الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... وماذا بعد؟!

27 أغسطس 2009 01:15
من يتابع الاهتمام الفائق الحدود الذي أولته وما تزال توليه أجهزة الإعلام المرئية والمقروءة في أميركا وكندا، لانتخابات الرئاسة الأفغانية، قد يخيل إليه أن هذه الانتخابات تجرى في كلا البلدين لاختيار رئيسيهما، وليس في بلد يبعد عنهما بآلاف الأميال. وقد يشتط الخيال بالمراقب إلى درجة أن يتصور أن هذه الانتخابات ونتائجها (المصيرية) هي التي ستحدد مصير الولايات المتحدة وكندا.. فإلى جانب الوفود الصحفية وتوابعها من المصورين والمراقبين السياسيين واللجان الدولية التي كلفت بمهمة مراقبة سير العملية الانتخابية الأفغانية، فإن أفغانستان وانتخاباتها صارت المادة اليومية لتعليقات وتحليلات السياسيين والخبراء في الشأن الأفغاني. وبلغ الاهتمام الفائق درجة أن الرئيس الأميركي قد خرج ذات صباح (قبل يوم الانتخاب) على الصحفيين وأعلن بنفسه أمامهم، أن الولايات المتحدة لا تدعم أو تساند أياً من المرشحين الأفغان المتنافسين على منصب الرئاسة. وأكد بلغة واضحة ومحسوبة أن إدارته لا يهمها من سيفوز بمنصب الرئيس، لكن ما يهمها، وما هي حريصة على أن يتحقق، هو أن تجرى التجربة «الديمقراطية» بنزاهة وشرف، وأن تنبثق من نتائجها إدارة أفغانية تعبر بصدق ونزاهة عن إرادة وتطلعات الشعب الأفغاني ورغبته الحقيقية في أن يقوم الحكم الديمقراطي في وطنه على النزاهة والشفافية. وأن تتخذ خطوات جادة لمحاربة الفساد السياسي والمالي، وأن يؤسس بجدية لإدارة مدنية نزيهة وقادرة على تحقيق الاستقرار ومتابعة وتنفيذ مشاريع التنمية والتطور الذي يرجوه الشعب الأفغاني ويساعده فيه المجتمع الدولي ومن بينه الولايات المتحدة والحلفاء، الذين لم يبخلوا على أفغانستان بالمال والرجال، وضحوا ويضحون من أجل ذلك. وكأنما كان أوباما يريد بذلك الرد بصراحة على حملات الدعاية النشطة لدى معظم الأطراف الذين شاركوا في الانتخابات وكل منهم (يزعم) أنه الرجل والرئيس الذي تريده وتدعمه الولايات المتحدة وتثق فيه قبل وبعد بقية المرشحين الآخرين. أما كندا المتورطة في أفغانستان إلى درجة انقسام الرأي العام فيها أصلا حول جدوى ومعنى مشاركة بلده في قوة الأمم المتحدة العسكرية، ومهمتها في إعادة بناء أفغانستان وتحقيق الأمن والاستقرار فيها وتأهيل حكومتها لتتولى مسؤولية أمن واستقرار وتنمية بلادها. ولم يجد رئيس الوزراء الكندي أن من المناسب أن يشارك في هذا الموقف بنفس الدرامية التي أخرج بها بيان الرئيس أوباما.. هذا مع أن لكندا الرسمية والشعبية ما يدفعها للاهتمام الفائق بالانتخابات الأفغانية ونتائجها ليس بسبب بلايين الدولارات التي صرفتها هنالك (ثمة 500 مليون دولار مدرجة في الميزانية الفيدرالية لمشاريع كندا التنموية، ذلك غير النفقات العسكرية التي لا يعلن عنها عادة) وإن بسبب ضغط الرأي العام الكندي الذي فقد أكثر من ألف من أبنائه وبناته في حرب يرى بعض الكنديين أنها أصلا حرب خاسرة عسكرياً. في اليوم السابع من الشهر القادم (حسب الإعلان الرسمي الذي صدر عن لجنة الانتخابات الوطنية الأفغانية) ستعلن النتيجة الرسمية ويعلن اسم الرئيس الفائز إلا إذا اضطرت إلى إعادة الانتخابات بسبب عدم حصول أي مرشح على النسبة المئوية المطلوبة 50 في المئة من أصوات الناخبين + واحد. ولكن رئيس فريق المراقبين الدوليين (نائب رئيس وزراء كندا ووزير خارجيتها الأسبق جون مانلي) سبق الجميع أمس بإعلانه أنه من الصعب جداً التنبؤ بأعداد المصوتين من الأفغان لأنه ليس هنالك سجل رسمي سجلت فيه أسماء وأعداد الناخبين! أما الحديث عن عمليات التزوير والرشاوى والتهديد بالقتل التي سبقت إجراء الانتخابات فذلك حديث يطول.. إنما المهم والذي قد يؤشر إلى أن أفغانستان قد بدأت السير على طريق الديمقراطية الخاصة بها والمناسبة لها ولتاريخها ولتكويناتها الإثنية والقبلية، فهذا طريق طويل وشاق ولن تحققه دورة أو دورتان انتخابيتان وقد لا يشهد تحققه هذا الجيل الذي يتصارع اليوم حول غنيمة الانتخابات الرئاسية.. إن ذلك أمر يحتاج لجهود أجيال من أبناء وبنات أفغانستان، وحتى يتم ذلك يبقى السؤال: ثم ماذا بعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان وما هو مصير البلد (القريب وليس البعيد) المنهك بحروب أهلية وغزوات أجنبية وزعماء من بقايا القرن التاسع عشر؟ عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©