الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش عمليات استحواذ الشركات الهندية في الخارج

انتعاش عمليات استحواذ الشركات الهندية في الخارج
18 مارس 2012
اعتمد الانتشار السريع الذي سجلته الشركات الهندية في الخارج بشكل كبير على عمليات الاستحواذ، حيث بلغ مجموع الصفقات الخارجية على مدى العقد الماضي نحو 129 مليار دولار. وتنوعت صفقات الاستحواذ في العديد من القطاعات مثل شراء “بهارتي أيرتل” لأصول شركة “زين” في أفريقيا ومجموعة “تاتا” لشركتي “كوروس” لصناعة الحديد و”جاكوار ـ لاند روفر” للسيارات. وأثارت هذه الصفقات حماس رجال الأعمال الهنود وساعدت على تحسين سمعة المؤسسات الهندية في الخارج. وربما تحدت هذه المؤسسات بحماسها للاستثمار في الدول الأخرى، القانون الأول لتمويل الشركات في أن عمليات الاستحواذ دائماً ما تقود إلى تدمير قيمة الشركة المستحوذة. وبلغ نصيب الهند من الصفقات الخارجية من حيث القيمة خلال العقد الماضي نسبة ضئيلة لم تتجاوز 1,4% و1,9% خلال الخمس سنوات الماضية النسبة التي تقارب البرازيل وروسيا، لكنها دون الصين التي بلغت حصتها نحو 6,2% منذ 2007. وهناك بعض الشكوك في أن هيكلة بعض الشركات الهندية ليست بالمستوى الذي يؤهلها لعقد المزيد من الصفقات الخارجية الكبيرة. صعوبات خارجية كما فشلت عمليات الاستحواذ الهندية أحياناً في إضافة عائدات معتبرة لرأس المال الهندي. وهذه هي العقبة التي تحطمت عندها أجيال من المؤسسات ذات النشاطات الخارجية. وعلى سبيل المثال، واجهت المؤسسات اليابانية الصعوبات في ثمانينيات القرن الماضي وكذلك الإيبرية بأميركا الجنوبية في تسعينيات القرن الماضي والألفية الثانية، والمؤسسات العاملة في مجال الأسهم الخاصة والنظم شبه المصرفية قبل انهيار 2008، ومؤخراً الشركات الصينية التي تلهث وراء الموارد الطبيعية حول العالم. ولا يتوقف نجاح هذه المؤسسات على إمكانية تسييرها بالطريقة الصحيحة فحسب، بل على السعر المناسب أيضاً. وبأخذ أكبر أربع عمليات في الاعتبار، يكون الاختبار الأول مدى نجاح هذه العمليات في زيادة الأرباح التشغيلية. وحققت “جاكوار ـ لاند روفر” نجاحاً ملحوظاً على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهتها الشركة عقب الأزمة المالية العالمية في 2008. واعتمد جزء كبير من النجاح على انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، حيث تقع معظم مصانع الشركة في بريطانيا مع أن كثيرا من المبيعات تتم في بلدان أخرى. لكن يكمن السبب الرئيسي في إطلاق الشركة لموديل “رينج روفر أيفوك” وهي تحت ملكية “تاتا”، الذي حقق نجاحاً كبيراً في الأسواق الناشئة وفي الصين على وجه الخصوص. كما ارتفعت أرباح “نوفليز” الشركة الأميركية العاملة في مجال الألمنيوم التي استحوذت عليها “هيندالكو” التابعة لشركة “إديتيا بيرلا” ثالث أكبر مجموعة هندية من حيث المبيعات. أما أكبر صفقة فكانت من نصيب “تاتا للحديد” باستحواذها على “كوروس” البريطانية الهولندية مقابل 13,3 مليار دولار. وربما تقل أرباحها هذه السنة بنحو الثلثين مقارنة بأرباح 2006. وفي غضون ذلك، سرحت الشركة بعض موظفيها وأغلقت جزءا من مصانعها كما عاودت الاستثمار في مصانع جديدة. لكنها تبيع معظم منتجاتها لدول أوروبا المتعثرة في وقت ارتفعت فيه أسعار خام الحديد والفحم اللذين تستخدمهما في صناعة الحديد. وكما هو الحال بالنسبة للعديد من شركات صناعة الحديد، تراجع صافي الأرباح التشغيلية في الربع السابق مع خسارة ليست بالكبيرة. عمليات الهيكلة وبإجراء المزيد من عمليات الهيكلة، تسعى “تاتا” لتحقيق أرباح تصل إلى 10% خلال عدد من السنوات وإمكانية مضاعفة هذه النسبة في حالة انتعاش الاقتصاد مرة أخرى. وآخر هذه الصفقات شراء “بهارتي أيرتل” لشركة “زين” الجنوب أفريقية مقابل 10,7 مليار دولار والتي تراجعت أرباحها بنحو 5% عقب الإعلان عن الصفقة. وتعمل الشركة على مراجعة نشاطاتها في 16 دولة أفريقية تعمل فيها، من خلال الاستثمار في برامج جديدة والقيام بعمليات التعهيد التي