الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخبز الشعبي» تراث الأجداد

«الخبز الشعبي» تراث الأجداد
9 مايو 2017 20:24
أشرف جمعة (أبوظبي) يستمد الموروث الشعبي الإماراتي توهجه من عبق الماضي، فهو يرسخ يوماً بعد يوم في نفوس أبناء الوطن معاني الولاء والانتماء، ويترك في الذاكرة لمحات عن حياة الآباء والأجداد، ولاتزال مفردات الموروث تثري واقع الحياة، ورغم تعدد ألوان الأطعمة التراثية، فإن الخبز الإماراتي الشعبي الذي كان يجهز في البيوت قديماً على «التنور والطابي» وما شابه ذلك من طرق تقليدية يستحق الإضاءة عليه خصوصاً أن الأمهات قديماً كن يحرصن على أن يعلمن فتياتهن أصول طهيه. والخبز الإماراتي الشعبي بفوائده الصحية ومذاقه المستساغ قصة لها خصوصيتها من الموروث الوطني، ما يجعل من الدعوة إلى إقامة مهرجان يكون مخصصاً له مظهراً من مظاهر الحفاظ على التراث وتكامله، ومن ثم الحفاظ على بقائه وتعميق قيمته في نفوس أبناء الجيل الجيد، ليظل هذا الجانب من الموروث صورة مشعة يمتد قبسها من الماضي إلى الحاضر. أنواع كثيرة وتقول بخيتة الفلاسي مديرة مركز السمحة النسائي: يتمتع الخبز الشعبي بمذاقه المستساغ المحبب لدى الجميع كونه يصنع من مواد طبيعية، ويغلب عليه الطابع الصحي، خصوصاً أنه متنوع، فهناك أنواع كثيرة منه، مثل خبز الرقاق والخمير والحباب وأنواع أخرى لا تزال موجودة بفضل الحفاظ على الموروث الشعبي الإماراتي الأصيل وكثرة المهرجانات التي يطهى فيها الخبز بشكل مباشر وحي أمام الجميع بفضل مهارة الحرفيات الإماراتيات اللواتي يعرفن أسراره، ويجدن طهيه بالطرق التقليدية المتعارف عليها قديماً، لافتة إلى أن إقامة مهرجان تراثي مخصص للخبز الشعبي الإماراتي يثري واقع الحياة، ويعمل على إحداث حراك في أوساط الشباب ومن ثم استقطابهم للتعرف على لون مهم من ألوان الموروث الشعبي. وتؤكد أن إقامة هذا المهرجان للخبز الشعبي سيكون إضافة حقيقية للمشهد التراثي، مشيرة إلى أن إقامة هذا المهرجان والدعوة له مفيد في ظل حفاظ الدولة على تراثها وإحيائها لعادات وتقاليد راسخة أثرت عبر أجيال في واقع الحياة. واجب وطني ويشير الدكتور راشد المزروعي مدير مركز زايد للدراسات والبحوث إلى أن الخبز الإماراتي الشعبي رغم تقارب مسمياته، فإن طريقة طهيه تختلف من منطقة إلى أخرى في الدولة، لافتاً إلى أنه من الأهمية إقامة مهرجان مخصص للخبز الشعبي، خصوصاً أن هذا اللون من التراث يحظى باهتمام المعنيين بالموروث، وأن هذا المهرجان إذا اكتملت له كل العناصر من ناحية التنظيم، فإنه سيحقق مكاسب كثيرة في أوساط الشاب وبخاصة الفتيات، لأن الحفاظ عليه واجب وطني ومن الطبيعي أن تسعى الجهات المعنية لإحيائه، وتوفير سبل بقائه، فالأطعمة الشعبية بوجه عام تتمتع بزخمها والأسرة الإماراتية تحافظ عليها رغم تعاقب الأجيال. ويوضح المزروعي أن هذا المهرجان سيكون متميزاً، وسيحظى باهتمام من جميع أبناء الدولة والمقيمين على أرضها والزوار والسياح. وتقول الباحثة التراثية الدكتورة بدرية الشامسي عضو هيئة تدريس في كليات التقنية العليا في رأس الخيمة -أول إماراتية تحصل على دكتوراه في التراث- أن المرأة الإماراتية كانت تطهو