تبعت التقسيم اقترح تشكيل حكومة بقيادة إسلامية وجعل ''جناح'' رئيساً للوزراء لكن حزب المؤتمر الهندوسي استبعد ذلك الاقتراح في الحال· فلقد كان الصراع الطائفي في الهند قد شرع في الاندلاع في عدد من المدن الرئيسية· وكانت الأحداث تتسارع في اتجاه سعي طوائف السيخ والهندوس والمسلمين لتحقيق الحكم الذاتي· مما جعل مقاومة بريطانيا للرغبة في الاستقلال والتقسيم مهمة مستحيلة· ويؤكد ''ناريندرا سينج'' أن البريطانيين هم الذين كانوا يتعجلون قيام باكستان؛ لأنهم أدركوا أن أيامهم في شبه القارة الهندية معدودة وأنهم إذا خلفوا وراءهم هند موحدة بقيادة حكومة ديمقراطية وطنية لن يتمكنوا من تحقيق مصالحهم الاستراتيجية ومن ثم الوصول إلى دول الخليج· فلقد أدرك البريطانيون أهمية منطقة الخليج العربي الحرب العالمية الأولى· يقول ''ناريندرا سينج'' إن آبار النفط دفعت البريطانيين إلى تشجيعهم لتقسيم الهند· خزانة أسرار وليست هذه هي المرة الأولى التي يفتح فيها ''ناريندرا سينج'' خزانة أسراره· ففي كتابه الأول ''ظلال اللعبة العظيمة'' والصادر عام 2006 حكى بعضاً من خبايا تقسيم الهند إلى أمتين، ونقل وجهة نظره حول مرحلة مهمة ليست فقط في تاريخ استقلال الهند بل في تاريخ أمم أخرى· إلا أنه رفع سقف تحليلاته عالياً في كتابه الثاني إلى الحد الذي أثار حفيظة الكثيرين· فعندما صدر كتاب ''كنت يوماً أميراً لساريلا'' في مايو 2008 عن دار نشر ''أي بي توريس'' لم يتوقف الجدل· فعلى الرغم من تأييد بعض الكتاب والمؤرخين لرؤية ''ناريندرا سينج'' حول أحداث استقلال الهند وما تبعها من تطورات سياسية، ومطالبة البعض الآخر باحترام وجهة نظره، ووضع تجربته الدبلوماسية الطويلة وخبرته السياسية العميقة في الاعتبار، إلا أن كتابه لاقى سخرية من كثير من المؤرخين البريطانيين المحافظين الذين يرفضون وقوف بريطانيا وراء قيام جمهورية باكستان· ويستمر الجدل أيضاً حول المؤلف ذاته· فالأمير ''ناريندرا سينج'' صاحب التاريخ الدبلوماسي العريض والذي يوصف بالرجل المعتدل في أحكامه على الأشخاص العادل في تعامله مع القضايا، سمح لنفسه أن ينتقد دور بريطانيا في تقسيم الهند وهو الذي كان مقرباً من دعائم الاستعمار البريطاني ومن اللورد ''ماونتباتن'' تحديداً صاحب خطة التقسيم· والذي سارع إلى تنفيذ التقسيم قبل عشرة أشهر من الوقت المقرر ودون وضع خطة لائقة لإدارة تبعات الانفصال· وقام برسم خطوط الحدود قبل أن يزور المكان· كتاب بي نظير بوتو لمجدي كامل: التأليف كإعادة تدوير للكتابة اليومية توسّل الشهرة ولو على أنقاض الفعل الإبداعي علي العزير يصلح اسم بي نظير بوتو مدخلا لحكاية مفعمة بالتراجيديا الأسطورية، ويسعه أن يحيل إلى مساحة شاسعة للتأمل في شؤون القدر وشجونه، لكنه في موضوع البحث عنوان لكتاب وضعه مجدي كامل، وصدر مؤخراً عن دار الكتاب العربي· ادعى الكتاب سعياً لتسليط الضوء على التجربة المأساوية للمرأة التي كانت تحب أن تُسمى ابنة القدر، إلا أنه وقع، دون تردد، وعن قصدية مسبقة وفادحة، في فخ الاستسهال والبساطة، حتى آل به الأمر إلى