السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البرنامج النووي السلمي الإماراتي.. صناعة القرارات الصحيحة

البرنامج النووي السلمي الإماراتي.. صناعة القرارات الصحيحة
15 مايو 2017 21:30
تلقيت بغبطة إعلان مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مؤخراً، عن اكتمال الأعمال الإنشائية الأولية للمحطة الأولى ضمن مشروع براكة للطاقة النووية، المشروع النووي السلمي الأول في دولة الإمارات. فقد حظيت بشرف الاطلاع عن كثب على البرنامج النووي السلمي الإماراتي منذ انطلاقته الأولى في العام 2009، وذلك من خلال عملي في «المجلس الاستشاري الدولي». وطوال الفترة الماضية ازداد إعجابي بدولة الإمارات التي انضمت حديثاً للمجال النووي السلمي، وذلك لسعيها المتواصل من أجل الحصول على الرأي المتخصص والمشورة، وبالتالي نجاحها في اتخاذ قرارات فاعلة وملائمة خلال كل مراحل تطوير برنامجها النووي. وأتاحت لي مدة عملي الطويلة في مجال الطاقة النووية فرصة متابعة التطور والتقدم الكبير الحاصل في القطاع النووي واكتساب الكثير من الخبرات الدولية التشغيلية، حيث تساهم الكثير من الدول حول العالم في تعزيز معارفنا الجماعية ومساعدتنا في الحفاظ على هذا المصدر المهم والمتنامي من الطاقة. وفيما تستعد دولة الإمارات لأن تصبح أولى المنضمين الجدد إلى مجتمع الطاقة النووية منذ عقود، فإنها لا تستفيد من هذه المعارف المتاحة فحسب، وإنما تسهم في تطويرها من خلال مشاركتها خبراتها الفريدة في بناء وتطوير هذا القطاع الجديد في الدولة. يعد تطوير برنامج جديد للطاقة النووية السلمية مشروعاً بالغ التعقيد والطموح في آنٍ واحد، وذلك لكونه يحتاج قدراً كبيراً من التخطيط المسبق. وفي حال جرى ذلك على النحو الصحيح، فإن النتائج ستكون مذهلة. وستزود المحطات الأربع في مشروع براكة للطاقة النووية السلمية عند استكمالها، شبكة دول الإمارات بـ 5.6 جيجاواط من الطاقة الكهربائية منخفضة الانبعاثات الكربونية. وقبل 8 أعوام فقط، لم تكن منطقة براكة أكثر من مجرد شاطئ رملي، ولكنها أصحبت اليوم تمثل موقعاً لأربع محطات نووية سلمية متطابقة وشامخة في الأفق، ولا شك في أن هذا بحد ذاته يعد إنجازاً كبيراً. أتاح لي المنصب الذي أشغله كرئيس لـ «المجلس الاستشاري الدولي» لدولة الإمارات العربية المتحدة الوصول التام لكل تفاصيل البرنامج. إذ وانسجاماً مع المبادئ التوجيهية الخاصة بـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، والمتعلقة بالدول التي دخلت حديثاً في مجال الطاقة النووية، بادرت دولة الإمارات بإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة وقوية تتمثل في «الهيئة الاتحادية الرقابة النووية»، وضمنت لها دوراً واضحاً ومتميزاً ومستقلاً عن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركة «نواة» للطاقة المكلفة بتشغيل محطات براكة وصيانتها. واختارت الدولة تصميم مفاعل نووي فائق التطور، حيث أبرمت اتفاقية مع واحدة من أبرز الشركات العالمية المتخصصة لإنجاز عمليات الإنشاء والتشغيل. وبذلت الدولة جهوداً كبيرة في إنشاء وتطوير قوة عاملة متخصصة في مجال الطاقة النووية، وأتاحت لها فرصة النمو والتعلم من نخبة تضم أرقى الخبرات في المجال النووي، والتي جرى استقطابها من مختلف أنحاء العالم. ومع نشوء مخاوف تتعلق بضمان الجودة تجاه عناصر معينة تتعلق بسلسلة التوريد، تصرفت كل من دولة الإمارات ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية على نحو سريع ومسؤول، للتعامل مع هذه المخاوف والمضي قدماً بالمشروع. واتخذت دولة الإمارات كذلك إجراءات حاسمة في أعقاب كارثة فوكوشيما باعتماد تعديلات شملت تصميم المشروع، إلى جانب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة احتمالات حدوث أمواج التسونامي والزلازل، وارتفاع منسوب مياه البحر في الخليج العربي. كما قامت بتطبيق التوصيات الخاصة بموقع مولدات الطاقة في حالات الطوارئ، وتلك المتعلقة بتسهيل واستدامة التواصل الوثيق بين مختلف الجهات الحكومية. وعلاوة على ذلك، برهنت خطط الأمن القوية وأنظمة الحماية الفائقة التطور التي اعتمدتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على الدور المحوري الذي يلعبه التخطيط السليم، والذي يتيح للدولة القدرة على الاستفادة على النحو الأمثل من الاستخدامات السلمية والآمنة للطاقة النووية. ولا بد من الإشارة إلى أن البرنامج النووي السلمي الإماراتي يشكل المعيار الذهبي فيما يتعلق بتطوير البرامج النووية، وهو يستحق هذا التوصيف من دون أدنى شك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©