السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بائع ذهب لا يملك شبْكة عروسه

بائع ذهب لا يملك شبْكة عروسه
28 يونيو 2008 21:07
بين الذهب يعيش ثلثي نهاره· 16 عاما من الخبرة في صياغة وبيع الذهب قضاها رامي أديب مخول لم تزده إلا زهدا فيه، ولم تغير من أحواله الكثير، فما زال، بعد 36 عاما من العمر، أعزب حتى اليوم، يبحث عن عروس لا يملك ثمن ''شبكتها'' وكل ما يطلبه من الدنيا أن تكون امرأة قانعة مثله لا يغرها إغواء الذهب مثل غالبية النساء· من باب ورشة الصياغة ولج أديب إلى عالم الذهب، قبل أن يتخرج منه ويدخل في عالم البيع والشراء، والتعامل مع زبائن الكنز الأصفر، ''بضع سنوات فقط أمضيتها في ورشة صياغة الذهب· وهي مهنة جميلة، غير أنها متعبة، ويكتنفها بعض الخطورة سواء من الآلات أو من الغازات السامة أو المواد الكيماوية التي تستخدم في العمل· لكن بيع الذهب أحبّ إلى قلبي، ففيه متعة بالعمل وفن في التعامل مع الناس، ومن خلاله التقيت العديد من الأصدقاء المخلصين الطيبين''· ''الإسكافي حافي'' غارق في الذهب حتى أذنيه، فعلى يمينه طقم يتجاوز ثمنه 15 ألف درهم، وعلى شماله طقم بـ 10 آلاف درهم على الأقل· ومن خلفه مجموعة من الأطقم الفاخرة متعددة الأشكال· وأمامه خواتم وأساور ذهبية مطعمة بالألماس، ومع هذا لا يملك ثمن ''شبكة'' عروسه التي ما زال يبحث عنها إلى اليوم: ''يخطئ من يعتقد بأن كلّ من يعيش في عالم الذهب هو شخص ثريّ بالضرورة· والحقيقة أن من يعمل في بيع الذهب إنسان عادي· أنا موظف في محل الذهب ولست صاحبه، ولم أرث شيئا عن والدي· وكل ما أملكه راتبي الشهري الذي أتقاضاه نظير عملي· فغلاء الأسعار ومتطلبات الحياة تجعل الراتب ''مثل الرأس والطاقية'' أي على القدر تماماً''· وبمناسبة الحديث عن الوالد يقول مخول: ''كان والدي يعمل موظفا في مستشفى عسكري بدمشق، وبعد وفاة زوجته الأولى تزوج من والدتي، وأصبح لديه 5 أولاد و3 بنات· وعلى الرغم من ذلك فهو يعيش الآن أعزبَ، مثلي، بعد وفاة والدتي· ويتمتع والدي الذي يبلغ عمره أكثر من 88عاما بصحة جيدة والحمد لله، وهو يمضي وقته بين زيارة الأبناء والأصدقاء''· لمعان الأصفر لم يعد يغري أديب حتى أنه ملّ النظر إليه: ''عيني ''مليانة'' من الذهب، بل ومللته لدرجة أنني لا أهديه لأحد· وإذا ما أخذت لأحدهم هدية أختار له شيئا آخر ليفرح به''· يتابع: ''كما يقول المثل ''الإسكافي حافي، والحايك عريان''· وعلى عروس المستقبل أن تتفهم ذلك، وتقدر بأن وضعي المادي لا يسمح لي بإهدائها الكثير من الذهب''· بورصة الأسعار العمل في بيع وشراء الذهب والتواصل مع الزبائن شيء ممتع بالنسبة لأديب، غير أن تذبذب الأسعار صعودا وهبوطا، يسبب له متاعب مع بعض الزبائن: ''فالبورصة ليست بأيدينا، وأخبار الأسعار تأتينا عن طريق الإدارة والإنترنت كل 15 دقيقة· نحاول أن نشرح ذلك للناس، فمنهم من يتفهم وثمة من يجادل في الأسعار· وهذا أصعب ما في المهنة فنحن نتعامل يوميا مع نوعيات ناس مختلفة تحتاج إلى شخص صبور ''طويل البال''، فهنالك من يفاصل في أسعار الذهب وثمة من لا يريد أن يشتري بقدر ما يريد أن يفتعل مشكلة، وهنالك أناس، ''يا لطيف''، مزاجهم صعب، وثمة أشخاص إن تستفتح بوجههم فيومك كلّه نكد، وبالمقابل ثمة أشخاص راقون يسهل التعامل معهم، وإن استفتحت برؤية وجوههم فنهارك يكون سعيدا· أنواع كثيرة من الناس نراها يوميا وفي الآخر علينا أن نتقبل ونحاول تلبية طلباتها من أجل الرزق''· بعد يوم عمل شاق ووقفة متواصلة على قدم وساق لبيع الزبائن وإرضائهم على اختلاف أمزجتهم وأذواقهم يعود بائع الذهب رامي مخول إلى بيته، بيت العزوبية المشترك مع أصدقائه، سعيدا بما باعه في ذلك اليوم، لا يحلم بأكثر من الرضا والصحة وزوجة قنوعة مثله ''فالقناعة كنز لا يفنى''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©