الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تقنيات مبتكرة بمعهد مصدر لتعزيز استدامة المياه العذبة

تقنيات مبتكرة بمعهد مصدر لتعزيز استدامة المياه العذبة
25 يونيو 2016 20:44
أبوظبي(الاتحاد) يركز باحثون في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا على تطوير تقنيات وحلول مبتكرة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي، بهدف دعم البنية التحتية الخاصة باحتياطي المياه في الإمارات، وكذلك تعزيز دورها الرائد على مستوى العالم في مجال معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامه. وباعتماده على البحث والابتكار، يعمل معهد مصدر على دعم الجهود الرامية لتطوير تقنيات جديدة لمعالجة المياه العادمة في دولة الإمارات، بالإضافة إلى تقديم رؤى وأفكار جديدة حول السبل الأمثل لإعادة استخدام المياه المعالجة، وهو ما يدعم مساعي دولة الإمارات لتحقيق أهدافها الطموحة في مجال معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها. وقالت الدكتورة بهجت اليوسف، المدير المكلف في معهد مصدر: «في منطقة تعاني من شح الموارد المائية وتعتمد بشكل كبير على عمليات تحلية المياه المكلفة والمستهلكة للطاقة لتأمين أكثر من 80% من حاجتها للمياه العذبة، تكتسب الابتكارات والاختراعات الموجهة لمعالجة مياه الصرف الصحي وفق طرق فعالة أهمية كبيرة نظراً لمساهمتها الهامة في تلبية الطلب المتزايد على المياه في الدولة». ولطالما كان معدل استهلاك الفرد للمياه في أبوظبي من بين الأعلى في العالم، كما يتجاوز معدل استهلاك الإمارة من المياه حالياً معدل إعادة التغذية الطبيعية لاحتياطي المياه الجوفية ب 24 ضعفاً. وبناءً على ذلك يتحتم على دولة الإمارات العمل على تطوير بنية تحتية مائية ذات كفاءة عالية. ومن جانبه، أوضح الدكتور ستيف غريفيث، نائب الرئيس للأبحاث في معهد مصدر، أن المعهد ماض في تصدر الجهود البحثية في مجال معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وتعزيز دوره البارز في تطوير نظام مائي عالي الكفاءة في دولة الإمارات، مؤكداً أن الأبحاث التي يجريها أساتذة وباحثو المعهد في هذا الميدان تدعم تحقيق إدارة مستدامة للموارد المائية في دولة الإمارات. ويبحث عدد من الأساتذة الباحثين في كل من مركز أبحاث المياه (iWater) ومركز النظم الذكية (iSmart) التابعين لمعهد مصدر على ابتكار تقنيات وحلول تتيح معالجة مياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية في أبوظبي وفق أساليب مستدامة ومنخفضة التكلفة، وذلك في مسعى لمساعدة الإمارة على تلبية احتياجاتها المتنوعة للمياه العذبة. جودة المياه وباتت مسألة مراقبة وضمان جودة مياه الصرف الصحي المعالجة أمراً حتمياً لتأثيرها على صحة الإنسان وسلامة النظام البيئي بشكل عام. ولذلك، تركز محطات المعالجة بشكل رئيسي على ضمان خلو هذه المياه من الملوثات الضارة، بما فيها المركبات العضوية وغير العضوية والميكروبات والعناصر المشعة. وسيتيح استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في التبريد وري المسطحات الخضراء توفير المياه الصالحة للشرب ليتم استخدامها في مجالات أخرى كالاستهلاك المنزلي. لكن في ظل تدني مستويات المياه الجوفية وزيادة التعداد السكاني، يمثل توسيع نطاق استخدامات مياه الصرف الصحي المعالجة لتشمل ري المحاصيل الغذائية أيضاً أحد السبل الرئيسية الكفيلة بتلبية احتياجات الإمارات من المياه العذبة بصورة مستدامة. وضمن هذا السياق، قام فريق بحثي ضم كل من الدكتور فاروق أحمد، أستاذ مشارك في هندسة المياه والبيئة، والدكتور خورخي رودريغز، أستاذ مشارك في الهندسة البيئية والكيميائية، والدكتور أندرياس