الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صناعة الخزف.. بريق لإزدهار الحضارة الإسلامية

صناعة الخزف.. بريق لإزدهار الحضارة الإسلامية
24 يونيو 2016 18:46
مجدي عثمان (القاهرة) لمعت أسماء في مجال فن الخزف الإسلامي، ونقشت أسماءها على أعمالها، كما نقش تاريخ الفن أسماؤهم على صفحاته، خاصة حينما تُذكر مصر من خلال آثار مدينة الفسطاط القديمة، وبحسب المؤرخ أيتنز في كتابه «المدنية الإسلامية» فإنه كانت للنساء العربيات أيضاً مشاركة في إنتاج الخزف الإسلامي وتجارته، حيث اكتشفت العديد من الأواني والأباريق الخزفية المصقولة والبراقة بين آثار مدينة الفسطاط القديمة بمصر، والتي زُينت برسوم الأشخاص والحيوانات، وتلك القطع مُسجل عليها أسماء صانعيها، كما اكتشفت أفران تصنيع الخزف نفسها، وكان الفرن الإسلامي من النوع المستدير ذي اللهب المنفرد التصاعدي، وبُنى بالطوب الأحمر، واتبعت فيه طريقة الرص المفتوح للقطع الفخارية، ويوجد في المتحف الإسلامي بالقاهرة مجموعة من أدوات الرص الفخارية المصنوعة من طينة الأواني نفسها. وحينما زار الرحالة الفارسي ناصر خسرو القاهرة أيام الخليفة المنتصر بالله، وأقام فيها بين عامي 439 و441 هـ، قال: يصنعون بمصر الفخار من كل نوع، لطيف وشفاف، حتى أنه يمكن أن ترى باطن الإناء باليد الموضوعة خلفه، وكانت تُصنع بمصر الفناجين والقدور والبراني والصحون والأواني الأخرى، وتزين بألوان تشبه النسيج المعروف باسم البوقلمون، وهو نسيج تتغير ألوانه باختلاف سقوط الضوء عليه. والخزف من الفنون التي تطورت ارتباطاً بالعقيدة الإسلامية، حيث جاء الإسلام فحرَّم البذخ في استعمال أدوات الزينة والأواني المصنوعة من الذهب والفضة، مما أثر إيجاباً في صناعة الخزف وبدأ ابتكار أنواع جديدة تستبدل بها الأواني المعدنية، وبذلك ظهر لأول مرة الخزف ذو الزخارف البارزة تحت طلاء مُذهب، والذي يعد التجربة الأولى لابتكار الطلاء ذي البريق المعدني في البصرة بالعراق في القرن التاسع الميلادي، وهو ابتكاراً إسلامياً خالصاً، وليس له مثال في الحضارات السابقة على الإسلام، كما لم يتوصل إليه الصينيون، رغماً عن عُلوِّ شأنهم في مجال صناعة الخزف والبورسلين، ثم انتقل إلى مصر حينما دخلها أحمد بن طولون، وقد ازدهرت صناعة هذا النوع من الخزف في العصر الفاطمي ازدهاراً كبيراً، وأضاف الخزاف إليها ابتكارات جديدة في تنويع الأكاسيد المستخدمة في صناعته أو تنوع زخارف زينته، ثم تدهورت صناعته في العصر الإخشيدي. وهناك مدرستان رئيسيتان في صناعة الخزف ذي البريق المعدني في العصر الفاطمي، هما مدرسة مسلم بن الدهان، ومدرسة سعد فتمثل مرحلة متطورة عن مسلم، ففي طرازه شيء من الرقة والرشاقة والتناسق والتناغم والراجح أنه عاش بعد مسلم بقليل، ومن التحف المشهورة التي تحمل توقيع «سعد» إناء بمتحف فيكتوريا وألبرت، مدهون بطلاء أبيض وعليه باللون البني من البريق المعدني رسم لرجل تتدلى من يده اليمنى مبخرة على هيئة مشكاة، ومن هذه التحف الفنية صحن في مجموعة الدكتور علي إبراهيم باشا في القاهرة‌، وقدر مشهور في متحف فيكتوريا، وفي مجموعة أراك نيور بار باشا جزء من صحن ذي بريق معدني عليه صورة جمال محفوظة في متحف البارجلو في فلورنسا. وتعتبر الفسطاط من مراكز صناعة الخزف المهمة في العصر الفاطمي وفي العصور الإسلامية عموماً، كما كانت الإسكندرية مركزاً محلياً لصناعة التحف الخزفية ذات الزخارف والرسوم البارزة ذات اللون الواحد، وظهر نوع من الخزف أطلق عليه خزف الفيوم، حيث أنتج لأول مرة فيها ثم نُقل إلى الفسطاط لتسويقه. وفي العصر الأيوبي اهتمت الدولة الإسلامية بفن الخزف وصناعته، وظهر نوع جديد عُرف باسم الخزف الأيوبي، والذي امتاز برقة الطينة وجمال التزجيج، وله أرضية خضراء وزخارف سوداء، أما الخزف في عصر المماليك فكانت زخارفه من رسومات لحيوانات باللونين الأسود والأزرق تحت طلاء زجاجي شفاف على أرضية من زخارف نباتية قريبة من الطبيعة، ثم أصيب هذا الفن بتدهور واضح عندما احترقت مصانع الخزف في الفسطاط، لدى إغارة الصليبيين عليها. وظهرت في العصر الفاطمي التماثيل الخزفية ذات البريق المعدني، إلا أن العصر المملوكي أمد الأثريين بمجموعات متنوعة من الأواني المصنوعة في مصر وسوريا، خاصة البلاط الخزفي، والصحون الواسعة والجرار، وتعددت أنواع الخزف وأساليب وألوان طلائه وزخارفه، واستخدم في صناعة شتى الأواني من أكواب وأقداح وكؤوس وقنان وأباريق وسلطانيات وصحون ومباخر ومشاعل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©