الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدر الدين العيني قاضي القضاة وأستاذ السلاطين

بدر الدين العيني قاضي القضاة وأستاذ السلاطين
28 أغسطس 2009 23:42
تقلد بدر الدين العيني أرفع المناصب العلمية والقضائية لسعة علمه وعدله وشجاعته في الحق وحرصه على تطبيق الشريعة فتولى منصب قاضي القضاة والمحتسب ورئيس أكبر المدارس وأشهرها في عصره• ولد محمود بن أحمد بن موسى المعروف ببدر الدين العيني في 26 من رمضان 762هـ/ 30 من يوليو 1361م، في قلعة عينتاب بالقرب من حلب ونشأ في بيت علم ودين وتعهده أبوه وكان قاضيا بالرعاية والتعليم وحرص على أن يبدأ طريقه بحفظ القرآن وتعلم القراءات السبع للقرآن الكريم وتلقى علوم اللغة العربية والتفسير والمنطق والفقه الحنفي على يد والده وعلماء بلدته، وفى سنة 783هـ/1381م رحل إلى حلب طلبا للمزيد من العلم والأخذ عن علمائها فلزم جمال الدين يوسف بن موسى الملطي وقرأ عليه بعضا من كتب الفقه الحنفي، ثم عاد إلى بلدته• المدرسة النورية يقول الدكتور حمدي مصطفى - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إن بدر الدين العيني أراد استكمال تحصيله العلمي بعد وفاة والده، فرحل إلى دمشق سنة 785هـ/ 1383م فالتحق بالمدرسة النورية التي كانت من أكبر مدارس الحديث ودرس على عدد من علمائها وفي سنة 786هـ/ 1384م رحل إلى مكة والمدينة وأخذ الحديث والفقه عن علمائهما وعندما تبحر في العلم عاد إلى حلب وجلس للتدريس وتملكته الرغبة في زيارة بيت المقدس بفلسطين فرحل إليها سنة 788هـ/ 1386م وخلال إقامته بها التقى بالشيخ علاء الدين السيرامي نابغة عصره فلزمه وتتلمذ على يديه• وسافر «السيرامي» إلى القاهرة واصطحب معه تلميذه العيني واستقبله السلطان الظاهر برقوق واحتفى به وأكرم وفادته وولاه مشيخة مدرسته الكبرى التي أنشأها وألحق السيرامي تلميذه النابه بالمدرسة مساعدا له وانتهز العيني فرصة وجوده بالقاهرة فجد في تلقي الحديث عن علمائها وتبحر في كتب السنة وعكف على مسند أحمد وسنن الدار قطني والدارمي ومصابيح السنة للبغوي والسنن الكبرى للنسائي على يد سراج الدين البلقيني والزين العراقي وتقي الدين الدجوي وغيرهم وعندما توفي شيخه السيرامي سنة 790هـ/ 1388م تولى العيني رئاسة المدرسة الظاهرية وكاد له بعض الحاسدين فوشوا به فعزل من المدرسة• عزل نفسه رحل في أعقاب ذلك إلى حلب وأقام بها فترة واشتغل في كتابة بعض مصنفاته الفقهية ثم عاد إلى القاهرة وكان الناس يقصدونه لقضاء حوائجهم وبلغت شهرته الآفاق فتقلد ولاية الحسبة سنة801هـ/1398م وهي من وظائف القضاء المهمة وما لبث أن عزل بعد أن وشى به الطامعون في المنصب وتكرر تقلده لهذا المنصب أكثر من مرة حتى عزل نفسه عنه نهائيا سنة 847هـ/ 1443م. وكان يحرص أثناء ولايته لهذا المنصب على الالتزام بتطبيق الشريعة وضبط الأسواق وتوفير السلع والضرب على يد المحتكرين ولنزاهته وكفاءته ومقدرته كان يلجأ إليه السلاطين لتولى هذه الوظيفة حين تعم الفوضى الأسواق وتشح البضائع وترتفع الأسعار• ناظر الأحباس تولى العيني منصب ناظر الأحباس وهو يشبه وزير الأوقاف في العصر الحديث، واستمر في منصبه 34 سنة دون انقطاع، ولورعه وعلمه وشدته في الحق تولى منصب قاضي قضاة الحنفية في سنة 829هـ/ 1426م في عهد السلطان برسباي وعهد إليه النظر في قضايا الأحوال الشخصية والمدنية والجنائية والإشراف على دار السكة التي تضرب النقود للتأكد من سلامتها ومراعاتها للأوزان وإمامة المسلمين في الصلاة• ونال بدر الدين العيني تقدير سلاطين مصر بسبب مقدرته وعدله وعلمه فولاه المؤيد شيخ التدريس في مدرسته المؤيدية وأرسله مبعوثا عنه إلى بلاد الروم سنة 823هـ/ 1420م، واتخذه السلطان الاشرف برسباي صديقا بعد أن لمس فيه رجاحة العقل وقوة الحجة وسعة العلم كما ساهمت إجادته للتركية في توثيق علاقته بالسلطان فكان يجلس إليه يفسر له ما أشكل عليه في الفقه والشريعة ويعلمه أمور دينه ويقرأ له كتب التاريخ وأسند إليه مهمة استقبال الوفود الرسمية وترجمة الرسائل التي ترد للسلطان من الدول المجاورة• وكان السلطان برسباي يقول: «لولا القاضي العيني ما حسن إسلامنا ولا عرفنا كيف نسير في المملكة»• مؤلفاته وضع العيني العديد من المؤلفات في الفقه والحديث والتاريخ واللغة العربية منها «البناية في شرح الهداية»، و»رمز الحقائق في شرح كنز الدقائق»، و»عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان «، و»السيف المهند في سيرة الملك المؤيد «، و»الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر»، و»المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية «، و»عمدة القاري في شرح الجامع الصحيح للبخاري «وهو من أشهر مؤلفاته واستغرق في تأليفه مدة تزيد على عشرين عاما• ودفعه حبه للعلم والتدريس إلى إقامة مدرسة تقع بجوار الجامع الأزهر سنة 814هـ/ 1411م، وأوقف عليها كتبه لطلبة العلم، وتتلمذ على يديه عدد من النابهين الذين صاروا أعلاما بعد ذلك ومنهم الكمال بن الهمام الفقيه الحنفي الكبير، وابن تغري بردي، والسخاوي، وأبوالفضل العسقلاني• وتوفي - رحمه الله- في 4 من ذي الحجة سنة 855هـ/ 28 من ديسمبر 1451م، ودفن بمدرسته التي صارت الآن مسجدا•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©