اشتهرت بها ومحاولة كسب المزيد من الحصص السوقية، كما تهدف إلى مضاعفة صافي أرباحها التشغيلية في العام المقبل على الرغم من صعوبة ذلك. وبمناصفة الحصص السوقية في معظم البلدان، يبدو مستحيلاً أن تحقق “زين” أرباحا قياسية، لكن لا يزال من المفروض عودة الأرباح إلى مستوياتها التي كانت عليها قبل عقد الصفقة. وحققت اثنتان من مجموع الصفقات الأربع أرباحاً، بينما تسهل الخسارة عندما يتم شراء مؤسسة بأكثر من القيمة التي تستحقها. ويتمثل الاختبار الثاني في تحقيق عائدات على رأس المال. وتبدو أرباح كل من “زين” و”كوروس” ضئيلة مقارنة بأرباح اليوم. وبلغت أرباح الأسهم في “نوفليز” للألمنيوم التابعة لمجموعة “أديتيا بيرلا” في العام الماضي نحو 1,7 مليار دولار. لكن ووفقاً للمعايير التقليدية، من المنتظر أن تحقق “نوفليز” أرباحاً قدرها 8% على سعرها البالغ 6,2 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مارس 2012، التي ربما تكون أقل من تكلفة رأس المال وتجيء بعد خمس سنوات من إتمام الصفقة. واعتماداً على رأس المال، يبدو أن “جاكوار ـ لاندروفر” هي الوحيدة التي حققت قيمة واضحة حتى الآن. وتشكل الصفقات الأربع ربع نشاط الهند الخارجي خلال نصف العقد الماضي. وتعرضت “جي أم آر للبنية التحتية”، للخسارة في نشاطها الاستثماري بنحو 1,1 مليار دولار في شركة “إنترجين” الأميركية لتوليد الكهرباء. كما عانت “كرومبتون جريفز” العديد من المشاكل بعد استحواذها على مجموعة من المؤسسات الأوروبية. تنويع مصادر الأرباح وعلى الرغم من تنويع معظم المؤسسات الهندية لمصادر أرباحها والمناطق التي تستهدفها، إلا أنه من المتوقع في حالة تحقيق “زين” و “كوروس” لأهدافهما، أن لا تتجاوز عائدات رأس المال ما بين 7 و8%. وفي ظل القوانين الجديدة وسياسة الحمائية التي تقف عائقاً في طريق الحصول على التمويل، يترتب على المؤسسات الهندية التوجه نحو توسيع عملياتها المحلية وزيادة حجم صادراتها التي تشمل كل أنواع النشاطات من التقنية إلى الدراجات النارية. الصفقات الصغيرة استمرت عمليات الاستحواذ الصغيرة والآمنة، حيث دفعت “أديتيا بيرلا” نحو 875 مليون دولار مقابل شراء “كولومبيان للكيماويات” الشركة الأميركية العاملة في صناعة أسود الكربون المادة المستخدمة في صناعة الإطارات. كما قامت “ماهيندرا آند ماهيندرا” بشراء “سانج يونج” الكورية لصناعة السيارات في نهاية 2010. ويُذكر أنه ومنذ بداية العام الحالي تم عقد نحو 15 صفقة صغيرة. لكن ولعقد صفقات كبيرة في عالم يتسم بالمنافسة الحادة، يترتب على المؤسسات الهندية إصلاح جانب الضعف الذي تعانيه والذي يتمثل في بنياتها المعقدة ما ينتج عنه شح في التدفقات النقدية، بالإضافة إلى عدم رغبتها في إصدار الأسهم خوفاً من تقليل هيمنة حاملي الأسهم الرئيسيين. وفي ظل وجود هذين العاملين، من الصعب حشد الموارد دون التعرض لمستوى كبير من الخسارة. وحققت “ريليانس إندستريز” ثاني أكبر مجموعة في الهند، نجاحاً باهراً بمقدرتها على إنفاق نحو 15 مليار دولار دون الدخول في أي مخاطر، الشيء الذي لا تستطيع الكثير من المؤسسات القيام به. وطرحت مؤسسة “فيدانتا” العاملة في مجال الموارد الطبيعية المدرجة في لندن والتي تقع معظم أصولها في الهند عملية في فبراير الماضي، تهدف إلى دمج وحداتها المحلية. ومنذ 1900، عكس نشاط الشركات العالمية متعددة الجنسيات مدى النفوذ الاقتصادي الذي تتمتع به الدول، حيث كانت الهيمنة التي آلت للشركات الأميركية في الوقت الحاضر، من نصيب الشركات البريطانية في الماضي. ومن هذا المنطلق يبقى أمام الشركات الهندية طريق طويل لتقطعه في سبيل الوصول إلى هذه النقطة. لكن ربما ولى الوقت الذي يمكن فيه للشركات الهندية متوسطة الحجم تحقيق طفرات كبيرة في الخارج عبر أسواق المال التي تنعم بالنشاط. ولمعرفة وزنها في العالم ولتحقيق الأرباح المرجوة، ينبغي لها أن تكون أكثر تحفظاً في الخارج وأكثر جرأة في إعادة هيكلة منظماتها في الداخل. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©