السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعبة الأسماء الذبيحة

24 يونيو 2008 01:33
لقد كنت على قناعة منذ أمد بعيد بأن أعمق ما يفرق بين الأميركيين ليس له علاقة بالنوع ولا الانتماء العرقي أو الطبقي، وأن الهوة الكبيرة السحيقة التي تفصل بينهم حقاً هي الأسماء العادية السلسة السهلة النطق، وتلك الغريبة الصعبة التي يتعثر فيها النطق واللسان، لا أعني بهذا أن أسماء مثل ''سميث'' و''تومسون'' و''هيرنانديز'' هي جوازات عبور سهل لا تكلف حامليها أي مشقة كانت، فليست المسألة هنا مسألة انتماء عرقي، وما يرتبط به من حمولة ثقافية ثقيلة، إن الذي أقصده هو أن لمجرد قدرة المرء على نطق اسمه على نحو سهل ومتكرر بمعدل عشرات المرات يومياً، لمندوبي خدمة العملاء، وكذلك لمندوبي التسويق الهاتفي، وفي العيادات الطبية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ولوكلاء خدمات حجز التذاكر والمطاعم··· إلى آخره، وكذلك في المدارس والجامعات، ربما يحمل ما يحمل من المشقة للملايين منا· ومهما يكن الاسم سهلاً وبسيطاً، فإنك تجد دائماً من له القدرة على تثبيتك على حائط الصبر والشعور بالمهانة، وأنت تسمعه يذبح اسمك ذبحاً حتى يدفعك إلى كراهيته في كثير من الأحيان· وعلى سبيل المثال، فقد سمعت اسمي من عدد من مندوبات التسويق الهاتفي، وهن ينطقن به -بل يذبحنه- في ما يتجاوز الـ500 مرة بمناداتهن لي باسم الآنسة ''دوم'' في حين أنه اسم بسيط للغاية ونطقه ''داوُم''، ومع أن كلمة ''داوُم'' نفسها ليس بالضرورة أن يكون لها معنى معجمي معيّن، إلا أن الاسم ''الذبيح'' يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى ''الموت'' و''الفناء''! وهذه هي الحالات التي تصير فيها أبسط الأسماء، إلى عقبة لسانية يعجز حتى أبرع اختصاصيي اللغة في اجتيازها بأمان! وإذا كان الحال هكذا مع الأسماء السهلة البسيطة، فما الذي يحدث للمرء حين يكون اسمه العائلي الأخير اسماً صعبا على النطق واللسان، بل ماذا يحدث حين يكون صاحب هذا الاسم مرشحاً للمنصب الرئاسي أو رئيساً دون أن يحسب لهذا حساباً؟ وإذا ما صحت قراءتنا لتاريخ الرئاسة الأميركية، فأن يكون للرئيس الأميركي اسم طبيعي وسهل على النطق، هو أول جواز عبور ناجح إلى المنصب، فمن بين أسماء كافة الرؤساء الأميركيين السابقين، لم يشر إلا اسم ''إيزنهاور'' إلى نبرة ألمانية تأمركت وتطبعت على اللسان الأنجليكاني بفعل عامل الزمن· وعليه وفيما لو تابعت أسماء كل هؤلاء الرؤساء، لوجدتها طبيعية مباشرة وغير محتشدة بالمقاطع والأحرف المعتلة، وعادة ما تبدأ هذه الأسماء بالأحرف الصحيحة وتنتهي بها، ولنا في هـــــذا أن نذكــــر أســـــماء كل من: ''واشـــــنطن''، ''جيفرســـــون'' و''لينكولن'' و''كلينتون''··· إلى آخرهم· وربما لاحظنا أن الحرف الصحيح الأخير، كثيراً ما كان حرف الـ''إن''· ولما كنا مقدمين على معركة انتخابية رئاسية فاصلة في شهر نوفمبر المقبل، فما علاقة كل هذا بالمرشحين الحاليين ''باراك أوباما'' و''جون ماكين''؟ وهل يعني هذا أن حظ ''أوباما'' سيكون أوفر فيما لو كان اسمه ''أوبامان'' أو ''توبامان'' مثلاً، وفقاً لما قيل آنفاً؟ وفي المقابل فربما بدا اسم ''ماكين'' خفيفاً سهلاً على اللسان كما اللكنة الأيرلندية، ينجدنا في حل هذه المغالطة اللغوية، البروفيسور ''جرانت سميث'' -أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة ''إيسترن واشنطن''- نافياً أن يكون الأمر بهذه السهولة والميكانيكية، فقد أجرى البروفيسور بحوثاً مكثفة في الخصائص اللغوية لأسماء الرؤساء الأميركيين، وعن طريق استخدامه لـ20 متغيراً صوتياً، تمكن من إجراء تحليل صوتي لأسماء جميع الرؤساء، أعانه على تحديد نقاط ودرجات لكل واحد منهم، اعتماداً على الخصائص الإيقاعية والصوتية، ووفقاً للنتائج التي توصل إليها فإن لاسم ''باراك أوباما'' حظاً أوفر من النقاط والدرجات، مقارنة مع منافسه ''جون ماكين''· وعلى الرغم من أن نقاط اسم ''كلينتون'' تعتبر أوفر حظاً من نقاط اسمي ''أوباما وماكين''، إلا أن البروفيسور ''سميث'' لقّب منافستهما السابقة باسمها الأول ''هيلاري''، وهو أدنى صوتياً وإيقاعياً من اسم ''ماكين''· ميجان داوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©