السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الولادة» تعكس بشاعة الحرب وجشع الإنسان

«الولادة» تعكس بشاعة الحرب وجشع الإنسان
22 مارس 2012
قدمت فرقة مسرح حتا للثقافة والفنون مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة مسرحية “الولادة” المشاركة، ضمن عروض المسابقة الرسمية للدورة الثانية والعشرين من أيام الشارقة المسرحية التي تستمر فعالياتها حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري. مسرحية “الولادة” من تأليف وإخراج علي جمال وهو الذي قام أيضا بتصميم الديكورات والمؤثرات الموسيقية وسينوغرافيا العرض، وشارك في تنفيذ المسرحية أدائيا كل من محمد إسماعيل في دور “إسماعيل”، والفنانة أشواق في دور “ شمس” وعبدالحميد البلوشي في دور”الجندي”. ويأتي عرض “الولادة” كجزء ثان ومكمل لمسرحية “الرهان” التي قدمها على جمال في دورة العام الماضي من أيام الشارقة ونالت في تلك الدورة عدة جوائز في مجال الإخراج والتمثيل والإضاءة. يبدأ المشهد الأول من عرض “الولادة” بلقطات مستعادة من مسرحية “الرهان” التي قدمت العام الماضي، وتلخص اللقطات التي عرضت بأسلوب سينمائي مناخات المسرحية السابقة ومفاصلها الأساسية التي قامت على فكرة الجشع، وعلى جبروت الحرب التي يمكن لها أن تبيد وتدمر أكثر المشاعر الإنسانية نقاء وشفافية، وهي تلك المشاعر المتعلقة بالرباط الأسري وعلاقة الأخ بأخيه، والنهاية المأساوية لهذه العلاقة عندما يقوم شخص غريب وماكر في إحداث الفرقة والفتن بين الأشقاء، وتحويلهم في لحظة شيطانية عاصفة إلى أعداء، يستعيدون الإرث الدموي الثقيل والعارم في الذاكرة الشعبية والدينية حول الأخوين هابيل وقابيل، والمرارات والكوابيس التي خلفتها تلك الحكاية المريعة في التاريخ البشري منذ البدايات السحيقة وحتى الآن. يمارس علي جمال في مسرحية “الولادة” الإضاءة الخافتة الملائمة لانكسارات وعذابات الشخوص، وكذلك استخدامه للعناصر المتحركة في السينوغرافيا، كي تتناسب مع التصاعد الدرامي المتدرج في بنية العرض، كما استعان جمال بالغلالات والستائر الشفافة كي يمارس لعبة المماهاة والتداخل بين الزمن الراهن، وبين زمن الذاكرة المتقاطعة بدورها مع فضاءات الجزء الأول مع المسرحية، خصوصاً في تلك المشاهد التي يستعيد فيها (إسماعيل) صورة شقيقيه (قاسم) الذي تسبب في قتله، بعد أن جعله ضحية جاهزة للموت على يد الجندي الغريب، والذي حلّ على الأخوين كما يحلّ الخراب على المجتمعات الآمنة والمستقرة. وبخلاف (قاسم) الذي ذهب ضحية للجشع الأعمى، نرى الشخصيات ذاتها التي تكررت في مسرحية (الرهان) وهي إسماعيل والجندي الغريب، مع دخول شخصية جديدة هي شمس (الفنانة أشواق)، التي تجمعها المصادفة بإسماعيل في أحراش يابسة قرب أحد المستنقعات المهجورة، وتدور بين الاثنين حوارات مطولة بدت هادئة أحيانا وصارخة في أحيان كثيرة، لتعكس مدى خوف أهالي المنطقة من بعضهم بعضاً، ومدى غموض نواياهم، خصوصا أن الحرب الدائرة في المدينة والتي هجّرتهم من قراهم وبيوتهم، جعلتهم يعيشون وسط دوامة هائلة من الريبة الشكوك والصراعات المتأججة. وبعد مد وجزر، وصمت وصخب، يتلاقى شمس وإسماعيل في مسار نفسي مشترك قوامه الإحساس بالذنب وتأنيب الضمير، فإسماعيل نادم على تسببه في قتل أخيه، وشمس نادمة على تسببها في قتل زوجها الذي تركته وسط الأمواج كي تنجو هي وجنينها الذي تحمله أحشائها من جحيم الحرب، وبعد أن تلد المرأة، يبدأ إسماعيل في التودد إليها، وإلى طفلها الرضيع، كتعويض نفسي ربما عن الخسارات الكبيرة في حياته والتي لم تشتمل على دفء العائلة وشعور الأبوة، ولكن اقتحام الجندي الغريب إلى هذا الملكوت العائلي الدافئ، يتسبب مرة أخرى في إحداث الفوضى والقلق، ويعيد لإسماعيل ذاكرة الموت التي كان على وشك التخلص من تبعاتها وويلاتها، وبالتالي كان الحل الوحيد أمام إسماعيل هو قتل الجندي والتخلص منه نهائيا، وهو ما يحدث فعلا، ولكن موت شمس إثر معاناتها الولادة المتعسرة يجبر إسماعيل على الاهتمام بطفلها الرضيع والدخول في معترك حياتي جديد، لأن الحياة لا تعرف التوقف، ولأن الولادات والبشارات سوف تستمر رغم الطابع البشع والعنيف والإقصائي للحروب التي تدور حولنا. ومقارنة بالمعالجة الإخراجية المتماسكة والأداء التمثيلي المتقن، ولغة الحوار العالية والفاتنة التي ازدحم بها عرض “الرهان” في العام الماضي، فإن عرض “الولادة” جاء على عكس التوقعات الزاهية التي عادة ما يفاجئنا بها علي جمال، حيث كانت الحبكة تائهة، وخلت الحوارات تماما من المفردات الشعرية والرمزية، خصوصا أن اللغة الفصحى التي اعتمدها العرض، تمتلك الكثير من المفاتيح والأسرار اللغوية التي يمكن أن تتجاوز اللغة الواضحة والمباشرة التي طغت على حوارات “الولادة”، وكان أداء الممثلين ضعيفا وغير متوقع، خصوصا الفنان محمد إسماعيل الذي كان دوره أقرب لشبح أو ظل باهتاً مقارنة بالدور الذي قدمه في مسرحية “الرهان” العام الماضي. فعاليات اليوم يعرض اليوم في السابعة مساء على خشبة مسرح قصر الثقافة مسرحية «الف ليلة وديك» لفرقة مسرح النادي الأهلى، تأليف طلال المحمود واخراج مروان عبدلله صالح. كما يتم في الخامسة مساء عقد ندوة تكريمية للفنان ابراهيم سالم في قاعة المؤتمرات بقصر الثقافة وذلك بمناسبة فوزة بالشخصية المسرحية المحلية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©