الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخبراء يحذرون من عدم الإلمام بطبيعة «سيكولوجية» مرحلة الطفولة

الخبراء يحذرون من عدم الإلمام بطبيعة «سيكولوجية» مرحلة الطفولة
29 مارس 2014 22:49
خورشيد حرفوش (أبوظبي) ليس هناك أهم عند الآباء والأمهات من تربية الأبناء، وليس هناك من اختلافات في الرؤى أكثر من كيفية الوسائل والطرق والأساليب والأخطاء التربوية التي يمكن أن يقع فيها الآباء والأمهات دون قصد، أو لعدم الوعي أو المعرفة أو الإلمام بسيكولوجية التعامل الصحيح مع الصغار، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن ما يتعلمه ويكتسبه الطفل في سن مبكرة، يلعب دوراً مؤثراً وفاعلاً في تكوين ملامح شخصيته في المستقبل. هذا لا يمكن التعاطي معه دون أن يغيب عنا البعد المعرفي والتعليمي والثقافي للآباء والأمهات، في ظل ثقافة المجتمع السائدة بكل مفرداتها وتفاصيلها. لكن لا يفوتنا بين هذا وذاك ما تسببه تلك الأخطاء الوالدية من مشاكل نفسية تلقي بظلالها الكثيفة المباشرة على الطفل، ويصبح أسيراً وضحية لمثل هذه الأخطاء. مما لا شك فيه أن الإلمام بطبيعة «سيكولوجية» مرحلة الطفولة بكل تفاصيلها ومراحلها وسماتها وتعقيداتها، حجر الزاوية والأساس الضروري للتعرف على الأخطاء التربوية للوالدين والمربين عند التعامل مع الطفل ومشاكله السلوكية. فكثيراً ما نرى آباء وأمهات ومعلمين يقتلون روح الفضول في وجدان الطفل، ومنهم من يقتل رغبته في التعلم مبكراً، أو يحرمه من إشباع غريزة حب الاستطلاع لديه، أوالرغبة في اكتشاف الجديد، بنهره وزجره وتوبيخه عند طرح الأسئلة والرغبة في المعرفة، أو السخرية منه والاستهزاء به، بل معايرته بسماته السلبية، أوجوانب النقص في مظهره وقدراته. طبيعة الطفل الأخصائية النفسية، عفاف الثبيتي، تقول: «هناك كثيرون يجهلون طبيعة الطفل، فمنهم من يتجاهل السلوك الجيد أو الإيجابي للطفل، ومن المؤسف أن بعض الآباء والأمهات يتفننون في محو السلوكيات الإيجابية لدى الطفل عبر تجاهل سلوكياته الحميدة أو زجرهم ونهرهم له لدى القيام بالسلوك الحسن، فعندما تقوم الطفلة بترتيب غرفتها وحاجاتها، تتوقع أن تسمع الأم تثني عليها وتشيد بها وتشجعها، لكنها قد تفاجأ بأنها تتجاهلها أو تعنفها لسبب آخر، وعندما يجتهد الطفل أو يظهر مهارته في ممارسة هواية يحبها، نجد الأب أو المعلم يوبخه على تضييع وقته، وعدم حل الواجب، وفي المقابل نجد الآباء والمربين يغفلون عن تصحيح سلوكيات الطفل الخاطئة، الأمر الذي يؤدي إلى تمادي الطفل واستمراره في ممارسة مثل تلك السلوكيات، فعندما يتفوه بكلمات غير لائقة، أو يسب صديقاً له، أو يتعامل مع شقيقه الأصغر بعنف، قد نجد الأم تتعامل بلا مبالاة ودون أن تكون لها ردة فعل تتعلق بإيقاف السلوك الخاطئ، ولا تعلم أنها تعزز لديه مثل هذه السلوكيات». وتضيف الثبيتي: «إن عدم الحرص على تصحيح السلوك غير المرغوب فيه في الموقف ذاته يسهم في تكريس وتشجيع التصرف الخاطئ وتعزيزه وتثبيته عند الطفل، وقد ترتبط بذلك معاقبة الطفل عبر صور انتقامية مجافية للصواب كأن يكون الضرب على الوجه أو الرأس أو الإهانة، وفي أحيان أخرى يعاقب الطفل بقوة على هفوات صغيرة لا تستحق هذا العقاب أو ذاك، أو أن يتخذ المربي الضرب وسيلة للعقاب، أو ضربه أمام أقرانه في الصف، أو تكديره بمعاقبته بأمور خارجة عن قدراته، وكثيراً ما نجد صوراً للعقاب بها من الإفراط أو المبالغة في استخدام أنواع