السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

متاحف الإمارات.. جسر تراثي بين الماضي والحاضر

متاحف الإمارات.. جسر تراثي بين الماضي والحاضر
18 مايو 2017 00:09
أحمد السعداوي (أبوظبي) تزامناً مع الاحتفالات التي يشهدها العالم بمناسبة يوم المتاحف العالمي الذي يوافق مثل هذا اليوم من كل عام، تشهد الدولة اهتماماً لافتاً بالمتاحف الثقافية والتاريخية والفنية وغيرها من أنواع المتاحف، ما يعد مؤشراً قوياً على النهضة الثقافية التي تعيشها الدولة والتي لا تقل تطورا عن النهضة الحضارية والعمرانية التي لا تخطئها أي عين منصفة، خاصة أن تنوع المتاحف وزيادة عددها يسهم بشكل بالغ في رفع الوعي والمستوى الثقافي للمجتمع، فضلاً عن الاهتمام البالغ الذي توليه دولة الإمارات للحفاظ على آثارها وتراثها وعرضها في المتاحف بهدف تدعيم الجسور بين الماضي والحاضر، كما أن هناك عديد من المبادرات الفردية لأبناء الإمارات تؤكد اعتزازهم بهذا التاريخ الضارب في القدم لبلادهم وفي الوقت ذاته إقامة متاحف فردية تعكس إدراكهم لقيمة هذه المنصات الحضارية المتميزة في الترويج للنهضة التي تشملها الدولة في كل القطاعات ومنها القطاع المتحفي والثقافي. طموحات المستقبل يقول عبدالرحمن النعيمي، ضابط تراث عالمي بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، إن الدولة تهتم كثيرا بالحفاظ على آثارها وتراثها وعرضها في المتاحف بهدف تدعيم الجسور بين الماضي والحاضر، وإطلاق طموحات المستقبل على أسس راسخة وجذور ضاربة في التاريخ الأصيل لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في إطار مساعي التطوير الثقافي التي تبذلها إمارة أبوظبي للتحوّل إلى مركزٍ رائدٍ عالمي في مجال الثقافة والفنون، حيث تنهض هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بمهمة تطوير ورسم ملامح الهوية التاريخية العريقة والحضارية الحديثة لإمارة أبوظبي. ويورد النعيمي أن «أبوظبي للسياحة»، تركز في إطار عملها لبناء وتطوير الأصول الثقافية لإمارة أبوظبي عبر إطلاق مجموعة متنوعة من المتاحف والمنصات الثقافية التي تلبي أعلى المعايير العالمية، لتشكيل منصة ثقافية عالمية تكون مصدر إلهام للتجارب الفنية والتعليمية من خلال المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، حيث تحتضن هذه المنطقة عدداً من أهم المعالم الثقافية في المنطقة والعالم، وتجسّد المنجزات الفنية والتميّز الهندسي في آنٍ واحد، وفي مقدمتها متحف اللوفر أبوظبي ومتحف زايد الوطني وجوجنهايم أبوظبي، والتي تقدّم للعالم رسالةً ثقافيةً فريدةً حول الأعمال الفنية والخطوط والابتكارات الحضارية، التي يحمل بعضها روح التاريخ وعبق التراث، فيما ينبض البعض الآخر بروح الحداثة، حيث تمكنت أبوظبي من المحافظة على ثقافتها من خلال التبادلات التجارية بين الدول الإقليمية والعالمية على مدى آلاف السنين، وهذه الرؤية راسخة في التاريخ منذ الزمن الماضي وتستمر كمصدر إلهام للمستقبل. رحلة عبر الزمن ويلفت النعيمي إلى أن مدينة العين، تحتضن متحف العين الوطني وهو أقدم متحف في دولة الإمارات، لتتيح لزوارها رحلةً عبر الزمن والغوص في أعماق تاريخ الإمارات العريق وموروثاتها الوطنية الأصيلة، ويتعرفون خلالها إلى القيم التي أرساها الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». وتتميز مدينة العين أيضاً باحتضان متحف قصر العين، وقلعة الجاهلي وقصر المويجعي، والتي تعبّر من خلال موقعها عن الروح المعمارية التاريخية للدولة، والتي اجتهد أبناؤها في صونها، حيث تم تحويل هذه المواقع التاريخية إلى متاحف حية، ما يزيد من عناصر الجذب السياحي لمدينة العين التي تعدّ من أقدم المناطق التي استوطنها الإنسان، والمدرجة على قائمة مواقع التراث العالمي لدى منظمة «اليونسكو». ليلة في المتحف عن الفعاليات والأنشطة المقامة حاليا تزامنا مع احتفالات اليوم العالمي للمتاحف، يشرح النعيمي: تحتفل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الفترة من 16-18 مايو 2017 