الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الجسد يُبقي الأثر».. توثيق الذكريات ومقاومة الفقد

«الجسد يُبقي الأثر».. توثيق الذكريات ومقاومة الفقد
12 مايو 2017 21:56
رانيا حسن (دبي) معرض «الجسد يبقي الأثر» للفنانة الإماراتية هدية بدري، الذي يستضيفه «مركز تشكيل» حتى منتصف الشهر الجاري، يشكل حالة من حالات الصدمة والشعور العميق بالحزن والألم النفسي تجاه ما نفقده في حياتنا، فمن خلال رحلة مرض مرت بها عمة الفنانة استطاعت هدية أن تنسج ثوباً توثق به رحلتها وتجربتها مع عمتها المريضة، وتعكس المحاولة في جوهرها محاولة لاستخلاص المعنى من المحن الناجمة عن فقدان الأحباء، واستخدمت الفنانة مجموعة من الأشياء في معرضها التي ترتبط بتجربة المرض، وقد يراها البعض أشياء مهملة، لكنها تحمل في طياتها وجوداً قوياً للإنسان عبر أشيائه. وابتكرت هدية مجموعة من الأعمال مصحوبة بالذكريات، وأعادت صياغتها في ممارسات متكررة مثل التمديد، والتقطيب والخياطة، وكلها ممارسات كانت العمة تستخدمها كشكل من أشكال التخفيف عن آلامها، واستطاعت هدية بشجاعتها مواجهة ذكرى عمتها وفقدانها، في محاولة منها إلى تقبل الواقع ومقاومة الفقد. كما استعارت عنوان كتاب بيسل فان در كولك «الجسد يبقي الأثر»، والذي يصف فيه كولك كيف تترك الصدمة التي يعيشها الإنسان أثراً مادياً في الجسم. وذكرت هدية لـ«الاتحاد» أن هذا المعرض هو نوع من تفريغ الألم، وقالت «لم أكن أقصد تنفيذ هذه الأعمال لغرض عرضها في معرض، فقد استلهمت هذه الأعمال من حالة مرضية قهرية لا يمكن وصفها بالكلمات، لأنها نابعة من الشعور بالصدمة، وهو محاولة استرجاع ذكرى عمتي التي فقدتها بعد تجربة استمرت لنحو سنة ونصف السنة من المرض، فأصبحت مسكونة بشعور ملح، دفعني إلى الاحتفاظ بممتلكاتها وتذكرها». وأضافت «تحولت تفاصيل الحياة اليومية الصغيرة في هذه الحالة الجديدة إلى نصب تذكارية ثمينة للغاية بالنسبة لي، وساعدتني أغراضها المرتبطة بالطقوس اليومية على محاربة النسيان، ومن رحم المعاناة أخذني مرض عمتي إلى حيز الرعاية الصحية المؤسساتية الصامت، وسط عالم من الإجراءات والتسلسل الوظيفي والبيروقراطية». وقالت «عشت في هذه التجربة انقساماً وصراعاً بين الجانب العاطفي الممزوج بمشاعر الألم والأمل، وبين الجانب الطبي الواقعي إلى حد كونه يصبح بلا مشاعر أحياناً، وأمست الأعمال الطقسية بمثابة خشبة خلاص اتكأت عليها عمتي لتخفيف آلامها، وهي الحياكة والخياطة، لذلك جاءت أعمالها إطاراً استخدمه لأرسم وأجمع ما بين الممارسة المؤسسية والشخصية وبين الممارسة السريرية والمنزلية، أي بين الماضي والحاضر». وتضيف «طرحت هذا كله وأنا محملة بالعديد من الأسئلة حول كيف يمكن للمرء أن يبتكر عملاً فنياً يعبر من خلاله عن مشاعر الحزن والفقد؟ كيف يمكنني ابتكار عمل يمكنه تخليد ذكراها؟ وكيف يمكنني تخطي الحاجز النفسي الذي يمنعني من التفاعل مع مقتنياتها؟». وحول الخامات المستخدمة أوضحت هدية أنها استخدمت اللاتكس لصنع أشكال صغيرة مشابهة لجلد الإنسان، وهي مادة تستخدم لصنع القفازات الطبية، كما استعانت بالخامات العضوية والحية مثل أوراق الشجر والموز، وضمت مجموعتها عرض صور مع عمتها، وصور أخرى لها بمفردها. يذكر أن هدية بدري فنانة تشكيلية خريجة الجامعة الأميركية بالشارقة قسم تصميم مرئي، ويأتي المعرض نتاجاً لمشاركتها في برنامج «الممارسة النقدية»، الذي ينظمه «تشكيل»، وكانت هدية خلاله تحت إشراف رودريك غرانت ود. ألكسندرا ماكغليب لمدة ثمانية أشهر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©