الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد عبدالمقصود: أثناء الإفطار أتناوب مع زملائي على خدمة الزبائن

محمد عبدالمقصود: أثناء الإفطار أتناوب مع زملائي على خدمة الزبائن
5 سبتمبر 2009 01:34
تتصاعد رائحة الحلويات والمعجنات على أنواعها في المخبز الكائن بين منزلي وموقع العمل، تتأفف زميلة من الروائح التي تراها مزعجة للصائم. أما في المخبز فالقصة تختلف، إذ أن هناك من يعدّ لنا الكعك والحلويات الشهية، مثل السيد محمد عبدالمقصود محمد، الذي يجهز تلك الحلويات التي لا نجدها متوفرة بكثرة إلا في شهر رمضان، فباتت تسمى بالحلويات الرمضانية مثل العوّام والمشبك وأصابع زينب، ناهيك عن الحلويات الأخرى التي تنتشر رائحتها في المخبز. فلسفة خاصة ثمة فلسفة في مطابخ العالم لروائح الطعام، ولمحمد فلسفته الخاصة حيالها، فهو يعمل في المخبز ويلتزم الصيام في رمضان شاكرا الله على نعمة الإيمان وقوة الإرادة، بحيث يجعلانه لا يتأثر بكل الروائح المحيطة به. وهو يقول:»الصائم لا يتأثر إلى درجة أن يخسر صيام يوم». وتقوم فلسفته في الروائح على أن «الأنف يعتاد روائح الحلويات وتصبح لا تأثير لها كما لدى من يعمل في مجالات أخرى ويدخل مخبزا ليشتري إفطاره، فيتأثر بالروائح الطيبة. ولذا فإنه من السهل عليه أن يحافظ على صيامه دون أية مشكلة، بل إنه حين يفطر يحاول مع زملائه التنويع في طعامهم وفي التحلية التي يختارونها، وهم حينها يختارون وجبة ساخنة عوضا عن السندويشات التي يؤمنها لهم مخبزهم». خدمة الزبائن تعلّم محمد الطهي بعد أن ابتعد عن أهله وسافر للعمل في أبوظبي، وفي البداية كان يساعد زميل سكنه في الطهي، وتعلّم منه عبر المراقبة والتجربة، وهو لا يختار المأكولات السهلة في التحضير، إذ لا يتوانى عن طهي الملوخية كما تطبخها الوالدة في الإسكندرية. ويؤسفه أن بعض الشباب لا يتعلمون الطهي ويكتفون بالسندويشات والحلويات الجاهزة، وهو يرى الكثير من هؤلاء، ومنهم من يفطر واقفا وقد يكون ذلك بسبب نوع عمله. وفي الإفطار، يتناوب محمد مع زملائه في خدمة الزبائن، ومن يستريح في الداخل يفطر، ومن ثم يتولى التعامل مع الزبائن ليتمكن زميله من الإفطار بهدوء وسلام. والسبب كما يقول: «لا يقفل المخبز بابه حين الإفطار، ونحن نحضر ونبيع حلويات ومخبوزات أساسية في رمضان، وقد ينسى أحدهم إحضار الحلوى أو الكعك في اللحظة الأخيرة فيأتي لشرائها أو يتصل بنا لطلبها». تلبية رغبات الصائمين يقدم المخبز الذي يعمل فيه محمد خدمة توصيل الحلوى والكعك والسندويشات خلال الإفطار وقبله وبعده، إنما تتحدّد منطقة التوزيع بشكل يختلف عن الأشهر الأخرى. يقول:»من يوصل المطلوب على الموتوسيكل أو الموبيليت، هو صائم بدوره، ونخاف من أن يكون مرهقا وقد يعرض نفسه لحادث، ففضّلنا حصر منطقة التوزيع ضمن قطر محدّد كي لا نعرض الموزع للازعاج، ونحن لا نلبي الطلبات البعيدة أو المتعددة التي لم يتم إعلامنا بها مسبقا.لكن نسعى في الوقت عينه إلى تلبية الصائمين لدى الإفطار وخصوصا عابري السبيل الذين تأخروا على منازلهم لأنهم لا يزالون يعملون ولا يريدون سوى تناول طعام الإفطار ومتابعة العمل». الزبون على حق يعاني محمد بعض التوتر لدى عدد من الزبائن ولكنه يتحاشى التعامل معهم ويتجنبهم خشية حدوث أي إزعاج، فالصوم ليس صوما على الطعام والماء وحسب، إنما صوم عن العصبية وإيذاء الآخرين. يقول في ذلك: «لا أحب أن يضيع علي يوم صيام جراء كلمة سيئة تصدر عني نتيجة الانفعال حيال توتر الزبون، وأنا أساسا أرى أن الزبون دائما على حق، ولكن لا ألوم الزبون إذا ضيّعت يوم صيامي في الغضب إنما ألوم نفسي، لأن للناس طباع وسلوكيات مختلفة، وثمة من يريد افتعال مشكلة مع أي كان ولست مقصودا بها، فأتحاشى هذا النوع من الناس». ويرى محمد أن الأساس في رمضان أن يرى الإنسان الطعام ولا يتناوله وإن كان جائعا، أن يرى الماء ولا يشربه وإن كان ظمآنا، أن يشعر مع المعوزين الذين يعيشون أيامهم كلّها وهم غير قادرين على تناول ما تشتهيه نفسهم. يمضي محمد أيام رمضان بفرح، وقد اعتاد منذ أن كان ولدا على التحمل والصبر وتطويع الذات لصيام يقربه من الله كلما تشارك مع زملائه والمعوزين في الأحاسيس والمعاناة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©