معينة من العقاب البدني أو النفسي ما لا يتناسب وحجم الخطأ الذي ارتكبه الطفل». مواقف سلبية وترى الأخصائية النفسية موزة المنصوري أن هناك من المربين من يقدمون الإيحاءات السلبية للطفل بمناسبة ومن دون مناسبة، كأن يطلقوا بعض الصفات السلبية على الطفل، كأن تقول الأم لابنها الصغير مثلاً: «أنت طفل شقي»، أو «أنت طفل غير مطيع»، هنا يتقبل الطفل تلك الصفات السلبية ويستقر الوصف والصورة في ذهنه، ويبدأ في ممارستهما كسلوك طبيعي في حياته، وكان من الأولى أن تطلق عليه بعضاً من الصفات الإيجابية لتعزيز السلوك الصحيح لديه، كأن تقول له «أنت ولد مطيع ومهذب، وهذا يجعلني أحبك أكثر»، أو «أنت طفل شاطر وممتاز وننتظر منك أكثر»، وعندما يبدي تقدماً أو تطوراً إيجابياً مهما كان بسيطاً لا تنسى أن تثني عليه وتشجعه». وتضيف المنصوري: «من الأخطاء الكبيرة الدارجة والشائعة جداً بين الآباء والأمهات، تلك المقارنة غير العادلة بين الأشقاء في كثير من المواقف اليومية، وهي من شأنها أن تشوّه صورة الابن تجاه نفسه، وتضعف ثقته في ذاته، وتزرع في نفس الطفل بذور الغيرة والكره والبغض إزاء شقيقه، أو زميله أو صديقه، أو جاره. كما أن غياب الموضوعية أو عدم التحلي بالقدوة الحسنة، وعدم مصداقية المربي، وتباين المشاعر، وعدم الحيدة، وازدواجية المعايير في شخصيته هي أمور غير مقبولة، كأن يأمر الوالد ابنه بالصدق لكنه لا يتمثّل هذا السلوك الإيجابي في حياته اليومية فيكذب في كثير من المواقف أمام مرأى ومسمع من الطفل، أو يحذر ابنه من مخاطر التدخين في الوقت الذي يرى الابن أباه يدخن. فلا بد إذاً من توافر المصداقية في حياة الطفل. أو ينفعل بشدة ويغضب ويعاقب الطفل على سلوك معين، في الوقت الذي لا يتعامل بنفس ردة الفعل تجاه نفس السلوك إن صدر من شقيقه، أو يتباين ويختلف موقفه من نفس الفعل في أوقات مختلفة، وهذا من شأنه أن يوقع الطفل في حيرة وشك وعدم ثقة». حاجات الطفل أما استشاري الصحة النفسية الدكتور جوزيف جرجس، فيرى أن الطفل بطبيعته في حاجة ماسة إلى إشباع احتياجاته النفسية من الحب والحنان والدفء الأسري والاجتماعي، بقدر حاجاته المادية من الأكل والشرب والملبس وغيرها، ومن الأخطاء الشائعة لدى كثير من الأسر الاعتقاد أن توفير الأطعمة والهدايا والملابس هي أدلة كافية على الحب، في الوقت الذي يهملون فيه التعبير عن عاطفة الحب لأبنائهم عبر الكلمة الدافئة، وبالتالي ينشأ الأبناء محرومين من تلك المظاهر الحيوية للحب. فمن الضروري أن يفهم الآباء أن الحب عاطفة قوية يمكن التعبير عنها بصور عدة كالضم، والتقبيل، والثناء دون إفراط أو مبالغة، فالحب ركن أساسي من أركان تربية الطفل. كما أن فرض الانضباط الزائد والمبالغ فيه على الطفل قد يفرض صوراً من الشدة الزائدة على الأبناء فلا يجدون الفرصة للتجربة وحب الاستطلاع والجرأة والتدرب على صناعة واتخاذ القرار، وقد تسبب انعدام ثقة الطفل في نفسه، وتشعره بالعجز النفسي والاجتماعي، ومن ثم نلفت الانتباه إلى ضرورة التفريق بين مفهومي الحزم والشدة، ومن الأهمية فهم الدوافع التي تقود الطفل إلى ممارسة السلوك الخاطئ ومعرفة أسبابها، إذ إن جهل الآباء لتلك الدوافع يقوهم إلى التعامل مع تلك السلوكيات بصورة غير مناسبة، مما قد يُسقط الطفل في بؤرة الإحباطات والصراعات النفسية. ومن الضرورة أيضاً أن يتحلى المربون بصفات الصبر والحلم والأناة والاتزان في ردود الفعل تجاه سلوكيات الطفل المختلفة. التنشئة