الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحراك العربي... والقضية الفلسطينية

18 مارس 2012
قبل أكثر من عام، بدأت في بعض البلدان العربية موجة من الثورات أدت إلى إسقاط حكام تونس ومصر وليبيا واليمن واحداً تلو الآخر. وها هم السوريون يقدّمون العشرات من القتلى كل يوم على أمل تحقيق نفس الأهداف في العيش بحرية وكرامة تحت نظام ديمقراطي. وفي هذه الأثناء، يتساءل العديد من الفلسطينيين عن أثر تطورات السنة الماضية في العالم العربي على كفاحهم من أجل الحصول على الاستقلال. لقد بدأ العديد من الفلسطينيين بعد الحرب العربية- الإسرائيلية عام 1967، التي شكلت بداية تراجع المد القومي العربي، يشعرون بأن نضالهم يخصّهم هم في المقام الأول فقط. ويُظهِر استطلاع أجراه مؤخراً المركز الفلسطيني للرأي العام أن الفلسطينيين لم يغيّروا وجهات نظرهم حول كيفية نظرة العالم العربي الكبير إلى قضيتهم. ويشعر 65 % من المستَطلعة آراؤهم بأن الحراك العربي سيكون له أثر سلبي على القضية الفلسطينية. ويقول الدكتور نبيل كوكلي، رئيس المركز الفلسطيني للرأي العام، إن معظم الفلسطينيين ينظرون إلى "الحراك العربي" على أنه لغير صالحهم. ويشرح الدكتور كوكلي ذلك مؤكداً أن الأنظمة العربية الجديدة مشغولة اليوم بقضاياها الداخلية أكثر من انشغالها بمستقبل الفلسطينيين. والحال أن الوضع الداخلي للدول العربية التي عاشت الحراك العربي حتى الآن غير مستقر بالطبع لأن كل دولة تحاول ترتيب أوراقها الداخلية. ولذلك فإن الوضع الداخلي لهذه الدول يبقى على رأس سلم الأولويات في الفترة الحالية، حيث تحاول كل دولة إيلاء جل اهتمامها لشؤون داخلية مثل الاقتصاد والأمن. ومن الجدير ذكره أنه ومنذ بداية الحراك العربي، حدثت تغيرات عديدة في مسار "القضية" كان أهمها توجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من أجل كسب تأييد دولي لقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. إلا أن هذه التطورات على الساحة الفلسطينية لم تلاقِ أي تحرك في الشارع العربي ولا لدى الحكومات الجديدة في الدول العربية. ولو أن الشارع العربي رفع صوته وناشد العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو في الأمم المتحدة، لكان بإمكان ذلك التأثير على اللاعبين الكبار، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، للتفكير بإيجابية أكثر حول عضوية فلسطين، خاصة أن لهذه الدول علاقات مهمة مع العالم العربي. وسيمضي بعض الوقت قبل أن يهدأ غبار الثورة وتصل الدول العربية التي تمر بفترة تحوّلية إلى نقطة تستطيع فيها إعادة هيكلة سياستها الخارجية وعلاقاتها الدبلوماسية. ويستطيع المرء النظر إلى مصر مثلاً ليرى كيف تأثر وضعها في العالم العربي وفي المنطقة عامة بعد الثورة. فقبل ذلك، كانت مصر هي القوة العربية الرئيسية في الشرق الأوسط، التي تلعب دوراً مهمّاً في الوساطة بين العالم العربي والغرب. والدليل على ذلك هو أن أوباما اختار مصر كمحطة رئيسية يلقي فيها خطابه الأول الموجّه إلى العالم الإسلامي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، وذلك في يونيو 2009. إلا أن الدور الذي تلعبه مصر في الساحة السياسية الدولية اليوم بات أقل حضوراً لأن أوراقها الداخلية ما زالت مبعثرة. وعندما يُقتَل العشرات في مباراة كرة قدم في مصر، فليس هناك مجال لتركيز الاهتمام على السياسة الخارجية. ولا يملك الفلسطينيون الوقت للانتظار حتى يبدي الشارع العربي اهتماماً أكبر بقضاياهم، ويتعين عليهم الدفع إلى الأمام وبناء قواعد وأسس دولتهم المستقبلية. والاعتماد على الذات في هذا الوقت أساسي لمستقبل الدولة الفلسطينية المستقلة. وتملك الأجيال الشابة من الفلسطينيين القدرة على القيام بذلك. وربما يكون الشباب العرب، الذين قادوا مبادرة الحراك العربي قد حصلوا على الإلهام من النضال الفلسطيني، وخاصة الانتفاضة الأولى والحركة غير العنيفة في السنوات الأخيرة. وأعتقد أن الشباب الفلسطينيين يملكون القدرة اليوم على تحقيق حراك خاص بهم. وليس هناك شك في أن الدعم العربي، إذا جاء مبكراً، سوف يقوّي المركز الفلسطيني ويخلق أوضاعاً أفضل للتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية. ويمكن للضغوط الدبلوماسية من جانب الدول التي تملك اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع قوى عالمية كبرى، أن تغير قواعد اللعبة بصورة أسرع. داود أبو لبدة كاتب فلسطيني ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©