خبزها بشكل يومي في البيت، وأن الأمهات كن يعلمن بناتهن أساسيات صناعة الخبز الشعبي كنوع من إعدادهن للحياة الزوجية، إذ إن الأسرة الإماراتية اهتمت في الماضي بدور المرأة المحوري في عملية الاكتفاء الذاتي عبر تعليمها الطهي وحياكة الملابس وغيرها من الحرف الضرورية للاعتناء بالبيت وحياة الأسرة، وتشير إلى أن الخبز الإماراتي موجود في جميع البيئات التراثية القديمة في الصحراء والواحة والمناطق الجبلية وغيرها من المناطق الأخرى وكان يخبز على التنور والطابي موضحة أن أنواع الخبز الشهيرة في البيئة القديمة تتمثل في خبز الرقاق والجباب، والمحلا، والخمير، ومنها ما يستطاب أكله في الشتاء وبعضه في الصيف، مبينة أن خبز الرقاق يدخل في تكوين «الثريد». وترى أن المرأة الإماراتية تفننت في تجهيز مكون الخبز عبر طحن الحب بالرحى وعجنه وخبزه على «الطابي» الذي هو عبارة عن آله من الحديد مستديرة ويسوى عليها الخبز، وتبين أن إقامة مهرجان مخصص للخبز الشعبي سيكون بمثابة مبادرة جديدة من نوعها، وسيطرح أمام الجميع طرق طهي الخبز بجميع أنواعه ومع مرور الوقت سيتطور هذا المهرجان كونه سيحفز على الأصالة وسيساعد الجيل الجديد على التعرف أكثر إلى نوع مهم من الطهي الشعبي المعروف البيئة القديمة. جهات تراثية وتذكر الخبيرة التراثية فاطمة عبيد المغني أن الخبز الإماراتي الشعبي متميز بأنه طعام صحي ومفيد، وأن البيئة الإماراتية قديماً وحديثاً لا تستغني عنه كونه لوناً من ألوان الطعام الذي تزدان به المائدة، وأن أنواعه محببة لجميع أفراد الأسرة، وتشير إلى أن تخصيص مهرجان للخبز الشعبي سيكون حدثاً فريداً من نوعه في الدولة نظراً لثراء هذا الجانب من الطبخ الشعبي الذي درجت عليه الأسرة قديماً، والذي لا تزال الكثير من الأسر الإماراتية تحرص على وجوده، وتؤكد أن هذا المهرجان يحتاج إلى تنسيق مع الجهات التراثية في الدولة خصوصاً أن لديها الكثير من الحرفيات اللواتي يمتلكن المهارة الحقيقية في طهيه ولديهن الحافز إلى نقل خصائصه إلى الجيل الجديد، مشيرة إلى أن الخبز في المناطق الجبلية مختلف عنه في الساحل ومنطقة البادية لكنه في كل الأحوال يعبر عن جانب مهم من طبيعة حياة الآباء والأجداد، وأنه فن مكتسب من الحياة وغذاء له قيمة عالية ومن الضروري أن يرتبط به الأجيال، وأن يتنقل سنوياً بين إمارات الدولة لكي تتطلع جميع فئات المجتمع على عناصره وتتفاعل مع فعالياته بصورة تليق به. ويقول مدير إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات سعيد المناعي أوضح أنه يشجع على إقامة مهرجان للخبز الإماراتي الشعبي خصوصاً إن إدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات تهتم بالأطعمة الشعبية، ودائماً تشارك في المهرجانات التراثية بالحرفيات اللواتي يحملن معدات تقليدية لطهي الخبز بأنواعه أمام الجمهور، لافتاً إلى أنه من المفيد أن يتنقل هذا المهرجان بين إمارات الدولة ليشجع الأبناء على إحياء التراث بكل صوره، وتقريب صورة الخبز الشعبي لدى الشباب بما يحمل من قيمة غذائية صحية ، تجعلهم يبتعدون عن الأطعمة غير الصحية خصوصاً أن أشهر أنواع الخبز الشعبي خبز الرقاق والجباب والخمير والمحلا، وأن خبز