باليوم العالمي للمتاحف وتتضمن الفعالية مجموعة من البرامج المليئة بالأمسيات المفتوحة للجمهور، وتقدم للزوار رحلة ميدانية مجانية عبر متاحف العين. وتحت عنوان ليلة في المتحف «امتداد لجولة عبر تاريخ المتاحف في أبوظبي»، تنظم متاحف العين للزوار جولة ميدانية تعنى بنقل رسالة ثقافية وتاريخية ونشر المعرفة والتعريف بالتراث الإنساني، وتنطلق الجولة بداية من متحف قصر العين، مروراً بواحة العين، وانتهاءً بزيارة متحف العين الوطني، ليتعرف الجمهور على رؤية الوالد زايد مؤسس دولة الإمارات، من خلال التعرف على بداية عمليات تنقيب الآثار في إمارة أبوظبي، وبداية نشأة المتاحف بها، ومن ثم التوجه إلى الواحة والتعرف على أهمية النخيل، وما يميز أجواءه من ظلال وارفة، وكيف كان مصدر إلهام لتصميم متحف اللوفر أبوظبي، كما يتابع الزوار استكشاف الواحة على ضوء المشاعل، لتنتهي الجولة بمتحف العين الوطني، الذي يقدم تجربة مميزة للزوار من خلال تعريفه كأول متحف في الإمارة وبداية لنشأة المتاحف. في حين يعرض متحف زايد الوطني بعض القطع التراثية، التي توضح لزواره رؤيته كامتداد لمتحف العين الوطني، وتختتم الجولة بعرض شيق ومميز من قلعة سلطان بن زايد يقام في منارة السعديات ومتحف جوجنهايم. تبادل المعرفة ويوضح النعيمي أن الهيئة تحتفي كل عام بفعالية اليوم العالمي للمتاحف الذي أطلق عام 1977 من قبل المنظمة الدولية للمتاحف، وذلك لتفعيل وإبراز دور المتاحف الثقافي الفعال في تطوير المجتمعات المحلية وزيادة الوعي بالمتاحف والمواقع الأثرية في مدينة العين ولتعزيز إمكانيات المتاحف والتعرف إلى تاريخها ومستقبلها والدور الذي تلعبه في تطوير وتنمية المجتمعات، لافتاً إلى وجود الكثير من الأمنيات والتطلعات الخاصة بعالم المتاحف في الإمارات الفترة المقبلة، حيث ستصبح المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، بكل ما تحتضنه مستقبلاً من متاحف ومنصاتٍ ثقافية رائدة، الوجهة التي تجمع مختلف المكّونات الثقافية، ومكاناً لتبادل المعرفة والإنتاج الحضاري بين الأوساط الفنية المحلية والإقليمية والدولية، وصولاً إلى استضافة العروض الفنية المرموقة وجلسات النقاش الثقافية والفكرية. الهوية الوطنية أما علي محمد المطروشي، مستشار التراث والتاريخ المحلي، بدائرة التنمية السياحية بعجمان، فأشاد باهتمام الدولة الواضح بإنشاء المتاحف المختلفة وإن كان التركيز على المحلي والوطني منها يعكس اهتمامنا بهويتنا وتاريخنا، ومن هذه المتاحف، متحف الاتحاد الذي افتتح في مناسبة الاحتفال باليوم الوطني الـ35 للدولة، ولاشك أن الحكومة الاتحادية تشجع إنشاء المتاحف باعتبارها مؤسسات متعددة الأغراض تخدم الهوية الوطنية وتعلم الأجيال الكثير من القيم السامية التي نعتز بها. وعن أهمية انتشار المتاحف وتنوعها في رفع الوعي والمستوى الثقافي للمجتمع، قال: إن أنواع المتاحف لاحصر لها فهي تخدم مختلف شؤون الحياة، فهناك متاحف الآثار والتراث الشعبي، وهي الأكثر انتشارا وتوجد في مختلف الإمارات، كما أن هناك متاحف متخصصة في جانب واحد كالتراث البحري والتاريخ العسكري ومتحف المرأة ومتحف السيارات القديمة.. وغيرها، وكلما ازدادت أعدادها وتنوعها كان ذلك مؤشراً على الثراء الثقافي والحضاري للبلاد، فالمتاحف في مجملها وسيلةٌ تعليمية وترفيهية ذاتُ بُعد اجتماعي وثقافي ووطني واقتصادي. علم المتاحف وأشاد المطروشي باهتمام الأفراد بالقطاع المتحفي وسعي البعض منهم لإنشاء متاحف متنوعة، موضحاً أن هناك عددا كبيرا ومتزايدا من المتاحف الخاصة أنشأها أفراد عاشقون للتراث الشعبي وبعض تلك المتاحف ملحقة بجمعيات الفنون الشعبية وتتفاوت من حيث غنى مجموعاتها بالقطع النادرة والثمينة، وهي مصدر فخر واعتزاز لمؤسسيها دون شك، من هنا انتشرت ظاهرةَ إنشاء المتاحف الخاصة عبر أفرادٌ من هواة جمعِ التراث الشعبي، وهم ينفقون بسخاء في سبيل تكوينها وتزويدها وإغناء مجموعاتها بالنوادر تحقيقاً لعدة أهداف منها إشباع هواياتهم الشخصية، والغيرة على التراث الشعبي من الاندثار. وتعد