صناعة دِلال القهوة تعكس رعاية الدولة لتفاصيل حياة الأجداد

ليس أدل من تصدر دلال القهوة في كافة المجالس على مكانتها لدى أبناء الإمارات، فلا تخلو منها المجالس الرجالية والنسائية ولا المضافات الرسمية، ولا صالات الاستقبال في المؤسسات، فدائماً يفوح أريج الهيل في أجواء تلك المجالس فور صبّ القهوة في فناجين الضيافة. يقول الباحث بشير يونس، أستاذ جامعي في التاريخ، إن تاريخ ظهور الدلة بمختلف أشكالها يعود إلى آلاف السنين، فقد ظهرت بداية في الجزيرة العربية قبل 500 عام من الميلاد. وعرفت البادية العربية منذ مئات السنين الدلال والفناجين واستخدمتها بشكلها الحالي، واعتمدتها كأدوات لسقاية القهوة العربية أحد رموز العراقة والضيافة، كما تطورت الفناجين مع مرور الزمن من أوان فخارية متسعة إلى أوان زجاجية وخزفية صغيرة، فيما حرص الأجداد على إشعال نار المعاميل لدلال القهوة، وأن تكون جاهزة في بيوت الشعر، للترحيب بالأقارب والضيوف». وانعكست رعاية أندية التراث بتفاصيل حياة الأجداد، من خلال الاهتمام بإعادة إحيائها، فأخذت على عاتقها «قرية التراث» في أبوظبي تنشيط مهنة صناعة الدلال بأنواعها ضمن المهن التقليدية القديمة التي يتيحها «السوق الشعبي»، فتفنن قسم الحدادة في إنجاز أشكال وأحجام متنوعة من الدلال كل منها تبز الأخرى جمالاً، بحيث يلاحظ الزائر للسوق مجموعات كبيرة لا حصر لها من أشكال ونماذج الدلال والفناجين بشتى الألوان (ذهبي، فضي، ألوان مختلفة)، على هيئة صقر أو شمعة أو قبة قصر الإمارات أو على شكل مبنى الاتصالات أو برج العرب، أو مزخرف سطحها بنقوش جميلة مستوحاة من بيئة الإمارات، كرسوم للإبل والزوارق والنخيل. إلى ذلك، يقول يوسف المغربي- حداد في السوق الشعبي «نصنع الدلال وفناجينها بمختلف الأشكال والأحجام، ويستغرق إنجاز الدلة النحاسية كبيرة الحجم حوالي 3 أيام، لأنها منقوشة بزخارف عربية وإسلامية على سطحها وغطائها. ونحرص على جودة التصنيع، مساهمة منا في تقدير وترويج هذا المفصل التراثي المتصل بالأجداد، فالزوار والسياح العرب والأجانب يأتون إلينا من كل أنحاء العالم، للتعرف على تراثيات الدولة واقتناء ما نصنعه محلياً من تفاصيل تراثية -خاصة الدلال- لأنهم يرغبون بأن يزينوا بيوتهم بها كهدايا وتذكارات من أبوظبي يصحبونها معهم إلى بلدانهم». وتنتج الأسواق الشعبية دلالاً صغيرة الحجم توضع في البيوت كزينة واكسسوار لزوايا الغرف، أسعارها في متناول مختلف ذوي القدرات الشرائية، تهدف إلى الترويج للصناعات المحلية القديمة، وتعريف العالم بتراث الدولة.