الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا و الشنب وشاكيرا!

أنا و الشنب وشاكيرا!
28 يونيو 2008 21:09
كان أكثر الرجال في الإمارات حتى أواخر القرن الماضي يملكون شوارب يقف عليها الطير· شوارب يتباهون بها ولهم فيها مآرب أخرى، فإذا لاحظت الزوجة أوساخاً في البيت، تمسك زوجها من قدميه وتكنس الأوساخ بشاربه بعد أن توصله بالكهرباء· وكنت أضحك وأستغرب حين أرى صوراً في الجرائد لمواطنين بلا شوارب· معقول رجال من دون شوارب!؟، بل كانت صورهم نشازاً بين صور رجال تغطي الشوارب أفواههم كأنهم في مظاهرة تدعو للصمت المطبق· وكثيراً ما كنت أردد حين أغضب من رجل لا يملك شوارب بأنه رجل ''عديم الشنب''· ولا زلت أحتفظ بدفتر أسميته ''الصور الضاحكة''، كنت أقص الوجوه التي تنشر في الجرائد والمجلات، وألصقها في أوراق الدفتر مع أجساد أشخاص آخرين، مثل صورة مهرب مخدرات أمامه أطنان من الحشيش، مع وجه مارادونا الذي ظهرت فضائحه المخدراتية في ذلك الوقت؛ أما بيت القصيد هنا، فهو أنني ألصقت صور الرجال عديمي الشوارب، بأجساد نسائية ناعمة، فرجل من دون شارب، كان يعني في ذلك العهد الغابر، أنه سيدة من سيدات المجتمع· للأسف، لم أتمتع إلا سنوات قليلة بشارب من العيار الكثيف، لأن وجهي بدأ يستقبل شعيرات الرجولة مع نهايات موضة شوارب حشائش السافانا، أي الشوارب التي لا تنتهي حتى لو جرت عليها ماكينة جزّ الأعشاب· ومع الألفية الثالثة ظهرت في الإمارات الشوارب الترابية التي سميت كذلك لأنها خفيفة على الوجه مثل التراب· وبقيت صامداً أمام المقصات لبضع سنوات، كنت مضطراً فيها كل مرة إلى تنبيه الحلاق بعدم لمس شاربي إلا بالحسنى· وكان هذا يوفّر عليّ ثمن أسفنج التنظيف، فشاربي يستطيع فك طلاسم أعتى الدهون على أسوأ الطناجر والقدور· كان شكلي نشازاً مع شارب رملي في زمن ترابي، ورحت أتساهل مع الحلاقين و''أستعبط'' حين يبدؤون في حلق شاربي، فإذا خففوه إلى مستوى الموضة، أقنعت نفسي بأنهم هم الذين فعلوا ولست أنا· وقررت أخيراً أن أركب أمواج الموضة: ماكينة رقم واحد لو سمحت· لكن الموضة الإماراتية تغيرت، وأصبح الشارب الترابي ''دقة قديمة'' بعد أن ظهر الشارب الغباري، مجرد غبار على الوجه أسفل الأنف وفوق الشفة العليا· ورحت أقول للحلاقين: ماكينة نصف لو سمحتم· وفي يوم من الأيام قررت أن أجعلها ماكينة ربع، واكتشفت أن براطمي (شفتاي) تشبهان براطم البط، لكن الشكر للمولى، فهناك خال جميل يقبع في موقع استراتيجي من وجهي كان مغطى كل تلك السنوات بالشوارب اللعينة· وبهذا الخال استطعت أن أقنع زوجتي بصواب ما فعلته بعد أن بقيت أياماً تأسف على شاربي، وتشعر بالقشعريرة كلما نظرت إلى وجهي· لا أدري أين ستأخذني هذه الموضة المتحركة مثل رمال الصحراء الناعمة· وأرجو من الذين يبتدعون الموضة، أي أوائل الناس الذين يبدؤون في شيء ثم يلحق بهم باقي الناس، ولا أدري من هم ولا سبب لحاق الآخرين بهم، ألا يذهبوا إلى الشوارب اللا شواربية، أي الشوارب الميكروسكوبية التي لا تراها إلا بالمجهر· أرجوكم، لا أريد أن أصبح رجلاً ''عديم الشنب'' في دفتر مراهق يضع وجهي مع جسم شاكيرا· ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©