السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نهاية البرنامج الصاروخي في أوروبا !

20 مارس 2013 23:01
فريد وير موسكو لا يبدو أن روسيا تأثرت رسمياً بالقرار الأميركي الأحادي القاضي بإلغاء المرحلة النهائية من برنامج الصواريخ الدفاعية المنشورة بأوروبا، وهو البرنامج الذي قالت عنه موسكو في السابق إنه يهدد بإشعال حرب عالمية ثالثة، لكن رغم رد فعل الكرملين الفاتر على القرار الأميركي، يرى الخبراء أن إلغاء أحد أهم مصادر القلق الأمني الروسي بضربة واحدة سيفتح الباب أمام تحسين العلاقات الأميركية الروسية. فالقرار الذي أعلنه وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاجل، خلال نهاية الأسبوع الماضي، يلغي الخطط الأميركية لاستكمال المرحلتين الرابعة والأخيرة من الدرع الصاروخية الأوروبية التي كانت تشمل إضافة صواريخ طويلة المدى من طراز SM3 إلى مجموعة أخرى من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في بولندا بحلول عام 2018. وكان الخبراء الروس قد أبدوا استياءً بالغاً من المرحلة الرابعة، لأن الصواريخ طويلة المدى من طراز SM3 ستكون قادرة على استهداف الصواريخ الروسية الباليستية العابرة للقارات التي تمثل جزءاً مهماً من سلاح الردع النووي الاستراتيجي. هذا وقد تقرر الولايات المتحدة إلغاء خطط أخرى لنشر صواريخ اعتراضية طويلة المدى في رومانيا التي تعارضها روسيا بشدة. ورغم إصرار المسؤولين الأميركيين على أن التغييرات تحركها اعتبارات التقشف وخفض موازنة الدفاع، والحاجة إلى إعادة توجيه الموارد للتصدي لخطر كوريا الشمالية، حيث ستنشر واشنطن 14 صاروخاً في ألاسكا لهذا الغرض، إلا أن بعض الخبراء الروس يرون في الخطوة فرصة لتغيير الوضع المتردي للعلاقات الأميركية الروسية وإعادة التوازن للخلل الموجود في العلاقات الثنائية بين البلدين. ويفترض بالخطوة أيضاً أن تنهي تهديدات روسيا بالانسحاب من معاهدة ستارت لخفض الأسلحة النووية التي لوحت بها إذا لم تُراع انشغالاتها الأمنية. بيد أن الرد الروسي جاء أقل من المتوقع ولم تبدِ موسكو الحماس المنتظر، وهو ما اتضح في الحوار الذي أجراه نائب وزير الخارجية، سيرجي رايباكوف، مع صحيفة روسية قائلا: «هذا القرار ليس تنازلا لروسيا ولا نتعامل معه على أنه كذلك»، مضيفاً: «مازالت جوانب عدم الوضوع الاستراتيجي في نظام الصواريخ الأميركي، والتابع لحلف شمال الأطلسي قائمة، لذا تظل اعتراضاتنا مستمرة». أما في الولايات المتحدة فإن الدوائر المحافظة المنتقدة لإدارة أوباما سترى في القرار فرصة لإبداء شكوكها، حيث ترى في إلغاء نظام الصواريخ الأوروبي تحقيقاً لتعهد أوباما أمام رئيس الوزراء الروسي وقتها، فلاديمير بوتين، في مؤتمر الأمن بكوريا الجنوبية عندما سمع أوباما وهو يتعهد لبوتين في غفلة منه، بسبب المايكرفون المفتوح، بأنه سيكون أكثر مرونة فيما يتعلق بالدرع الصاروخية. هذه الشكوك لا تقتصر على المحافظين الأميركيين، بل تمتد أيضاً إلى نظرائهم الروس الذين يلخص موقفهم رأي الكرملين الواضح، كما جاء في وثيقة السياسة الخارجية التي أعدها في السنة الماضية بوتين كجزء من حملته الانتخابية، وفيها ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها تسعى للهيمنة العسكرية وأن نقل صواريخ هنا وهناك لن يغير من هذا التصور. وهو ما يعبر عنه نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، أندري كليموف، قائلا: «الأمور ما زالت غير واضحة، ولا نعرف ما الذي يتم تغييره في موقع الصواريخ، لكن واستناداً إلى ما تنقله التقارير فإن الصواريخ الأميركية سيتم نشرها في ألاسكا بدل أوروبا ما يعني أنها ستكون تماماً فوق رؤوسنا وقد يؤثر ذلك سلباً على أمننا، لذا أعذروني إذا لم أصفق للقرار الأميركي، على الأقل علينا الانتظار قليلا». لكن خبراء آخرين ينوهون إلى أن العلاقات الأميركية الروسية التي وصلت إلى أدنى مستوى لها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تعتمد على أكثر من تقييم عقلاني للتوازن الاستراتيجي بين البلدين، لأن هناك عوامل أخرى تدخل على الخط، يوضحها سيرجي كاراجنوف، الرئيس الشرفي لمجلس سياسات الدفاع والخارجية بموسكو، قائلا: «لا شك أن هناك في روسيا من تسعده الخطوة الأميركية ومن كان ينشغل حقيقة بتهديد الصواريخ التي تم سحبها على قدراتنا الاستراتيجية، لكن الخطوة لن ترضي الذين كانوا يستخدمون ذلك التهديد لتبرير تسليح الجيش، أو دعم أجندتهم الداخلية بالعزف على وتر الخوف من العدو الخارجي». ويضيف كاراجنوف أن المركب العسكري الصناعي في روسيا يتمتع بنفوذ كبير وقدرة واضحة على ممارسة الضغط، لاسيما وأنه المستفيد الأكبر من برامج التسلح الكبرى التي سبق لبوتين أن أشار إليها في إحدى وثائقه الخاصة بالدفاع خلال حملته الانتخابية السنة الماضية. ومن الأسلحة التي سيتم تصنيعها للقوات المسلحة الروسية جيل جديد من الصواريخ الباليستية، لاسيما تلك الموجهة للتصدي للصواريخ الأميركية. ويتابع الخبير الروسي: «نملك في روسيا مركباً عسكرياً وصناعياً ضخماً يحتاج دائماً لمبرر لصناعة المزيد من الأسلحة، لذا تمثل فكرة الولايات المتحدة التي تنشر صواريخ متطورة بالقرب من الحدود الروسية التسويغ الأمثل لإمداد المزيد من السلاح للجيش الروسي». ورغم أن المناخ الدولي يجعل روسيا في غنى عن التسلح المفرط، بسبب انعدام أعداء استراتيجيين وتراجع الولايات المتحدة عن تدخلاتها في العالم، فإن روسيا ما فتئت تتجه نحو اليمين منذ أن عاد بوتين إلى الكرملين في ولاية ثالثة قبل عام. فقد مرر البرلمان مجموعة من القوانين ترمي إلى الحد من النفوذ الأجنبي في روسيا، كما حث بوتين قادة الجيش خلال الشهر الماضي على إطلاق «عملية تطوير شاملة» لمواجهة التحديات الناشئة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©