السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نضال محمود جبر صاحب الصوت الذي نسمعه كل يوم ولا نرى صاحبه!

نضال محمود جبر صاحب الصوت الذي نسمعه كل يوم ولا نرى صاحبه!
26 مارس 2011 22:14
دخل صوته الآذان والعقول والقلوب وبقي الجندي المجهول لأنه لم يخض بعد مغامرة إعداد وتقديم برنامج له بصوته وبكلماته، فلا يزال في البداية لأنه يعمل يومياً على تثقيف ذاته والاستماع جيدا للأصوات المميزة التي تعرف لعبة اللحن ولعبة التعامل مع اللغة العربية بشكل يتناسب ومعانيها وأهدافها.. إنه نضال محمود جبر الذي أحسن أحد المعارف تقديمه بالقول إنه الصوت الذي نسمعه كل يوم ولا نراه في إعلانات البرامج في قناة أبوظبي الأولى وأبوظبي الإمارات. أمية درغام (أبوظبي) - نضال محمود جبر من مواليد الإمارات وترعرع في جنباتها ودرس وتخرج من جامعة الشارقة في الدفعة الأولى بكالوريوس في الاتصال الجماهيري - تخصص الإذاعة والتلفزيون. أما كيف قادته الطريق إلى عالم الصوت وتأثيراته واللغة بخياراتها ومعانيها، فيقول «منذ البداية كنت أهوى الإذاعة، ولكن قبل التخرج كان الجواب حين أدق الباب أن «تخرّج وتعال»... وهذا برأيي منهاج غير مقبول في المجال الإعلامي لأن النظريات لا قيمة لها من دون التطبيق. وهذا ما سبّب لي صدمة أنا وكثير من الخريجين بعد تخرّجنا. عملت بداية محرراً في مجال الاقتصاد في قناة دبي الاقتصادية، ثم تنقلت في شركات خاصة وسمع صوتي أحد الزملاء وربما اكتشفه وعرض عليّ أن أضع صوتي في التعليق على أفلام وثائقية لكبريات المحطات الفضائية العربية، وهذا ما دفعني إلى تدريب صوتي ولغتي التي ساعدني في صقلها والدي كونه مدرّس لغة عربية». خطورة الصوت لا يهرب نضال محمود جبر من تحريك الكلمات في الجملة، وابتعد عن النصية القائلة «سكّن تسلم»، واكتشف جمال الحركة في اللغة العربية وراح يعمل بين التعليق في البرامج والأفلام الوثائقية وبين التعليقات الإعلانية مكتشفاً اللعب بأوتار الصوت وبالعزف عليها ونقلها بوعي من طبقة إلى أخرى، إلى أن قدم إلى قناة أبوظبي الأولى وأبوظبي الإمارات، ولم يمنعه هذا من التعليق أحياناً بصوته على برامج رياضية لقناة أبوظبي الرياضية حين يُطلب صوته، وأبوظبي دراما للترويج للمسلسلات وتواقيت عروضها. لكنّه بقي الجندي المجهول، فهو لا يخبر عن عمله، حتى بعض أصحابه لا يعرفون ماهية عمله ولا يعرفون أن هذا هو صوته الذي يسمعون. يقرأ ويتدخل في النص، ويكتب ليقرأ ويتشارك كل فريق العمل في تحديد العبارات ومواقعها، فللصوت خطورة في اللحن الذي يأخذنا من التراجيديا إلى الكوميديا، من الجدية إلى الهزل.. في العبارة نفسها. وفق الحدث يميل نضال إلى المنحى الدرامي التراجيدي أكثر من المناحي الأخرى.. ونبرته تتغيّر وفق الحدث في المسلسل الذي يروّج له ويتحدث عنه.. ومع الكوميديا ينحّف من نبرة صوته ومع الحركة تلعب الكلمات وتعلو النبرة وتخفت، ويقول «مستحيل أن أقرأ عن الرياضة بحسّي الدرامي التراجيدي». مع اللغة، كان له قصة أخرى، فبالإضافة إلى ثقافة والده كان لديه التحدي في البحث عن أسباب الحركات في نهاية الكلمات في كل جملة، فهو وجد نفسه يقرأ ويحرّك بشكل صحيح بالفطرة، ولكن عند البحث عن سبب حركة لكلمة