المتاحف الخاصة رافدا آخر للثقافة التراثية في الدولة، وتحظى باهتمام المسؤولين وتقام معارض خاصة للهواة في المناسبات الوطنية يشاركون فيها بمجموعاتهم التراثية. وفيما يتعلق برؤيته لعالم المتاحف في الإمارات الفترة المقبلة، قال المطروشي: «أتمنى أن تحرص الجهات المؤسِّسة للمتاحف على اقتباس أفضل الممارسات العالمية في مجال العرض المتحفي، وأن يتم استحداث تخصص لدراسة علم المتاحف في الإمارات، ولو في جامعة واحدة، تفادياً لوجود فائض من المتخصصين في هذا العلم النادر». مجد عريق من جانبه، يقول محمد سالم الزحمي، صاحب متحف متنقل يشارك به في مختلف المناسبات الوطنية، الثقافية والتراثية: أوصانا الوالد والمؤسس زايد بالمحافظة على التراث الأصيل والنبيل لبلادنا، والذي يشهد على الموروث الجميل للدولة وشعبها الكريم، فقد أمر بإنشاء المتاحف والأندية التراثية التي تعرّف الزائر بالأصالة الإماراتية، وكذلك تعلم الأجيال الناشئة عن كيفية المحافظة على التراث والتمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة، وهذا يظهر الأهمية الكبرى للمتاحف في المحافظة على الموروث الإماراتي، فهي الوجهة التي يقصدها الباحث والهاوي، ومنها تنطلق الثقافة والحنين إلى المجد العريق وهو مجد الآباء والأجداد، فلابد لنا أن ندرك أن المتاحف تحمل الذكرى العطرة للمجد والعطاء الصادق للوطن. ثلاثة متاحف خاصة قال أحمد عبيد المنصوري، الذي أنشأ ثلاثة متاحف خاصة، وهي «معبر الحضارات»، «الأسلحة القديمة»، «المخطوطات والكتب والمطبوعات القديمة»، قال إن الاهتمام بالمتاحف في الإمارات يعود إلى فترة ما قبل الاتحاد إيمانا بأهمية الآثار والتاريخ في حفظ الهوية والثقافة المحلية، ومن ذلك حين تم إعادة استخدام بعض البيوت القديمة المهجورة في الإمارات وتحويلها إلى متاحف تراثية، فكانت فكرة رائدة في منطقة الخليج، ومؤشر قوي على اهتمام الدولة بعالم المتاحف، وهذا شيء طبيعي لأن الدول المتحضرة تركز دوما على هذا الجانب كما تشجع الأفراد على المساهمة في المجتمع الثقافي عبر المبادرات الفردية ومنها إنشاء المتاحف الخاصة، فهناك من يهتم بعالم المخطوطات وآخر باللوحات الفنية وثالث بالتراث والتاريخ.. وهكذا. وأوضح المنصوي، أن هذه المبادرات تكمل جهود الحكومة، وغالبا ما تنتشر في المجتمعات المتقدمة، خاصة وأن المتاحف الخاصة لها دور كبير في التعبير عن ثقافة المجتمع، وكثير من الدول تنتهج هذا النهج ومنها دولة الإمارات، وهذا يتماشى مع الدور الريادي للحكومة، لأن المتاحف شيء بالغ الأهمية في ترسيخ الهوية الثقافية والوطنية للمجتمع، وتعبر عن مدى رقي الدولة بكل مكوناتها، علماً بأن زيادة المتاحف الفردية لها تأثيرها الايجابي على القطاع السياحي في الدولة، ويتمنى أن تولي الدولة مزيدا من الاهتمام لقطاع المتاحف الفردية لأنها تتطلب بيئات معينة وشروطا خاصة مثل الترميم وغيرها من الأمور الفنية المرتبطة بعالم المتاحف والتي ربما لا يكون متاحا للكثيرين من أصحاب مبادرات المتاحف الفردية القيام بها. وأكد المنصوري، أن المتاحف لها دور رئيس في غرس بذور الإبداع لدى الأطفال وأجيال المستقبل، حيث أثبتت الوقائع التاريخية دور زيادة المتاحف العلمية بإنجلترا في تحقيق مزيد من التقدم العلمي في بريطانيا خلال النصف الأول من القرن الماضي، كما أن المتاحف التاريخية خير شاهد على دور الأولين في بناء الوطن والترابط وحسن التواصل مع الشعوب والحضارات المجاورة عبر الآثار التي يتم عرضها داخل هذه المتاحف. متاحف أسرية يبيّن محمد سالم الزحمي أن سعي الأفراد لإنشاء المتاحف الخاصة يحمل دلالات عظيمة على محبة الأفراد للوطن والوفاء للقيادة الحكيمة، وكذلك التواصل مع المجتمع، ونحن ندعو كل أسرة لإنشاء متاحف أسرية، كما ندعو المجتمع بكل فئاته أن يتعاون مع الأفراد من أجل نشر المعرفة بكل أشكالها عن الوطن وقيادته الحكيمة والشعب الكريم، وكذلك المتاحف الخاصة التي تعتبر واجهة سياحية وإضافة لخريطة السياحة الاماراتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©