الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«السلوقي» تقدم فانتازيا شعبية في مناخ داكن وسوداوي

«السلوقي» تقدم فانتازيا شعبية في مناخ داكن وسوداوي
24 مارس 2011 22:35
ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، عرضت مساء أمس الأول على خشبة مسرح قصر الثقافة بالشارقة مسرحية “السلوقي” لفرقة مسرح الفجيرة القومي تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج حسن رجب. وشارك في المسرحية التي جاءت داخل المسابقة نخبة من الممثلين المخضرمين الذين ساهموا في إثراء العرض والإبقاء على التوازن والتناغم بين نص ذي طابع محلي لا يخلو من خصوصية شعرية عالية وبين إخراج مميز ومتوفر على قدر كبير من التنويع المشهدي والإيقاع البصري اللامع داخليا رغم السينوغرافيا الداكنة التي طغت على العرض، والممثلون هم: إبراهيم سالم في دور طارش بن طارش، وعبدالله مسعود في دور حمدان، وجمعة علي في دور بوعكلوه، وحميد طارش في دور السلوقي، وسميرة الوهيبي من سلطنة عمان في دور سعيدة، وأخيرا الفنانة الشابة أمل محمد في دور عفرا. يذكر أن عرض السلوقي مستوحى من رواية “قلب كلب” للمؤلف الروسي ميخائيل بولغاكوف، وقام إسماعيل عبدالله باستثمار فكرة الرواية وإدماجها في قالب محلي صرف، ومن خلال حكاية شعبية مليئة بحس غرائبي وفانتازي تعود إلى فترة الاستعمار الإنجليزي، وسيطرة النواخذة على المناطق الساحلية، مع تحكمهم في مصائر الأهالي وتفاصيل الحياة وشؤونها، في تلك الفترة المتخمة بالقضايا الاجتماعية المغيبة والمقصية من الذاكرة. في كتيب العرض يذكر المخرج حسن رجب أن السلوقي هي لعبة مسرحية جديدة يخوض غمارها من خلال حكاية إنسانية ذات أبعاد فلسفية تم إسقاطها على الواقع المعاش في المنطقة، ويضيف رجب في كلمته أن الإنسان هو ركيزة العالم وأساسه وهو هدف هذا العرض وغايته، مؤكدا أن المسرحية تكمل مسيرة حافلة من التعاون الفني بينه وبين رفيق دربه المؤلف إسماعيل عبدالله، بينما يلخص عبدالله كلمته في مدونة العرض من خلال أبيات شعرية محلية ذات سبك قوي ومفعم بالأخيلة، يقول في هذه الأبيات: ما تنزرع شمس المقاصد في الأرض اللي ساسها بور بيدك تصب عينك يا جاحد احذر تراها الدنيا إتدور تزرع لجلب السكة والد تطغى وعلى الناموس بتجور درب الطغاة يجلب مفاسد دنيانا آخرها ترى قبور تشرع المسرحية في عرض مقولاتها حول ثيمات إنسانية مرّة وقاسية مثل الجشع والفساد والانتقام والاستعباد والذل، ابتداء من لحظة الدخول إلى العتبة الأولى للعرض والمتمثلة في الديكور المغلق والخانق لمنزل النوخذة عمران ــ عبدالله مسعود ــ المكون من أعواد خشبية والمحاط بأجواء قاتمة تصدر أساسا من الطبيعة الذهنية والسيكولوجية لعمران نفسه، وهي طبيعة متأزمة وعنيفة واستعلائية في ذات الوقت، ومع هيمنة أصوات النباح في هذا المنزل المتكالب على ظلمته يبدأ النوخذة في التعبير عن دواخله الغامضة لمساعده ومستشاره عكلوه ويقول له إن الكلب السلوقي الذي أنقذه واحتضنه في المنزل أصبح واحدا من سكان المنزل وأنه بات “عديل الروح”، مضيفا: “الكلب اللي يلحس إيدك، ما بيعضها”، في دلالة على الذوبان والاندماج الكلي الذي صار يتوج العلاقة بين الإنسان/ النوخذة وبين الحيوان/ السلوقي، وهي علاقة رغم التمايزات الفوسيولوجية المتضادة بدت من خلال التدرج في مستويات النص ومن خلال المعالجة التصاعدية للأسلوب الإخراجي أنها علاقة تنزع إلى تشكيل الكائن: “المسخ” الحائر بين نوازعه البهيمية، وبين هيئته البشرية الطامحة، والذي يمكن في لحظة مفاجئة وخيالية أن يكون عضدا وداعما قويا لسيده وولي نعمته. ومن خلال الصراع الشرس بين النوخذة العتيق والمتسيّد “طارش بن طارش” الذي قام بدوره الممثل إبراهيم سالم، المتعاون مع الإنجليز، وبين النوخذة الصاعد حديثا “عمران” يستغل هذا الأخير القدرات العدائية والانتقامية لكلبه السلوقي المتحول إلى إنسان من خلال العلاج السحري لدى الإنجليز والذي مارسه المساعد عكلوه على الكلب، كي يشيع فسادا في ممتلكات ومخازن النوخذة طارش، ولكن الكلب/ المسخ، سوف ينقلب في النهاية على سيده، وسوف يحرض الخادمة المستعبدة سعيدة، كي تتحرر من سطوة وسيطرة عمران عليها، وتصل مطالب السلوقي المتحول إلى الذروة عندما يطلب الزواج من الجميلة (عفرا) ابنة عمران، عندها ينقلب السحر على الساحر، وتنتهي المسرحية على هذا المزيج المسموم من المشاعر المعتمة التي تطال جميع الشخوص والمتمحورة على الانتقام المتبادل، والطغيان الأعمى، والجشع الذي لا يعرف له نهاية أو خاتمة. استطاع حسن رجب أن يتعامل بذكاء مع الزخم الشعري الكبير الذي احتشد به النص، واستخدم أسلوب تحريك الكاميرا السينمائية المعتمد على تقنية (التراك) حيث تتحرك الشخوص بثبات على جانبي الخشبة كي تقدم مضامين العمل من خلال مونولوجات شعرية تتداخل وبشكل ناجح مع الإيقاع البصري الفائر والمتأجج في بنية الحكاية. وكانت للإضاءة المكثفة والمركزة دورا في التعرف على نوازع ورغبات كل شخصية على حدة، بينما ساهم تكنيك خيال الظل في تعزيز الحالة الغرائبية المتماهية مع الواقع، الذي بدا في النهاية واقعا وحشيا ومنزوعا بقسوة من إنسانيته. يعرض اليوم تعرض في السابعة من مساء اليوم على خشبة مسرح قصر الثقافة مسرحية “حرب النعل” لمسرح الشارقة الوطني تأليف رسماعيل عبدالله وأخراج محمد العامري. وهو عرض داخل المسابقة.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©