هينشل، أستاذ مساعد في علوم الحوسبة والمعلومات، بتطوير أدوات جديدة لتصنيف الملوثات المسببة للأمراض الموجودة في مياه الصرف الصحي المعالجة. ويركز هذا البحث المبتكر على تحديد مدى جودة المياه العادمة المعالجة وسلامتها من الميكروبات الحيوية وما إذا كانت بحاجة إلى تنقية إضافية قبل إعادة استخدامها في ري المحاصيل الغذائية وإدخالها في سلسلة الإنتاج الغذائي. وقد استخدم الباحثون الأدوات الجديدة في فحص سلامة المياه العادمة المعالجة من الملوثات المسببة للأمراض ضمن «محطة المفرق لمعالجة مياه الصرف الصحي»، وذلك باتباع ثلاث مراحل مختلفة من المعالجة تعقب عملية التعقيم بالكلور. كما قام الباحثون بإجراء تقييم للمخاطر وتحديد المضار الصحية المحتملة التي يمكن أن تنجم عن استهلاك المحاصيل الغذائية المروية بمياه الصرف الصحي المعالجة، خصوصاً تلك المتعلقة بتفشي بكتيريا السالمونيلا. وقال الدكتور أحمد: نأمل أن نتوصل إلى طرق ومعايير جديدة لقياس جودة المياه، يمكن تطبيقها بمساعدة مختلف الهيئات والمؤسسات الحكومية على مستوى الدولة. وحينها سيكون من الممكن اعتماد هذه المعايير لضمان جودة المياه العادمة المعالجة المستخدمة في ري المحاصيل الغذائية في الإمارات. من ناحية أخرى، تقود الدكتورة ليندا زو، أستاذة في قسم الهندسة البيئية والكيميائية، مشروعاً واعداً آخر في معهد مصدر يهدف إلى إنتاج مياه عذبة صالحة للاستخدامات الزراعية، وذلك باتباع نهج مبتكر وهجين يجمع بين تقنيتين هما أغشية الفلترة النانوية وأغشية التناضح العكسي. وأوضحت الدكتورة ليندا أن تنقية المياه بالاعتماد على نظم الأغشية، كأغشية التناضح العكسي، لوحدها يتسبب في إزالة العديد من العناصر المفيدة والمغذية خلال عملية التخلص من المواد الملوثة. وقالت:»سوف يتيح لنا أسلوبنا الهجين، الذي يستخدم أغشية فلترة نانوية تنتقي أيونات محددة جنباً إلى جنب مع أغشية تناضح العكسي تقوم بترشيح المياه، المحافظة على بعض العناصر المغذية ضمن المياه المعاد تدوريها بحيث يمكن استخدامها للأغراض الزراعية والصناعية. إن الأسلوب الجديد يتكفل بإزالة الملح والملوثات من المياه العادمة، مع المحافظة على العناصر المغذية كالأسمدة النباتية والكالسيوم والمغنزيوم والكبريت اللازمة لتعزيز نمو النباتات بشكل صحي وسليم، مما يجعل هذه المياه المعالجة مثالية للمزارع والمشاتل. ويشار إلى أن الدكتورة زو قد سبق وطبقت الأسلوب الجديد في محطات تنقية المياه التجريبية التابعة لمعهد مصدر ونجحت في إثبات فعاليته. تكنولوجيا النانو ويعتبر وضع معايير للجودة أحد السبل العديدة التي تصب في صالح تحقيق هدف الإمارات بتعزيز إعادة استخدام المياه العادمة، ويأتي ضمان تطبيقها بفعالية وكفاءة كخطوة إضافية على ذات الطريق. وبدورها تفسح تكنولوجيا النانو وابتكاراتها المهمة المجال واسعاً للتوصل إلى نظم وتقنيات متطورة لتنقية المياه، تتسم بكفاءة أكبر في إزالة الميكروبات وغيرها من الملوثات التي تحويها مياه الصرف الصحي. ومن جهته، يسعى معهد مصدر إلى الاستفادة من التقدم الكبير الحاصل على مستوى هندسة المواد وتسخير خبرته في هذا المجال لتطوير حلول تقنية متقدمة في مجال معالجة المياه العادمة تعتمد على طيف واسع من تقنيات النانو. ويشرف الدكتور شادي حسن، أستاذ مساعد في الهندسة البيئية والكيميائية في معهد مصدر، على مشروع بحثي مشترك مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) يركز على إلى إنتاج مياه عذبة عالية الجودة من خلال نظام مبتكر يقوم بعملية معالجة لاحقة تجمع بين التنقية باستخدام أسلاك نانوية، وهي عبارة عن فلاتر مصنوعة من جزيئات نانوية رقيقة من ثاني أكسيد المغنزيوم وثاني أكسيد التيتانيوم، والمعالجة