الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرنسا: حانت معركة كبح جماح «العلاوات»

فرنسا: حانت معركة كبح جماح «العلاوات»
27 أغسطس 2009 01:14
يحاول الرئيس الفرنسي هذه الأيام وضع المسؤولية على كاهل البنوك التي تخصص علاوات كبيرة لموظفيها. ذلك أن الأخبار التي انتشرت مؤخراً، ومؤداها أن بنك «بي إن بي باريباس» الفرنسي خصص نحو 1.4 مليار دولار على شكل علاوات لمتعاملين في البورصة، قد دفعت الفرنسيين إلى البحث عن دور طلائعي لبلادهم بخصوص تقاليد كبح جماح مثل هذه المبالغ المالية الطائلة التي تعد بالمليارات قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ، بولاية بنسلفانيا الأميركية الشهر القادم. غير أن الرئيس الفرنسي ووزيرة ماليته «كريستين لاجارد» سيكونان في حاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى في بيتسبرغ إذا أريد لجهود احتواء ثقافة العلاوات السائدة في القطاع المصرفي ألا تترجَم إلى مجرد نظام طوعي محتشم، كما يقول خبراء ماليون هنا في باريس. وفي الاجتماع السابع الذي نظمه قصر الإليزيه مع رجال المصارف هذا العام -والذي انعقد يوم الاثنين مع لاجارد ويوم الثلاثاء مع ساركوزي- وافق المصرفيون الفرنسيون من حيث المبدأ على اعتماد قواعد أكثر صرامة بخصوص العلاوات، ومن ذلك قدر أكبر من الشفافية بشأن مكافأة المتعاملين والكوادر. ومعلوم أن المكافآت السخية والأظرف السمينة المنتفخة التي تخصص لكبار الكوادر المصرفية والمضاربين، بغض النظر عن أدائهم، تثير حفيظة الجمهور الفرنسي -على غرار ما يحدث في بريطانيا والولايات المتحدة- وبخاصة بعدما تم صرف 40 مليار دولار من أموال الدولة الفرنسية من أجل دعم البنوك العام الماضي. وفي هذا الإطار، وصفت «لاجارد» ممارسة العلاوات بأنها «ثقافة غير مقبولة»، وذلك بعد أن أكد مسؤولو بنك «بي إن بي باريباس» مخطط توزيع العلاوات. والجدير ذكره هنا أن فرنسا كانت أول بلد يطبق القيود والضوابط التي اعتمدتها مجموعة العشرين بخصوص العلاوات التي يقول البعض إنها جزء من ثقافة «الإفراط غير المنظم» التي أفضت إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، كما انتقدت لاجارد مستويات العلاوات المعتمدة بشركة «جولدمان ساكس» الاستثمارية التي يوجد مقرها في نيويورك. ومن جانبه، كان رئيس «صندوق النقد الدولي»، دومينيك ستروس، كان قد قال في وقت سابق من هذا الصيف إنه يشعر بـ«الاشمئزاز» مما رآه بخصوص هيكلة العلاوات في شركات نيويوركية ولندنية عديدة. ولكن عندما أكد متحدث رسمي باسم بنك «بي إن بي باريباس» في وقت سابق من هذا الشهر خبر دفع علاوات يبلغ متوسطها 85 ألف دولار لحوالي 17 ألف مصرفي مكلف بالاستثمارات، وجد الزعماء الفرنسيون أنفسهم مرغَمين على الرد على الغضب الشعبي في الداخل. غير أن مسألة ما إن كان ساركوزي ولاجارد يستطيعان لعب دور طلائعي بخصوص كبح وتقنين العلاوات، ربما ستعتمد على موافقة الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى على تبني تدابير مماثلة في قمة مجموعة العشرين المقبلة، وذلك لأنه في غياب اتفاق أكثر عالمية، فإن الكوادر والمديرين قد ينتقلون بكل بساطة إلى لندن أو نيويورك أو برلين، كما يقول خبراء ماليون هنا، إذا ما شدد عليهم الخناق في باريس. وفي هذه الأثناء، تفيد بعض المصادر بأن الفرنسيين يناقشون حالياً فكرة ربط العلاوات بلجنة مجلس إدارة البنوك بدلا من أن تترك لمدير عمليات السوق -وهو مقترح تقدم به نائب رئيس البنك الوطني السويسري فيليب هيلدبراند. ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن صحيفة «لوموند» الفرنسية كانت قد ألمحت يوم الاثنين إلى أن اعتماد قوانين وتنظيمات أكثر صرامة ترغم البنوك على إعلان علاواتها يمكن تعزيزه بقوانين تنص على ألا تتعامل الدولة مع البنوك التي لا تحترم ذلك. غير أن الخبير الاقتصادي الدولي كريسيان لوسون من صحيفة «ليبراسيون»، وهي الصحيفة الفرنسية التي فجرت قصة بنك «بي إن بي باريباس»، لا يخفي تشككه في توفر الزعماء الفرنسيين على ما يكفي من النفوذ والتأثير في حال غياب قوانين صارمة، ويقول متسائلا: «هل ستسلق لاجارد المصرفيين (اليوم) قبل أن يأكلهم ساركوزي غداً حين يعود من العطلة الصيفية؟»، قبل أن يضيف قائلا: «هناك احتمال ضئيل في أن ينتج عن الاجتماع السابع في قصر الإليزيه شيء أكثر من التحذير». يذكر أنه عرف عن ساركوزي، حتى قبل الأزمة الاقتصادية الحالية، انتقاده للإفراط المصرفي، حيث لم يتوان مثلا في انتقاد دانييل بوتون، رئيس شركة «سوسييتي جنرال»، خلال قضية كيرفييل قبل 19 شهراً، حين خسر البنك حوالي 7 مليارات دولار في سلسلة من العمليات بدا بوتون غير مستعد لتحمل المسؤولية عنها. روبرت ماركند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©