الخمير مثلاً يفضله الجميع في موسم الشتاء، لأنه يؤكل مع العسل والدبس، ويعطي مزيداً من الطاقة والدفء والحيوية، وأن خبز الرقاق يفضل تناوله في الصيف، لأنه يؤكل مع اللبن لترطيب الجسم. وبين أن المهرجان يجب أن يكون من خلال الجهات التراثية في الدولة حتى يتم تنظيمه بشكل متفرد، نظراً لأن موضوعه حيوي، ويفضل إجراء مسابقات ترصد لها جوائز قيمة. روح واحدة تؤمن الباحثة التراثية بدرية الحوسني، أن الخبز الشعبي الإماراتي تتعدد مسمياته في كل مناطق الدولة، لكنه يحمل روحاً واحدة ومكونات قريبة، وأن بعضه كان يخبز على التنور، أو الطابي وأن إقامة مهرجان للترويج لهذا النوع من الطعام الشعبي سيعمل على تنشيط ذاكرة الجيل الجديد، ويجعلهم يجربون طهيه بأنفسهم، خصوصاً بعض الفتيات اللواتي لم يتعلمن طرق طهيه، مشيرة إلى أن هناك الكثير من البيوت الإماراتية تحرص على أن يكون الخبز الشعبي موجوداً بشكل يومي على موائدها، وأن الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي حالياً تروج له، ما أعطى زخماً لمنتج تراثي وسط الكثير من المنتجات الأخرى في الدولة، وأنه من الضروري إقامة مهرجان له لتناقل الخبرات، ومن ثم الاعتزاز بهذا العنصر المهم في ثقافتنا الشعبية. تاريخ قديم يؤكد الباحث التراثي عبدالله عبدالرحمن، أن الخبز الشعبي يقدم للضيوف عادة، ويؤكل ضمن طعام الأسرة اليومي، وأن الكثير من الأسر الإماراتية حافظت على هذا التقليد، وأن كل إمارات الدولة تفننت في طهيه، مبيناً أنه يدعم إقامة مهرجان متخصص في الخبز الشعبي؛ لأنه سيعمل على إحياء التراث كون الموروث الشعبي الإماراتي متميزاً وعامراً بمفرداته الغزيرة بين الشعوب والأمم، وأنه من المهم أن يتعرف الصغار والجيل الجديد إلى مكون أصيل في حياة الآباء والأجداد؛ لأن العصر متغير وهناك عادات كثيرة تتناقل عبر الشعوب والدول، والإمارات تعمل من خلال مؤسساتها على حفظ التراث، وسيكون من المفيد إقامة مهرجان للخبز الشعبي الإماراتي، بما يجعلنا نستعيد التاريخ القديم بوجهه المشرف. سناب شات تقول خديجة هلال المعمري الشهيرة «بـ أم راشد»، إن لديها حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي تعمل من خلاله على تعليم مهارات الطبخ الشعبي الإماراتي بشكل مجاني؛ إيماناً منها بضرورة أن تتناقل الأجيال الخبرات، ومن ثم الحفاظ على الموروث؛ لكي يظل حاضراً في المخيلة المجتمعية، وأن يستمر الشباب في الاطلاع عليه، وتشير إلى أنها تقدم وصفات طهي الخبز الشعبي الإماراتي بالطرق التقليدية، كونه متميزا جداً، وطعمه مستساغ ومحبب للجميع، وتلفت إلى أن إقامة مهرجان للخبز سيكون له دور في الحفاظ على واحد من أهم مكونات الطبخ الشعبي المحلي، وأنه من الضروري أن تتطور طبيعة المهرجان، خصوصاً أنه من الممكن أن يكون هذا الحدث نواة لمهرجانات أخرى تراثية، وترى أنه من المفيد أن ينطلق المهرجان أولاً من العاصمة أبوظبي، ثم ينتقل بعد ذلك إلى بقية إمارات الدولة حتى يستفيد من فعالياته جميع فئات المجتمع، وتشير إلى أن هذا المهرجان سيكون دعامة للفتيات خاصة وسيجعلهن في حالة شغف للسير على خطى الأجداد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©