أن يكون مجرد توثيق لقصاصات صحفية، تناولت حدث الاغتيال المدوي، وأصبح قابلاً للإدراج في خانة الكتابات المسطحة، التي تستغل اللحظات التاريخية الحاسمة، محاولة أن تجد لنفسها مكاناً وسط الصخب العاطفي المنبعث منها، دون كثير عناء بإدراك المسكوت عنه في الحدث موضوع التناول، أو استدراك الأبعاد الاستراتيجية، التي تغيب عادة في الرؤية اليومية المتابعة· شرعية مفتقدة بالرغم من التزويق اللوني والإخراجي، ومن صورة بي نظير على غلافه، لم يتجاوز كتاب مجدي كامل حدود كونه نتاج عملية تجميع عشوائية لبعض ما قالته الراحلة على مشارف رحيلها، أو ما قيل عنها بعد أن ادركها ذلك الموعد المأساوي مع الغياب، والبديهي أن مخاضاً مشابهاً لا يسعه أن ينتج منجزاً إبداعياً جديراً بإثارة الاهتمام، بقدر ما يحيل إلى بعض السلبيات السائدة في مجال النشر، والمحددة في إطار نزعة تبسيطية حتى الإخلال بجوهر الكتابة ووظيفتها، نزعة تبدو مستفحلة في الآونة الخيرة، وهي تشير إلى تداعيات شتى، في مقدمها طغيان نمط التعاطي مع الفعل التأليفي بوصفه تذكرة دخول إلى نادي الشهرة، وهي أحياناً، لربما غالباً، تذكرة مزورة تفتقد المشروعية المتأتية عن التمايز والإتيان بالجديد المفاجئ والمدهش، حتى لو تعلق الأمر بمقاربات قديمة· إعادة تدوير كان يمكن للكتاب أن يكتفي بكونه مقاربة توثيقية للحدث وصاحبته، لو أنه أعاد ترتيب المعطيات المواكبة له في سياق مدروس، وكان من شأن تحقق هذا الهدف، على بساطته، أن يمنحه مبرراً ويعطي وجوده سبباً، لكن التدفق الدوغمائي للسرد حرمه حتى من إدراك هذا المدرك المتواضع· على امتداد صفحات الكتاب، كان ''المؤلف'' يتأرجح على غير هدى بين محطات تاريخية وجغرافية متباعدة، دون الاعتناء بخلق روابط منطقية تبرر له هذه المزاوجة المضنية، والقارئ للصفحات المتجاورة على غير انسجام، كان يعوزه منسوب من حسن النية يقارب حدود السذاجة، لتفادي الظن أنّ الهاجس الحقيقي للكاتب لا يتعدى ملء الصفحات بما كبر حجمه، وقلّ وزنه من المطولات الإعلامية المفرطة في عاديتها، حتى يكتشف في خاتمة رزمة الأوراق تلك أنه أمام مادة صحفية واحدة، خضعت لإعادة التدوير مرات عديدة، حتى تحولت إلى ما يشبه الكتاب، دون أن تصيره حقاً· أما الأدهى في هذا السياق، ودائماً ثمة ما هو أدهى، فهو الخطأ الفادح الذي وقع فيه الكاتب، مدفوعاً بالاسترسال والاستسهال، حيث قدم رئيسة الوزراء الهندية الراحلة أنديرا غاندي بوصفها ابنة المهاتما غاندي، في حين أن كلّ من تناهى اسمها إلى مسامعه، باستثناء الكاتب وحده ربما، يعلم أنها ابنة الرئيس الراحل جواهر لال نهرو· موعد مع القدر المناسبة قد تكون فرصة لاستعادة الميتولوجيا التراجيدية، ولإعادة سرد الحكاية المعروفة: بي نظير بوتو بطلة لقصة موت معلن، استلهاما من قصة غابرييل ماركيز الأثيرة: نحن هنا أما حادثة موت كان الجميع، بمن فيهم الضحية، يدرك سلفاً أنها ستحصل، وقد حصلت برغم علم الجميع· عندما شدت بي نظير الرحال من مقر إقامتها في دبي نحو بلادها باكستان، كانت الكثير من الدلائل تشير إلى أنّها تسير درباً