محمد الناصر: القاهرة الإسلامية بطلة لوحاتي

يرتبط الفنان التشكيلي محمد الناصر بمنطقة القاهرة الاسلامية منذ اكثر من ثلاثين عاماً، حيث سحره المكان بعبقه وتاريخه منذ اول زيارة له، وهو طالب بكلية الفنون الجميلة، ومن وقتها وهو دائم الزيارة لهذا المكان الذي يشعره بالتاريخ والاصالة. وقد نتجت عن هذه العلاقة مجموعة كبيرة من اللوحات التشكيلية التي تبرز المساجد والابنية والاسبلة والناس، ليحتل المكان في اعماله البطولة المطلقة حيث يتشابك الواقع مع الخيال ليبدع مجموعة من اللوحات أكثر جمالاً• محمد الناصر فنان تشكيلي، وناقد فني وحاصل على بكالوريوس فنون جميلة عام 1979 وحائز أيضاً على درجة الدكتوراه عن موضوع الصورة الشخصية وابعادها الاجتماعية والنفسية في التصوير المصري، وتمتد تجربته الفنية لاكثر من ثلاثين عاماً وكل اعماله ترتكز على البورتريه والمنظر الطبيعي وبالتحديد الاماكن التراثية ورغم تصويره لعدة اماكن تراثية داخل مصر، مثل الاسكندرية وسيوة والاقصر واسوان، فإن اعماله الفنية عن القاهرة الاسلامية هي الابرز حيث تتألق المساجد والمآذن والابنية والبشر لتقدم صورة جمالية خلابة• سحر المكان يقول د•محمد الناصر ان القاهرة الاسلامية شدته منذ ان زارها للمرة الاولى في السبعينيات، وتبين له ان هذا المكان موح جدا على مستوى الابنية والمساجد والاسبلة حيث تحمل طرزا اسلامية تؤكد الاصالة والجمال فضلا عن البعد الروحاني والفلسفة الكامنة خلف هذه الابنية• ويضيف ان القاهرة الاسلامية اثرت على الناس الذين يعيشون بها، حيث تبدو في اشكالهم روح من بنوا هذا المكان بالاضافة الى طبائعهم ففيهم الطيبة والتسامح والعلاقات الحميمة وتوجد في هذه الاماكن المهن التراثية كالنحاسين والسقايين وكل المكان يشع بعبق التاريخ• ويوضح محمد الناصر انه دائم التردد على القاهرة الاسلامية وزيارة كل الابنية الموجودة بها من مساجد واسبلة وبوابات ورصد هذا المكان من خلال تقديم اعمال فنية تكشف عن جمالياته ولفتت انتباهه المآذن السامقة التي توحي بالسمو والارتفاع وركز على جماليات المساجد والابنية دون التطرق الى تفاصيل اخرى كالزخارف والموتيفات لان المكان هو البطل الاوحد في اعماله مع البشر القاطنين فيه• حوار مع التراث يعترف محمد الناصر أنَّه يذهب في احيان كثيرة الى المنطقة ليغترف من جمالها أو ليرسم اسكتشات للوحات فنية لاحقة، وهو ملتزم بشكل المباني والمساجد، لانها تراث يتحاور معه ولكنه يضيف للوحة البشر وتفاصيل المكان التي تتضافر فيها مخيلة الفنان مع واقع المكان وروحه التاريخية معتمدا على التبسيط والتلخيص وما يخدم التكوين الفني• ويوضح انه دائم البحث عن زوايا جديدة لاحساسه بالمكان الذي يوحي له باشياء كثيرة اثناء العمل، فهو يتعامل مع المكان من خلال طبيعته وفي حدود ألا يخرج عن الاطار الصحيح لشكل مبانيه واعجابه الشديد بالفنون الاسلامية في هذا المكان وتميزها بالطرز المتفردة التي توحي بالاستمرار، ولكنه كأي فنان له رؤية يحاول ان يوجدها في لوحاته ولا يتقيد في اعماله بشيء وانما يترك العنان لمخيلته واختياراته• ويتابع قائلاً انه يحاول في اعماله اضفاء الجمال على المكان بحيث يصبح اكثر تألقاً بحكم تعرضه لعوامل الزمن والاهمال، وهو دائم الاكتشاف لطبيعة المكان لدرجة انه قد يرسم منظراً واحداً اكثر من مرة ومن زوايا مختلفة، وطبيعة المكان توحي له بالثراء خاصة ان الفنون الاسلامية تحمل خصوصية وثراء وتتيح للفنان المتعمق التوصل الى أفكار جديدة• استنهاض الفن الإسلامي يعتبر محدثنا ان الفنون الاسلامية لها قوانينها وفلسفتها المعروفة، وكل فنان حر في اختيار عناصره من هذه الفنون وفق رؤيته وميوله، كما ان هذه الفنون تتيح للفنانين المعاصرين افكارا حية في الابداع، وهو ما يحيلنا الى فكرة الاصالة والمعاصرة وقدرة كل فنان على توظيف تراث هذه الفنون وتقديم اعمال فنية معاصرة. وما يقدمه الفنانون المعاصرون يحمل هوية منتمية الى الطابع الشرقي وسط طوفان المدارس الفنية الحديثة• وهو يدعو الفنانين المعاصرين الى استنهاض الفنون الاسلامية واعادة النظر فيها، وعدم الاكتفاء بالنقل المباشر أو اقتباس بعض الاشكال والوحدات الاسلامية، منها لأنَّ المسألة اعمق من ذلك، وبالنسبة له فقد تأثر بهذه الفنون وقدم اعمالاً تستوحي تراث القاهرة الاسلامية ليس بغرض ان تكون اعمالاً اسلامية الطابع، وانما بهدف الافصاح عن جماليات المكان وتاريخه•