الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصطفى بو هندي: مثير التفكير...والجدل!

مصطفى بو هندي: مثير التفكير...والجدل!
7 سبتمبر 2009 01:33
تثير تجربة مصطفى بوهندي- أستاذ علم الأديان المقارن، ورئيس وحدة البحث والتكوين في مستقبل الأديان والمذاهب الدينية بحوض البحر الأبيض المتوسط بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء - فضول الباحثين في مجال العلوم الإنسانية، فهو صاحب الآراء الجريئة التي تميّزت بها أبحاثه وحواراته. مصطفى بو هندي هو الضيف الخامس في المجلس الرمضاني للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث سيتناول الليلة في محاضرته الجانب المقارن بين الأديان. بو هندي مشغول ومهموم بتحويل مجالات البحث في الأديان إلى مجالات مفتوحة على العلوم الإنسانية، كما أنه يراقب جيداً أثر التحولات الكونية والعلمية على مستوى وعينا وتفسيرنا لما نملكه من نصوص مقدسة ثرية وغنية، لهذا فهو يرى «إن التغيير الذي حصل في العالم اليوم تغيير كبير جدا ومعقد جدا؛ فالتفكير ينبغي أن يكون اليوم على درجة كبيرة من العمق والقوة في الإبداع والنقد؛ فالفرق شاسع بين أنماط التفكير القديم، يوم كان الناس يرحلون ويضربون أكباد الإبل كما يقولون، لجمع رواية أو كلمة، ونمط التفكير الجديد، حيث أصبحت المعلومة تنتقل بكميات كبيرة ومذهلة؛ فما أنتجه الفكر في قرون يمكن نقله اليوم في لحظة قصيرة جدا، وما أنتجه البشر في قرون متتالية يمكن جمعه في إسطوانة صغيرة جدا، ومشاكل الإنسانية اليوم أعقد بكثير مما كان قديما؛ فنحن، إذن، أمام عالم مختلف، ولا يمكن أن نعالج مشاكله وأسئلته بفكر قديم، وطرق وآليات عفا عليها الدهر». وإذا كانت الآراء الجريئة قرينة سوء الفهم من قبل بعض المتابعين، فإن بو هندي لم يكن استثناءً من ذلك، فقد لاحقته حالات سوء الفهم من بعض المناوئين له، حيث تعرض للمضايقة على خلفية إعادة طرحه لمفاهيم دينية لأدوات البحث المعتمدة والمعروفة في العلوم الإنسانية، لكن ذلك لم يحبط له عزيمة، ولا فت له عضد، إذ نقرأ رأيه بوضوح وصرامة حينما يقول «أدعو إلى النظر في التفسير والفقه وعلوم القرآن التي تحتاج إلى ثورة وزلزال، لأنها علوم قد ماتت، ولكن كلام الله حي وهو ينزل علينا. لهذا فشبابنا ونحن أيضا نحتاج إلى أجوبة عن أسئلتنا التي يمكن أن نتوجه بها إلى الله مباشرة دون حاجة إلى وسطاء، وهو سبحانه حينها سيعلمنا ويوحي إلينا مباشرة دون وسيط». أشبه ما يكون مصطفـى بو هندي، صاحب التخصص الفاخر، بمن يسير على حد السيف، فهو يتناول بأدواته الحديثة، وبالتحليل الحديث، ميادين تم إهمالها طويلاً، لهذا فهو يعيد النظر - ما أمكن - في مفاهيم ليست مقدسة، بغية تنقية النص المقدس من عوالق التاريخ، واضطلاعه بممارسة عمل ثري وخطر في نفس الوقت، تسبب في الكثير من المضايقات التي لاحقته منذ أن بدأ مشروعه ومنجزه المعرفي اللافت. بو هندي يعلم جيداً أن هذا المشروع، لو كتب له التمام، فإن نقلة معرفية أكيدة سيشهدها الفكر الديني في العالم الإسلامي، لأن طغيان التناولات الكلاسيكية للدين والنصوص، مكّن المغرضين من الدخول على الإسلام، بالنقد والتشويه، فهو يقول «للأسف إن العقل المسلم، في مراحله الأخيرة، قد انسحب من الحياة، ومن ثمة، فالفكر الإسلامي هو أيضا انسحب من الحياة؛ فالهوة كبيرة وبعيدة بين الفكر الإسلامي لمّا كان يعالج قضايا الحياة في عصر مضى، والفكر الحديث الذي لا يوجد فيه الإسلام، على الأقل اسما، وعليه لابد من التركيز على المحاور التي تؤهل التفكير الإسلامي, وكذا التعقيل الإسلامي؛ فالعقل والفكر لا ينقلان كما تنقل البضائع والسلع، ولكن تخلق شروط التأهيل الفكري والعقلي في بيئة المسلمين، وهذه الشروط تنطلق من الإحساس بأزمة ذواتنا وعلومنا ومناهجنا التقليدية». إنها شخصية معرفية لافتة جديرة بالإنصات لتجربتها في التأليف والتفكير والتدريس، شخصية تؤسس للتحفيز الفكري، ومثيرة للخلاف والجدل، وكل ذلك داخل في النشاط المعرفي المحمود.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©