محفوفاً بالمخاطر، وأنها ذاهبة في رحلة ستقودها إلى ملاقاة قدرها الحتمي، ''سأعود وأعلم أنّ احتمال قتلي كبير جداً''· هكذا ردت على سؤال لأحد الصحفيين، قبل أن تحزم حقائبها وتغادر للمرة الأخيرة· عائلة للموت كانت بي نظير بوتو سليلة عائلة تعمدت بالاغتيال السياسي، والدها رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو تلقى حكماً بالإعدام، عام 1976 بعد أن انقلب عليه أحد مساعديه، الجنرال ضياء الحق، وبمرور تسع سنوات على رحيل الأب تسلمت ابنته السلطة في انتخابات فاز خلالها حزب الشعب الذي تولت رئاسته، بعد أن أقصت والدتها نصرت عن سدة القيادة، المرأة التي كانت تطمح للعمل في الصحافة، والتي كانت أحلامها تأخذها أحياناً إلى السلك الدبلوماسي، رأت نفسها تستجيب لنداء القدر، وتصبح أصغر رئيسة وزراء في تاريخ باكستان، عندما تولت مسؤولية الحكم عام 1988 وهي في الخامسة والثلاثين من عمرها· بعد سنتين أسقط الرئيس الباكستاني غلام إسحاق خان حكومتها، إثر دخول البلاد في أزمة سياسية وضعتها على حافة الفوضى، لكن بي نظير عادت إلى السلطة عبر انتخابات ،1993 لتغادرها مجدداً بعد ثلاث سنوات مشيعة بقرار من الرئيس فاروق ليغاري يتهم زوجها آصف زرادي بالفساد والرشوة· صدام داخل العائلة لم يقتصر الصراع الذي خاضته بي نظير على خصومها السياسيين وحدهم، بل تعداه إلى داخل العائلة، إذ لم يطل وقت تربعها على سدة السلطة، بعد أن أزاحت والدتها من الدرب، حتى تصاعد الخلاف مع شقيقها مرتضى، الذي كان أسس منظمة ''ذو الفقار'' بهدف الانتقام لوالده، وقد نفذّت المنظمة العديد من العمليات العسكرية الرامية إلى إسقاط نظام الجنرال ضياء الحق، ثُمّ قاد انشقاقاً في صفوف حزب الشعب الذي تتزعمه شقيقته، في العام 1996 لقي مرتضى مصرعه في مواجهة مع الشرطة الباكستانية، حيث وّجهت أصابع الاتهام إلى صهره آصف زراداي، وأثناء مشاركتها في مراسم التشييع، تعرضت سيارة بي نظير إلى الرشق بالحجارة من الجماهير الغاضبة· رحلت الرئيسة، وتولى نجلها بيلا وال زعامة حزب الشعب الذي كانت تترأسه، وفي محاذاته تقف فاطمة مرتضى بوتو ابنة خاله الذي لاقى حتفه الغامض، فهل يتواصل الصراع وتتكرر المأساة؟ تصعب الإجابة بالنفي على سؤال مماثل· عصفور استبعد تأثير العلم والاقتصاد في كتابه الجديد لا تقدم ولا تنمية بلا ثقافة مغايرة أحمد الصاوي يقدم المفكر والناقد الدكتور جابر عصفور في أحدث كتبه ''نحو ثقافة مغايرة'' خلاصة رؤيته لأوضاع ثقافتنا العربية الراهنة وتشخيصه لما تكابده من معضلات وصعوبات· ويضم الكتاب عدداً من المقالات والدراسات التي كتبها الدكتور عصفور خلال السنوات العشر الماضية حول قضايا الثقافة العربية، ويذكر في المقدمة أن العرب بحاجة إلى ثقافة مغايرة؛ لأن الثقافة أساس التنمية، ويشير إلى أننا عشنا طويلاً تحت وهم أن الاقتصاد أساس التنمية، وقيل لنا إن الصناعة أساس التنمية، ثم قيل إن العلم أساس التقدم، ولكن التجارب أثبتت أن كل هذه الأقوال لا محل لها من الإعراب؛ لأنها لم تؤد إلى التقدم المنشود في الدول النامية أو