الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يبقى المسرح ما بقيت الحياة

يبقى المسرح ما بقيت الحياة
22 مارس 2012
غالبا ما انتهت أيام الشارقة المسرحية في السابع والعشرين من مارس. وقد حدث طيلة المرات الاثنتين والعشرين التي هي عمر المهرجان من السنوات والدورات المتعاقبة. إنه يوم المسرح العالمي .. عيد المسرحيين في كل العالم الذي بدأه المسرحيون العرب منذ ثمانينيات القرن الماضي على خجل واستحياء ليصير يوما معلنا تحتفي به الدول منذ التسعينيات اللاحقة، ثم ليتوطّد أكثر عندما بدأ المسرحيون العرب يساهمون عالميا في هذا الاحتفال فكان الراحل الكاتب المسرحي الكبير سعد الله ونّوس أول مَنْ خطا على هذا الطريق فتخصه اليونسكو بقول كلمة مسرحيي العالم في العام 1997، ذلك العام الذي كان الرجل يجمع فيه آلامه وأحلامه وأفكاره وأعماله ويتأهب للغياب الطويل.. الطويل. محكومون بالأمل آنذاك قال ونّوس كلمته الخالدة: محكومون بالأمل. كما لو أن الأمل هو تلك البذرة التي تنمو في رحم اليأس ليولد ثم يتفتح وردة هشة تشبه تلك الوردات البرية التي تنمو صدفةً في ضلع صخرة أو بين حجرين راسخين. هذا الامل بذرة المسرح التي نمت وكبُرت مع عدد من المسرحيين العرب وتجاربهم الكبيرة التي لم تترك أثرا على التجارب المسرحية في بلدانهم وحدها فحسب بل تجاوزت حدود الجغرافيا لتبلغ جغرافيات عربية اخرى كانت ما تزال تتلكأ عند حدود الكلاسيكية المسرحية العربية دون المقدرة على تجاوز الشكل والمضمون. لم يكن ذلك عرسا عالميا فقط إنما حدثا عربيا بامتياز، فذلك الرجل لحق به التهميش رغم أنه قال يوما ما: “لقد سرقت إسرائيل أعمارنا، أبناء جيلي وانا وأبناء الجيال اللاحقة”، وظل كسواه من المسرحيين العرب والمسرح العربي إلى أن لفت انتباه المؤسسة الرسمية العربية اختيار سعد الله ونوس ليقول كلمة المسرحيين، من العرب والعالم كله ولتكون كلمة عميقة في ثقافة السياسة وفي سياسة السياسة: “محكومون بالأمل” وهو القارئ الكبير للتاريخ العربي المعاصر والتراث الشفوي العربي بكل حكاياه وأطيافه. إذن علينا أن نستمر. كما لو أنه يخاطب نفسه ويخاطب مثقفي أمته بأكملها. ثم ليأتي كاتب مسرحي عربي آخر من الإمارات بل من سدة الحكم ذاتها بعد عشرة أعوام، أي في العام 2007، ليقول الكلمة بالمناسبة ذاتها. صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الآخر رجل يشغله التاريخ ومعناه إذ يسقط على الحاضر بكل ثقله الباهظ، حتى لكأن كتابة المسرح بالنسبة له نوع من الممارسة التي يشغل بها الأرق عنه، فضلا عن الوعي بدور التاريخ في إعادة إنتاج الراهن والحاضر ومقدرته على التأثير فيه. “نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة”، بهذه العبارة المفعمة بالأمل يستدرج الكاتب المسرحي سلطان بن محمد القاسمي الفكرةَ من عليائها لتصير يقينا واقعيا ينبغي التعامل معه، وكأنه على وشك أن يكمل عبارته تلك بـ: أما الزبد فيذهب جفاء. ومثلما هو الخطاب المسرحي في دلالته الواسعة والكبرى جاءت الكلمة القصيرة لصاحب السمو مقتضبة لكن مكثفة ومعبرة عن أوجاع إنسانية تعصف بالبشرية كلها في اللحظة الراهنة: “والمسرح حياة، فما أحوجنا اليوم إلى نبذ كلّ أنواع الحروب العبثية والاختلافات العقائدية التي تؤجج من دون وازعٍ من ضميرٍ حيّ، ومشاهد العنف والقتل العشوائي تكاد تغّلف المعمورة بأسرها، مصحوبة بهذه الفوارق الشاسعة بين غنىً فاحشٍ وفقرٍ مدقع، بين أجزاءٍ من العالم المنكوبة بأوبئة لا تتظافر قوى الخير من أجل القضاء عليها كأمراض الإيدز وغيرها من الأوبئة المستوطنة، إلى مشكلات التصحّر والجفاف في ظل انعدام الحوار الحقيقي مع بعضنا بعضًا من أجل العالم الذي نعيش فيه مكانًا أفضل”. عروض وفعاليات في أية حال، وتحت رعاية صاحب السمو شهد مسرح قصر الثقافة مساء الأحد الماضي حفل افتتاح الدورة الثانية والعشرين من مهرجان أيام الشارقة المسرحية بمشاركة اثنتي عشرة فرقة مسرحية محلية تسع منها تتنافس على جوائز المهرجان وثلاث تعرض على هامشه إلى جانب ثلاثة عروض مسرحية عربية من تونس وسوريا. وقد دعت إدارة المهرجان أكثر من مئة ضيف من كل الأقطار العربية لحضور فعاليات المهرجان الذي يختتم مساء الثامن والعشرين من هذا الشهر من بينهم مسرحيين ونجوم سينما ومدراء مهرجانات وعمداء جامعات وإعلاميين إضافة إلى عشرة طلاب تفوقوا السنة الماضية في كليات ومعاهد المسرح العربي. كما وصلت الدعوات إلى العديد من الشخصيات السياسية والاعلامية والثقافية في الدولة لحضور حفل الافتتاح ومشاهدة العرض المسرحي الفائز بالدورة الأولى