الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تسعى لإعادة القطن المحلي إلى عرشه العالمي

مصر تسعى لإعادة القطن المحلي إلى عرشه العالمي
28 أغسطس 2009 23:52
تسعى الحكومة المصرية لإعادة القطن ذي التيلة فائقة الطول، والمعروف عالميا بجودته وسمعته، الى عرشه الذي فقده خلال العشرين عاما الماضية بعد التدهور التدريجي والحاد في انتاجه وحجم صادراته الخارجية، بحسب مصادر حكومية. وظل القطن المصري هو المحصول النقدي للمزارعين وللاقتصاد المصري لعقود طويلة، وكانت فترة الجني تعتبر عيدا للفلاح، وموسما للتزاوج والافراح في الريف، ولكن هذا المحصول الاقتصادي لمصر بدا حجم انتاجه ونصيبه في التجارة الدولية في التراجع بمعدلات كبيرة وملحوظة في العقود الاخيرة. ففي عقد الثمانينيات من القرن الماضي تقلصت مساحة زراعته من حوالي مليوني فدان، والتي استمرت لمدة نصف قرن، الى حوالي مليون و250 الف فدان ثم الى 700 الف فدان في عقد التسعينيات الماضي، الا انه نتيجة لانتاج سلالات مصرية جديدة ارتفعت غلة الفدان الى 8.5 قنطار واجمالي الانتاج لحوالي 10 ملايين قنطار متري. ولكن مع بدء الالفية الجديدة تراجعت المساحة وحجم الانتاج معا، حيث تقلصت المساحة في العام الماضي لحوالي 450 الف فدان، يتوقع معها ان يقل اجمالي الانتاج عن 3 ملايين قنطار، وتذهب تقديرات الى ان اجمالي الانتاج ربما يصل الى نحو مليوني قنطار متري فقط اذا تقلصت المساحة المزروعة الى 350 الف فدان فقط، وتذهب تقديرات اخرى الى ان اجمالي المساحة الفعلية المزروعة في موسم 2008 /2009، لا تتجاوز 316 الف فدان وهي اقل مساحة مزروعة بالقطن المصري منذ اكثر من مئة عام، في حين ان اجمالي الاحتياجات السنوية للمغازل المحلية تصل لحوالي 5 ملايين قنطار، وهذا يعني ان هذه المغازل سوف تستورد حوالي مليوني قنطار من الغزول قصيرة التيلة. وقد انعكست هذه الاوضاع المحلية بالاضافة الى تقلص الطلب العالمي على الاقطان طويلة التيلة، الى تراجع اجمالي الصادرات المتعاقد عليها للعام الحالي الى 500 الف و510 قناطير مترية بقيمة 62 مليونا و466 الف دولار اميركي، حسب تصريحات ثروت المنياوي رئيس هيئة تحكيم واختبارات القطن بالاسكندرية، وبذلك فان نسبة التراجع تجاوزت حوالي 90 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي. ورغم ان التراجع في التصدير الخارجي شمل كل الدول المنتجة للاقطان طويلة التيلة بسبب الكساد العالمي الحالي، ومنها الولايات المتحدة الاميركية، الا ان هذا التراجع يعتبر بمثابة تراجع خطير يهدد مكانة القطن المصري كمحصول استيراتيجي مهم لصناعة الغزل والنسيج الوطنية العريقة كما انه يهدد المكانة العالمية للقطن المصري لصالح اقطان اخرى وبالذات القطن الاميركي المدعم من واشنطن والتي تعتبره الان محصولا نقديا مهما للمزارع الاميركي. ويذهب بعض الخبراء إلى ان عملية تدهور القطن المصري بدأت منذ اوائل الثمانينات مع التعاون في مجالات البحوث الزراعية بين مصر واميركا لانتاج سلالة جديدة من القطن تجمع بين الصفات المورثة للقطن المصري وسلالات من القطن الاميركي، انتجت سلالة جديدة المعروفة الان باسم قطن «البيما» طويل التيلة والذي يطلق عليه تجاوزا بالاسواق «القطن الاميركي» تمييزا له عن القطن المصري فائق الطول الذي تشتهر به مصر. ويرى كل من المهندس شوقي الحجار رئيس المجلس الاعلى لرجال الاعمال في استراليا والمهندس محمد عبدالغني رئيس الجالية المصرية في استراليا ان هذا التزاوج او الخلط تسبب في محو الصفات الوراثية لسلالات القطن المصري. والواقع ان الصفات الجينية او الوراثية للقطن المصري اكتسبت عبر عمليات