المتخلفة· رؤية للحداثة يصنف المؤلف الكتاب إلى أربعة أجزاء، يحمل الجزء الأول عنوان ''ملاحظات تحليلية'' ويعالج قضية الحداثة ومحاولة الوصول إلى رؤية عربية لها، مؤكداً أن أفضل مدخل إلى تعريف الحداثة هو المدخل المعرفي، فالحداثة هي اللحظة التي تتمرد فيها الذات العارفة، على طرائقها المعتادة في الإدراك شاعرة بأنها لا بد أن تبدأ في مساءلة لكل ما حولها غير غافلة عن وضع نفسها في موضع المساءلة، وزمن الحداثة هو الذي يقع في المنطقة الوسطى بين التخلف والتقدم، وتنقسم قواه وعلاقات إنتاجه بين الواقع القائم والممكن المحتمل· وأهم شروط الزمن الحداثي المدينة الكبيرة التي تدخل عصر التصنيع والدولة التي هي ابنة المدينة وامتدادها الواسع والتي تتأسس على الفصل بين السلطات ومبادئ المواطنة وحداثة المؤسسات وليس حداثة عقول أفراد فحسب بما في ذلك المؤسسات السياسية والتشريعية والمعرفية والتعليمية· ويتطرق الدكتور عصفور في دراسة بعنوان سؤال التغير سؤال المستقبل إلى تحليل أيديولوجيا المشروع القومي العربي والتي صيغت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وكيف أنها جاءت ثمرة تقابلات اليمين واليسار بالمعنى السياسي والاقتصادي والفكري ولغلبة المكون العسكري على عناصرها مع ميلها نحو التسلطية، راصداً التأثير العميق الذي تركته هزيمة يونيو 1967 على هذا المشروع ولاسيما من زاوية تغلب المشروع السلفي الديني رغم صلاحية المقولات الرئيسية للمشروع القومي· أصل الديمقراطية في الجزء الثاني ''مقدمات ومراجعات''، يتناول المؤلف قضايا التنوع الخلاق في الثقافة كإحدى أهم خواصها والحركة الأدبية في مصر الأيوبية والمملوكية، ويتوقف طويلاً أمام ''الإسلام والدولة المدنية'' الكتاب الشهير للدكتور عبدالمعطي بيومي والذي حاول خلاله البرهنة على صحة أن الدولة الإسلامية دولة مدنية بالدرجة الأولى تمثل فيها الأسس الدينية هدايات للعقل المدني· وهذه الدولة بناها الرسول ''صلى الله عليه وسلم'' على الديمقراطية التي انتجتها الشورى الأصيلة تلك التي لا تقل في قيمتها وضمانها للحريات وحقوق الإنسان عن أي دولة حديثة معاصرة، بل هي أصل للديمقراطيات الحديثة· ويضم الجزء الثالث من الكتاب ''مؤتمرات وملتقيات'' تسع دراسات من أهمها واحدة عن الرحلة إلى الآخر في القرن التاسع عشر، وهي تناول تحليلي لرؤية العرب للآخر الأوروبي خاصة في أعقاب حملة بونابرت على مصر والشرق العربي، معتبراً أن أهم ما تركته مدافع نابليون من أثر في الوعي العربي العام آخر القرن الثامن عشر أنها نبهت هذا الوعي إلى تخلف العالم الذي يعيش فيه وضرورة تغييره· ولا يتوقف الدكتور عصفور عند كتابات الجبرتي والشيخ حسن العطار في مصر، بل يتجاوز ذلك إلى كتابات الرحالة الذين زاروا أوروبا خاصة منذ العقد الرابع للقرن التاسع عشر، ويشير إلى كتاب خير الدين التونسي (22 - 1890) ''اقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك'' الذي حاول فيه حصر كتب الرحلة إلى أوروبا في القرن التاسع عشر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©