لمسابقة الهيئة العربية للمسرح “جائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لأفضل عرض عربي” وهو عرض “الزهايمر” من إخراج وتأليف مريم بوسالمي من تونس. ويشهد مهرجان أيام الشارقة المسرحية العديد من الفعاليات المصاحبة حيث تم تكريم الفنان السوري دريد لحام بمناسبة فوزه بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي (الدورة السادسة) لسنة 2012 وذلك بمسرح قصر الثقافة، فيما يكرم الفنان الإماراتي ابراهيم سالم “شخصية المهرجان” ولهذه المناسبة أصدر المهرجان كتابين ضمّا مقالات وشهادات حول تجربتي الممثلين، وفي السياق نفسه ينظم المهرجان ليلة وفاء للأديب الراحل المقيم أحمد راشد ثاني وهي بمثابة تحية لاسهامه الكبير في ذاكرة المسرح الإماراتي؛ كما تقام حفلة تكريم للضيوف وللعروض المسرحية العربية المشاركة. ويشهد المهرجان على الصعيد الفكري والنظري ملتقى عقد يومي التاسع عشر والعشرين بفندق الهوليداي انترناشونال ويناقش فكرة “تاريخ الممثل في المسرح العربي” وذلك ضمن المحاور التالية: الممثل والنقد المسرحي: مناهج ومقاربات والممثل في تيارات المسرح العربي (الحكواتي، الاحتفالية..) والتكوين الاكاديمي للممثل في الوطن العربي: واقعه وافاقه، والممثل “ذات”.. الممثل”أداة”. ويشارك فيه إبراهيم سالم وسميرة أحمد من “الإمارات” والدكتور مصطفي مشهور من لبنان وعز الدين بوينت والدكتور مسعود بوحسين والدكتور جميل الحمداوي من (المغرب) وفايز قزق وماهر صليبي من (سوريا) وعادل حربي من (السودان) والدكتور هناء عبد الفتاح وخالد جلال من (مصر) وعبد الناصر خلاف وليلى بن عائشة من (الجزائر) وفاضل الجاف من (العراق) وعبد الرحمن أبو القاسم من (فلسطين) وغنام غنام من (الاردن). ويحتفي المهرجان بعدد من الطلاب والطالبات الذين تفوقوا في كليات ومعاهد المسرح في الوطن العربي لسنة 2011 وذلك من خلال فعالية جديدة بعنوان: “لقاء الشارقة لأوائل المسرح العربي” في الفترة من بعد غد السبت وحتى الاثنين الذي يليه وتقام أيضا بفندق هوليداي انترناشونال وتضم ورشتي عمل يشرف عليهما المخرج العراقي جواد الأسدي والممثل السوري فايز قزق، كما يشهد اللقاء محاضرة حول تاريخ المسرح الإماراتي يقدمها رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين اسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية والمخرج والممثل مرعي الحليان إضافة إلى مائدة مستديرة تنعقد تحت العنوان: “منظور الشباب إلى مستقبل المسرح العربي”. أما العروض التسعة التي تتنافس على جوائز المهرجان فهي: “النطاح” من تأليف عبد الله زيد وإخراجه، و”أمس البارحة” لفرقة مسرح كلباء من تأليف جمعة علي وإخراج عبد الرحمن الملا، و”الولادة” لفرقة مسرح حتا من تأليف علي جمال واخراجه، و”زهرة ومهرة” لفرقة “مسرح عجمان” من تأليف اسماعيل عبد الله واخراج أحمد الانصاري، و”من هب ودب” لفرقة مسرح “رأس الخيمة” من تأليف أحمد الماجد واخراج حسن رجب، و”اخوان شما” لفرقة “المسرح الحديث” من تأليف مرعي الحليان واخراح إبراهيم سالم، و”بهلول” لفرقة مسرح “بني ياس” من تأليف جمال سالم واخراج حبيب غلوم، و”ألف ليلة وديك” لفرقة مسرح دبي الأهلي من تأليف طلال محمود واخراج مروان عبد الله، و”صليل الطين” لفرقة مسرح الشارقة الوطني وهو من تأليف اسماعيل عبد الله واخراج محمد العامري. فيما ستعرض ثلاثة عروض محلية بموازاة المنافسة على جوائز المهرجان: (بومحيوس في المجلس البلدي) لمسرح دبي الشعبي من تأليف مرعي الحليان وإخراج محمد سعيد، و(عمبر) لمسرح العين من تأليف طلال محمود وإخراج سعيد الشرياني، و(كشتة) من تأليف عبد الله صالح واخراج غانم ناصر؛ كما يستضيف المهرجان العرض المسرحي السوري “سوناتا الربيع” من تأليف جمال آدم واخراج ماهر صليبي وقد سبق عرضه في مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما. وكانت اللجنة العليا المنظمة للمهرجان اختارت كل من المخرج والكاتب الإماراتي ناجي الحاي والمخرج الاردني مخلد الزيودي وصانع السينوغرافيا الكويتي موسى ارتي والمخرج البحريني خليفة العريفي والكاتب المصري ياسر علام في عضويّة لجنة الاختيار، فيما اختارت كل من الكاتب فرحان بلبل “ سوريا” والمخرج “ عبد الله يوسف” البحرين والسينوغرافي “وليد عمران” الإمارات والناقدة “لطيفة بلخير” من المغرب لعضوية لجنة التحكيم. ويشهد اليوم الختامي للمهرجان عرض مسرحية “طورغوت” لصاحب السمو حاكم الشارقة وهي من اخراج المسرحي التونسي المنصف السويسي وأداء فرقته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©