الاجتماعية الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الطب السلوكي، يشير إلى أن هناك عوامل جينية يرثها الطفل من الأبوين وتولد معه وتتحكم في طباعه، ويمكننا أن نقول إنها لا تمثل أكثر من 40% من مجمل سلوكياته، وهذه رغم ذلك يمكن ترويضها وتهذيبها أما باقي الـ 60% فهي سلوكيات يكتسبها الطفل من البيئة المحيطة به، وعلى رأسها الأبوان، وبالتالي نصل إلى نقطة مهمة، وهي أن جميع سلوكيات الإنسان تعتمد بشكل أساسي على طريقة تربيته وتنشئته. وهناك خمسة أخطاء رئيسية نرتكبها في تربيتنا لأطفالنا وتؤثر في سلوكياتهم طوال حياتهم. الخطأ الأول، التدليل الزائد الذي يتبعه بعض الآباء بدافع من الحب وتبدو هذه الحالة بصورة واضحة في الطفل الأول أو الطفل الذكر بعد عدد من الإناث، والذي يتم التعامل معه بشكل استثنائي في التدليل وأيضاً في حالة انفصال الأبوين، أو عند غياب الأب الطويل للعمل بغرض تعويض الطفل عن أشياء معينة، مثل غياب الأب لفترات طويلة واستبدال دوره التربوي بهدايا عينية للطفل. لذا يجب أن نشير إلى أن تلبية كل طلبات الطفل وإغداقه بالهدايا بسبب أو من دون سبب، يضره أكثر مما ينفعه، فالطفل الذي اعتاد الحصول على كل شيء من دون تقديم المقابل يصل إلى مرحلة من الزهد ويفقد الإحساس بالإعجاب، كما تنمو لديه طباع مثل الطمع والأنانية وينشأ إنساناً غير قادر على العطاء وراغباً دائما في الحصول على الأشياء دون مقابل!. عدم الإنصات أما الخطأ الثاني، فيتمثل في عدم الإنصات للطفل، بحيث نساعد دون أن نشعر في تنشئة إنسان لا يستمع إلا إلى صوت نفسه ولا يحترم آراء الآخرين. والثالث، الترهيب والتخويف، وغالباً ما يلجأ إليه الأبوان تحت وطأة الاحتجاج في موقف معين بغرض إبعاد الطفل عن فعل ما، ويكون غالباً باستخدام كائنات خرافية أو حتى أشخاص بعينهم يتعامل معهم الطفل في محيط الأسرة، أما الخطأ الرابع فهو أن يتعامل الآباء مع عناد الطفل بعناد، كأن نجعل قائمة الممنوعات أكثر من المسموحات ونكثر من قول كلمة لا، والخطأ الخامس يتمثل في فقدان الأبوين القدرة على التحكم في أعصابهما، والتعامل مع الطفل بعصبية وصوت عال أو عنف، وهو ليس من طرق التعامل بين البشر». أخطاء ومحاذير هناك أخطاء وممارسات شائعة في تربية الأبناء من البنين والبنات على حد سواء، تقع أحياناً عن جهل، وأحياناً عن غفلة، وأحياناً عن عمد وإصرار، ولهذه الممارسات الخاطئة آثار سلبية على استقامة الأبناء، منها تحقير الطفل أو تعنيفه على أي خطأ يقع فيه بصورة تشعره بالنقص والمهانة، وإذا أراد أحد الأبوين أو المربي زجر الولد وتأنيبه، ينبغي ألا يكون ذلك أمام رفقائه، وإنما ينصحه منفرداً. كذلك الدلال الزائد والتعلق المفرط بالطفل الذي يسبب زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف، وضعف الثقة بالنفس والاتجاه نحو الميوعة والتخلف عن الأقران. كما أن استصغار الطفل وإهمال تربيته في الصغر فكرة باطلة، والصواب أن تبدأ التربية ويبدأ التوجيه منذ الصغر من بداية الفطام، حيث يبدأ التوجيه والإرشاد والأمر والنهي والترغيب والترهيب والتحبيب والتقبيح. ومن مظاهر التربية الخاطئة، عدم السماح للطفل بمزاولة الأعمال التي أصبح قادراً عليها من قبيل الشفقة أو الرحمة، ومن آثارها السلبية فقدان روح المشاركة، والاعتماد على الغير، وفقدان الثقة بالنفس، والتعود على الكسل والتواكل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©