مصطفى عبد العظيم (دبي)
تتهيأ العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والأرجنتين لدخول مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، تتيح الاستفادة من المقومات والفرص الاستثمارية والتجارية التي تتمتع بها الدولتان اللتان تشكلان معاً قوى اقتصادية ناشئة في الشرق والغرب، حسب دانيال ملحم الخبير الاقتصادي الدولي بشؤون أميركا اللاتينية والشريك المؤسس لمجموعة «نايتس بريدج بارتنرز» الأرجنتينية.
واعتبر ملحم أن زيارة الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري للإمارات أمس الأول ولقاءه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله، تعكس الأهمية الاستراتيجية للإمارات بالنسبة إلى الأرجنتين، إذ حرص على التوقف في دبي وهو في طريقه إلى زيارة الصين، أكبر شريك تجاري لبلاده، ما يؤكد اهتمامه بإقامة علاقات استراتيجية مع دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي.
وأشار ملحم إلى أن الشهر الماضي شهد زيارات متبادلة على أعلى المستويات، حيث استقبلت بوينس آيرس وفودا إماراتية عديدة شملت وفد البعثة التجارية لغرفة دبي، ومجلس أبوظبي للاستثمار، ومؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، وشركة أبراج كابيتال. في الوقت نفسه، زارت وفود من وكالة مدينة بوينس آيرس للاستثمار، و«بي ايه انفستمت» ومجموعة «نايتس بريدج بارتنرز» الإمارات، وأجرت لقاءات عديدة مع مسؤولين حكوميين وممثلين للقطاع الخاص وقادة للمؤسسات المالية، معتبراً أن هذا العدد القياسي من الزيارات خلال فترة قصيرة رغم البعد الجغرافي، يعكس رغبة الطرفين القوية في زيادة التعاون في كل القطاعات.
وقال إن بناء شراكة استراتيجية بين القوتين الاقتصاديتين الصاعدتين، دولة الإمارات في الشرق، والأرجنتين في أميركا اللاتينية، التي عادت من جديد للانفتاح على العالم مع الإدارة الجديدة، سيفتح آفاقاً واسعة أمام البلدين في المستقبل.
وأشار إلى أهمية قيام حكومة الأرجنتين بالعمل سريعاً مع دولة الإمارات لإنشاء منصة للأعمال كنقطة انطلاق إلى أسواق أخرى، مشيرا إلى أن «نايتس بريدج بارتنرز» التي تدير استثمارات بـ 2.5 مليار دولار، تعمل بالفعل على التوصل لاتفاقيات مع أكبر شركات الأغذية في الأرجنتين لإنشاء قاعدة دائمة في دبي لاستيراد وإعادة تصدير المنتجات الغذائية.
وأضاف أن في المقابل يجرى كذلك التفاوض مع مستثمرين في الإمارات للاستحواذ على حصص كبيرة في أفضل شركات الأغذية الأرجنتينية، موضحاً أن هذه الخطوة لا تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل ستضيف أيضا ميزة هائلة للمنطقة، حيث تنتج الأرجنتين اليوم الغذاء لـ400 مليون نسمة، فيما يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة فقط، مشيراً إلى أن في غضون 5 سنوات سيزيد إنتاج الأرجنتين من الغذاء بنسبة 50%، كما يتوقع بحلول 2050 أن تنتج الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي نحو 50% من الصادرات الغذائية العالمية.
وكشف ملحم عزم مجموعة «نايتس بريدج» التي تمتلك مكاتب في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وأوروبا، افتتاح مكتب لها في الإمارات بحلول العام المقبل، للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة التي تزخر بها الإمارات، وأيضا لمساعدة المستثمرين الإماراتيين على اقتناص الفرص الاستثمارية الضخمة في أسواق أميركا اللاتينية وتحديداً في الأرجنتين.
وقال الشريك الإداري لشركة نايتس بريدج بارتنزرج في حوار مع «الاتحاد» إن الشركة تدرس فرص الاستثمار في قطاعات مختلفة في السوق الإماراتي خاصة في العقارات والمطاعم والواردات الغذائية والزراعية من الأرجنتين، مشيراً إلى وجود اهتمام كبير من مطور عقاري في الأرجنتين باستثمار أكثر من مليار درهم (300 مليون دولار) وبعائدات تزيد على 2.5 مليار درهم (700 مليون دولار) لإقامة مشروع عقاري يحاكي مشروعها في ميامي في أميركا.
وأشار ملحم أيضا إلى وجود اهتمام كبير من شركات التقنية في الأرجنتين لافتتاح مكاتب لها في دبي وتطلع عدد من البنوك الأرجنتينية لافتتاح فروع في مركز دبي المالي العالمي، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة زخماً في تدفقات الشركات الأرجنتينية ودول أميركا اللاتينية إلى الإمارات للاستفادة من موقعها وبنيتها التحتية ومناخ الأعمال للانطلاق إلى بقية أسواق المنطقة، مؤكداً أن الإمارات تشكل المركز المثالي ومحور الانطلاق الرئيس للشركات العالمية إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. وأشاد ملحم الذي يعد واحدا من أبرز الخبراء الاقتصاديين في أميركا اللاتينية والأرجنتين على وجه الخصوص، بالإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات في السنوات الأخيرة في مختلف القطاعات، وتصدرها العديد من مؤشرات التنافسية العالمية، مشيراً إلى أن هذه النجاحات تلهم دول العالم ومنها الأرجنتين التي تتطلع للاستفادة من هذه التجربة في استعادة مكانتها الاقتصادية على الساحة الدولية.
وأشار ملحم إلى وجود فرص واعدة أخرى أمام المستثمرين من دولة الإمارات في الأرجنتين في العديد من المجالات خاصة في مجالات الاستثمار الزراعي والغذائي، خاصة وأن الأرجنتين تتمتع بمناخ يساعد على تنوع المحاصيل الزراعية طوال العام، مشيراً إلى إجراء دراسة مشروع مشترك لتأسيس أكبر شركة لإنتاج البرسيم المجفف في الأرجنتين وإنتاجه وتصديره إلى أسواق المنطقة لاستخدامه كعلف، وإلى انخفاض تكلفة إنتاج هذا المحصول في الأرجنتين.
عدد اليوم
