الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كليلة ودمنة» و «الحيوان» و «عجائب المخلوقات» من أوائل الكتب المزينة بالتصاوير

«كليلة ودمنة» و «الحيوان» و «عجائب المخلوقات» من أوائل الكتب المزينة بالتصاوير
22 أغسطس 2009 23:52
عني المسلمون عبر تاريخهم بأمر المخطوطات، فأكسبوها طابعا مميزا في جلودها أو في الخطوط والزخارف الملونة المذهبة التي ازدانت بها• وعني المسلمون بتزويد المخطوطات بالصور خلافا لما روجه بعض المستشرقين عن انصراف المسلمين عامة والعرب خاصة عن ممارسة فن التصوير• ومنح العرب التصوير الإسلامي مدرسته التصويرية الأولى التي تعرف في المؤلفات الحديثة باسم المدرسة العربية• وموقف العقيدة الإسلامية المتحفظ تجاه التصوير والمصورين حدد مجال عمل هذا الفن بعيدا عن دور العبادة أو الكتب الدينية، وهو ما أعطى التصوير الإسلامي مذاقا خاصا باعد بينه وبين التصوير البيزنطي المسيحي الذي عنى بتماثيل وتصاوير الكنائس، بل ذهب البيزنطيون أنفسهم وتحت تأثير التقاليد الإسلامية الى حد تحطيم ما بالكنائس من تصاوير ومجسمات فيما يعرف تاريخيا بحركة الأيقونيزم• بقصد العبادة ولا خلاف على أن الإسلام نهى عن عمل الصور بقصد العبادة، وثمة أحاديث نبوية شريفة تفيد هذا المعنى، وتهدف الى البعد عن التقاليد الوثنية في عبادة الصور والأصنام• وبرسوخ الدعوة الإسلامية وتمكنها لم يجد العرب والمسلمون أي بأس في اتخاذ الصور بغرض زخرفة جدران القصور والحمامات وتزيين وتوضيح موضوعات المخطوطات المختلفة• وارتبط التصوير العربي في نشأته الأولى بنشاط الحركة العلمية منذ العصر العباسي، الذي كثرت فيه المؤلفات العربية والترجمات من اللغات الأخرى كاليونانية والسريانية والسنسكريتية، إذ لجأ العرب الى تزويق هذه المخطوطات لتوضيح ما جاء فيها من معلومات جديدة• وتعد المدرسة العربية أولى مدارس تصوير المخطوطات في الإسلام وقد انتشرت تقاليدها الفنية سريعا في جميع انحاء العالم الإسلامي وان تركز انتاجها في الأقاليم العربية كالعراق والشام ومصر وشمال افريقيا والأندلس وبقيت أسسها الفنية حية بين القرنين السابع والتاسع الهجريين «13-15م» وتتألف مخطوطاتها من كتب باللغة العربية • مخطوطات مزوقة يمكن إجمال المميزات الفنية الرئيسية لتصاوير هذه المدرسة في وضوح الطابع العربي لملامح الوجوه وفي الثياب وأغطية الرؤوس وتمثيل مظاهر المعيشة اليومية، وبساطة التصميم وعدم التعقيد في أسلوب توزيع عناصر الصورة والاكتفاء برسم الأشخاص أو الأدوات التي تتصل مباشرة بالموضوع• وتصنف المخطوطات المزوقة بحسب تقاليد المدرسة العربية إلى ثلاثة أقسام رئيسية، طبقا لموضوعاتها، فهناك الكتب العلمية أو شبه العلمية ومنها ما هو مترجم عن اليونانية ثم كتب علم الحيوان وأخيرا المخطوطات ذات الصبغة الأدبية التاريخية• ورغم كثرة المخطوطات المزوقة بالتصاوير، فإن الطابع الفني لا يبدو واضحا فيها لأنه لم يقصد بهذه التصاوير، إلا تفسير المتن وشرحه وتوضيحه بلا زيادة، بمعنى أنها جزء من نصوص الكتب العلمية• وأدى ذلك إلى أن المصورين كانوا ينقلون الصور ذات الموضوع الواحد بطريقة شبه حرفية من المخطوطات الأصلية، مما جعلها تتشابه أحيانا، رغم تباين الفترات الزمنية التي انتجت فيها أو اختلاف الأقاليم التي ينتمي اليها المصورون• وإذا لم نعثر على ما يفيد تاريخ ومكان نسخ المخطوط وتصويره طبقا لتقاليد المدرسة العربية فانه من الصعوبة أن نقطع بنسبة هذه المخطوط إلى أي من المدن العربية• ومن أهم الكتب العلمية التي اعتني العرب بتزويقها بالصور «كتاب الحيل الجامع بين العلم والعمل» لإبن الرزاز الجزري، ويتناول بعض الحيل الميكانيكية وتصميمات لآلات وساعات زمنية تبلغ خمسين حيلة• ترجمات عربية من الكتب العلمية التي كثر تزويقها، الترجمات العربية لكتاب الترياق لجالينوس وكتاب اليوناني ديسقوريدس، المسمى الحشائش أو خواص العقاقير، وهي كتب تتعلق بالصيدلة واستنباط العقاقير من النباتات• وفي هذا النوع من المخطوطات يرسم المصور شكل النبات مع المتن الذي يوضح طريقة إعداد العقار النباتي وفوائده المختلفة في العلاج ومازالت دكاكين العطارين تمد الطب الشعبي العربي بالنباتات ذاتها ووصفاتها العلاجية• كما عنيت مدرسة التصوير العربية بتزويق الكتب التي تتحدث عن حياة الحيوان وطرق علاج ما قد يلم بالحيوانات من إصابات أو أمراض «البيطرة» مثل نعت كتاب الحيوان للجاحظ وكتابي نعت الحيوان ومنافع الحيوان لابن بختيشوع وكتاب عجائب المخلوقات للقزويني، ثم كتاب «البيطرة» الذي تشتمل صفحاته على صور خيل وآدميين توضح أمراض الخيول وطرق علاجها• وهناك مخطوطات مصورة عن علم الفلك وصور ورموز الأبراج والنجوم والكواكب ولعل أهمها كتاب مجموعات النجوم وصور الكواكب الثابتة لأبي الحسين بن عبدالرحمن بن عمر الصوفي•
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©