في جملة، كان يتصل بوالده ليعرف السبب، وساعده على التقدم التشجيع من الوالد ومن الزملاء والمدراء الذين يتعاملون معه. ويقول «نعمل كخليّة واحدة. نكتب النص معاً وأحياناً تأتيني فكرة وأنا أقود سيارتي، فأتوقف وأكتبها على دفتر مدوّنات يبقى رفيقي الدائم، فأعرضها على الشباب في العمل ويبدأ التباحث وتتشكل الجملة المطلوبة والكلمات الأشد وقعاً على الأذن». ويضيف «يتفاجأ بعض الناس حين يعرفون أن هذا الصوت صوتي، وفعلاً المعلّق من دون برنامج خاص به هو كالجندي المجهول في المعركة... واكتفى بهذا القدر من الامتنان لما أقوم به وفي بالي أن أقوم ببرنامج أناقش فيه مشاكل الشباب وطموحاتهم، ولكنني لم أطرح الفكرة يوماً فأنا أعيش ما أقرؤه وأشعر به وألعب الدور المطلوب، وأتلقى النقد من الفريق ومن مديرتي لكي أجيد، ولمهندسي الصوت براعتهم في طلب الإعادة للوصول للأفضل في أسلوب الإلقاء». اعتذار لاري كينج من الذين أثروا في تفكيره أو أن مواقفهم كان لها الأثر في حياته المهنية، لاري كينج الذي اعتذر من جمهوره في أول اطلالة له حين شعر بأنه أخطأ، فكسر الرهبة والحاجز بينه وبين الجمهور ليطالب به الأخير فيستمر ويشتهر في مهنته، وهو إعلامي أمريكي بارز ولد في 19 نوفمبر 1933. ويعمل حاليا في قناة سي أن أن ويقدم برنامجه الشهير «لاري كينج لايف». والنظرية التي اتبعها في إطلالته الأولى تسمّى بإذابة قالب الثلج. ثمة أصوات يتأثر بها نضال ويحاول تقليدها ويستمع إليها جيداً، وعن البدايات يقول «كان بودّي لو أنني وجدت في البداية من يتبناني ويوجهني ويدرّبني ولكن ما مضى قد مضى، وها أنا وإن سلكت درباً طويلاً أجد نفسي قد دربت نفسي وتعبت على نفسي من أجل ايصال الأفكار بصوتي بالأسلوب الأفضل». ويرى نضال أن الصوت موهبة ربّانية، وعلى المرء الذي يتمتع بهذه الموهبة تنميتها والمحافظة عليها. ولا يكتفي نضال محمود جبر بالصوت فهو يكتب في غالب الأحيان ويبحث عن الكلمات المؤثرة والمناسبة ضمن فريق العمل، وقد يعدّل في جملته خلال البحث مع فريق العمل ليصلوا معاً إلى قناعة بما كتب لإلقائه. أوتار الحنجرة ولم يجرّب نضال صوته في الغناء، إنما يستخدم الغناء لوحده في البحث عن حركة أوتار الحنجرة وفي التنقّل بين الطبقات، وتلعب الأمثلة العربية والقصص والروايات والكتب السياسية دورها في تثقيفه بالأفكار وباختيار الكلمات المؤثرة. ويتحاشى في اللغة العربية استخدام كلمات توحي بما لا يتوافق مع هدف الرسالة التي يطلب ايصالها، ويبتعد عن الكلمات التي تخدش الحياء إذا لم تكن واضحة المعنى في سياق الجملة. يعجبه العمل مع مهندسي الصوت لأن لديهم «أذناً موسيقية وبوسعهم التقاط النشاذ أو عدم الرضا في الإلقاء فيطلبون الإعادة، وهذا لوحده تدريب يضاف للمرء على تدريبه لنفسه». لا يعرفه أحد حين يقرأ نضال عن شخصية مهمة، يضع نفسه مكانها، كي يوصل نبض أهمية الشخصية من خلال الصوت.. والعمل الناجح برأيه هو عمل فريق متجانس ومتكامل ما يجعله فرحاً بعمله حتى لو لم يعرفه أحد حين يخرج من باب المكتب.. وهو لا يتبرّع في العادة للتفسير للناس عن طبيعة عمله.. يسجّل صوته ويدرّب نفسه ويقرأ ويكتب... ويمضي..!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©