الحيوية-الكهروكيمائية التي يجري خلالها تحلل الميكروبات إلى مركبات عضوية ضمن عملية تخمير لاهوائي تنتج إلكترونات حرة تفيد في توليد الكهرباء. كما يشرف الدكتور فاروق أحمد على مشروع بحثي مبتكر آخر يهدف إلى إنتاج مياه عذبة عالية الجودة بالاعتماد على تكنولوجيا النانو. ويبحث المشروع في تنقية المياه العادمة من الملوثات باستخدام نظام مستدام يشتمل على فلتر مصنوع من أنابيب نانوية كربونية وجزيئات نانوية من ثاني أكسيد التيتانيوم. وبدمج هذه الجزيئات بفلتر الأنابيب الكربونية النانوية النافذة للمياه، تقوم الجزيئات بامتصاص الملوثات من المياه العادمة لتعلق في الطبقة الكربونية. وحين تفقد الطبقة الكربونية القدرة على امتصاص المزيد من الملوثات، يمكننا تنظيفها بسهولة عبر تسليط ضوء على جزيئات ثاني أكسيد التيتانيوم الحساسة للضوء، الأمر الذي يتسبب في تفكك الملوثات. وقد تم إيداع طلب براءة اختراع عن هذه التقنية المبتكرة المصممة لإزالة ملوثات المواد الدوائية من مياه الصرف الصحي، والتي أثبتت نجاحها في إزالة عدد من هذه الملوثات الضارة المتواجدة عادة في مياه المراحيض، والتي تشمل مضادات الاكتئاب والذهان وأدوية الزهايمر وباركنسون والكثير غيرها. تقنيات ذات تكلفة منخفضة وكفاءة عالية أبوظبي(الاتحاد) في إطار جهوده لخفض التكلفة التشغيلية والبصمة الكربونية لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي، يجري معهد مصدر مجموعة من الأبحاث التي ترمي إلى ابتكار تقنيات مياه ذات تكلفة منخفضة وكفاءة عالية. ويقود الدكتور حسن أحد هذه الأبحاث الذي يركز على إنتاج مياه صرف صحي معالجة عالية الجودة وبتكلفة منخفضة من خلال استخدام مفاعل حيوي-كهربائي بغشاء مغمور (SMEBR)، تجري فيه بشكل متزامن عمليات حيوية، إلى جانب عمليات التنقية الغشائية والتنقية الكهربائية، وهي إزالة مجموعة من الملوثات باستخدام تيار كهربائي، وهو ما يقلل من اتساخ الأغشية ويزيد من إنتاج المياه النظيفة. وفي واحد من مشاريع معهد مصدر الرامية إلى خفض التكلفة التشغيلية والبصمة الكربونية لعمليات معالجة مياه الصرف الصحي، يشرف الدكتور خورخي رودريغيز على بحث ممول من قبل «الهيئة الوطنية للبحث العلمي» ويركز على تطوير حلول قادرة على إزالة النيتروجين بصورة أكثر فعالية من مياه الصرف الصحي في أبوظبي التي تتسم بمستويات حرارة وملوحة مرتفعة. ويعتبر خفض التكلفة التشغيلية واستهلاك الطاقة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي أمراً بالغ الأهمية لتعزيز التنافسية الاقتصادية لهذا القطاع. وبناء على ذلك، تلعب ابتكارات معالجة المياه منخفضة التكلفة دوراً أساسياً في ضمان الأمن المائي للدولة في المستقبل. وفي ضوء ارتفاع معدلات استهلاكها من المياه العذبة، تشهد دولة الإمارات تدنياً في منسوب مواردها من المياه الجوفية المحدودة أصلاً. وأوضح علماء من معهد مصدر أن هذه الموارد باتت غير قادرة على إعادة تغذية مخزونها بشكل كافٍ، نظراً للإفراط في الاستهلاك وارتفاع معدلات التبخر. وهذه العوامل مجتمعة تضعف قدرة الدولة على تأمين احتياطيات كافية من المياه العذبة، ومن هنا تبرز أهمية معالجة المياه العادمة التي يمكن أن تمثل مورداً حيوياً يسهم في التصدي لهذا التحدي. ومن جانبه، اعتبر الدكتور أحمد أن تأسيس بنية تحتية مائية مستدامة في أبوظبي لا يقتصر على مجرد الاكتفاء بمعالجة مياه الصرف الصحي وحسب، بل يجب أن يشمل أيضاً تخزينها في باطن الأرض، من خلال عملية تعرف باسم«إدارة تغذية المياه الجوفية»، والتي تتم بموجبها إعادة ضخ المياه العادمة المعالجة في خزانات المياه الجوفية الفارغة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©