التطوير طوال عقود ومن الطبيعة المناخية لمنطقة الدلتا المصرية التي اكسبته صفات خاصة في الطول وقوة الفتلة، وهذه الظاهرة خاصة ببعض المناطق في وسط الدلتا. كما ساهم ايضا في الاسراع بتدهور محصول القطن بمعدلات سريعة عملية خصخصة التقاوى، وفتح المجال امام القطاع الخاص للاستيراد، ولم يعد في مقدور المزارع المصري تحمل خسائر زراعته في ظل تراجع دعم الدولة له والارتفاع المستمر في تكلفة انتاجه من اسمدة وتقاوي ومستلزمات انتاج وعمالة يدوية لجني المحصول، كما لم يعد مجديا للمزارع ان يحصل على 600 او 700 جنيه ثمنا للقنطار ولا حتى الف جنيه في الوقت الحالي لان تكلفة الفدان تصل في المتوسط الى 2000 جنيه، ورغم ارتفاع انتاجية الفدان الى 8.5 قنطار في المتوسط إلا ان ذلك لم يعد مربحا للمزارع بينما شركات الغزل تسعى منذ سنوات الى الاعتماد على الغزول قصيرة التيلة الرخيصة التي تزرع في الصعيد او تستوردها من الخارج. الا ان الانهيار الكبير والملحوظ في انتاج القطن طويل التيلة وفي تصدير وفي صناعة الغزل والنسيج، دفع الحكومة المصرية لدراسة تنفيذ خطة انقاذ عاجلة للقطن. ويطالب خبراء صناعة الاقطان بوضع نظام تسويق خاص للقطن المصري قبل ان يتعرض للانقراض يراعي المتطلبات المستقبلية للاسواق المحلية والعالمية، واعلان السعر الاسترشادي بوقت كاف بالاسترشاد بالاسعار العالمية، يتميز بالمرونة حسب تغييرات الاسواق العالمية لحصول المزراعين على اسعار عادلة، والاستفادة من القطن المصري فائق الطول الذي تتميز به مصر بإنشاء وحدات انتاجية خاصة في المناطق الحرة الخاصة بهدف التصدير للخارج، واستفادة مصر اقتصاديا من خلال التصنيع لهذه الاقطان المميزة، ومواجهة عمليات التهريب الواسعة للمنتجات النسجية والملابس المستوردة التي تغرق الاسواق المحلية، وتهدد كثيرا من المصانع المصرية بالاغلاق، وتقف عقبة امام تطويرها، خاصة مصانع منطقة المحلة الكبرى بوسط الدلتا التي ظلت لعشرات السنين قلعة هذه الصناعة، ولكن مصانعها التي ظلت طوال هذه الحقبة الطويلة تعتمد على الغزول الرفيعة المستخرجة من القطن طويل التيلة، أجرت على ماكيناتها تغييرات لاستخدام غزول من اقطان قصيرة التيلة لانتاج اقمشة رخيصة للانتاج المحلي. ملامح خطة الإنقاذ يبحث مجلس الوزراء المصري عقب عطلة عيد الفطر خطة عاجلة لانقاذ زراعة القطن في مصر حسب تصريحات وزير الزراعة المهندس امين اباظة تشمل الجوانب الزراعية والصناعية. ويعتبر القطن مادة خام صناعية لانتاج الغزول المستخدمة في تصنيع المنسوجات، وبذلك فإن النهوض بزراعته لابد ان يتزامن مع عملية تطوير شاملة لاعادة تأهيل صناعة الغزل والنسيج المصرية، التي تعرضت خلال نفس الفترة لتدهور حاد شارف على الانهيار. وحسب تصريحات وزير الزراعة المصرى، فان عملية النهوض بزراعة القطن تستهدف تقديم سعر ضمان حد ادني تضمنه الدولة للقطن للمزارعين، يغطي التكلفة الفعلية، وهامش ربح معقول في ضوء الاسعار العالمية، وتشجيع الباحثين المصريين لانتاج وتطبيق سلالات مصرية تتضمن الصفات الوراثية للقطن المصري الاصيل والتي اكسبته السمعة الدولية المعروفة، وجعلته يتربع على العرش العالمي للاقطان طويلة التيلة وفائقة الطول التي يتميز بها منفردا. وفي نفس الوقت احلال الميكنة في عمليات الجني محل الايدي العاملة التي قلت اعدادها الان، واصبحت تكلف المزارعين كثيرا بسبب ارتفاع الاجور اليومية. وفي نفس الوقت تحديث عمليات التخزين والتشوين في المستودعات المحلية للمحافظة على الاقطان من التلف وتأمين وصولها لمصانع الغزل المحلية ولحين تصديرها للخارج.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©