السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأهل يستفيدون من تواجدها ويتركون أولادهم معها

الأهل يستفيدون من تواجدها ويتركون أولادهم معها
20 أغسطس 2009 20:53
أبدت «كيتو» انزعاجها من الجدّة التي أشارت إليها بتحضير زجاجة الحليب للطفلة ذات الثمانية عشر شهراً، فهي تريد أن تحافظ على نظامها الخاص المتبع مع الطفلة ولا تريد أن يتدخل في مسؤوليتها أحد... وحين تفاقم الخلاف لم يكن من «كيتو» إلا أن حزمت حقيبة صغيرة تضم أغراضها وأشياء ضرورية للطفلة وحملت الصغيرة ورحلت. تبعتها الجدة إلى الشارع وهي تصرخ... إنها قصة عادية، لا شيء غريبا فيها إذ لطالما تحصل الخلافات بين الجدة والابنة حول تربية الحفيدة ولكل رأيه وخصوصياته... لكن مهلاً... مهلاً... إن «كيتو» ليست الابنة... ولا زوجة الابن... ولا حتى المربية... إنها تعمل في منزل الابنة بصفة خادمة في الوقت الذي تمضي فيه والدة الطفلة وقتها في العمل خارج المنزل وتعود إليه من عملها منهكة فتترك الأمور لـ»كيتو» التي تمسك بزمام الأمور بإحكام... إلى درجة وصلت فيها إلى التهديد بالرحيل ومحاولة ترك المنزل... لكن ليس لوحدها... فهي اصطحبت معها الطفلة. هذه القصة الواقعية من دون شك سمعتموها من الكثيرين في معرض حديثهم عن مشاكلهم مع الخادمات اللواتي تحوّلن إلى مربيات... الرقم أربعة وعشرون تقول سناء: «قابلت أكثر من 24 مربية قبل أن أختار من سيبقى مع طفلي أثناء غيابي عن المنزل للعمل. لا أملك وسيلة أخرى سوى الاختيار الدقيق لمن سيكون مع طفلي... لاحظت أن المربية التي قابلتها، وكانت الرقم 24 بين اللواتي قابلتهن، متخصصة وتعرف ما هي حدودها في التعامل مع طفلي، فهي تشير إلي وأنا مغادرة صباحاً قائلة له «باي ماما»، وبعد مرور سنة لم يتغير هذا الأمر، وأنا حين أعود إلى منزلي لا أوفر لحظة واحدة إلا وأجلس فيها مع طفلي. الدنيا حظوظ وكان حظي جيداً إذ قابلت ميليا». ميليا لا تنام في المنزل كما تفعل كيتو، وهي تأتي يومياً ما عدا يومي عطلة الأسبوع، تقوم بعملها، ولا تتخذ القرارات عن سناء هي تعرف دورها، وقرار المنزل يعود إلى ربة المنزل وحدها. أمَّا هلا فتقول: «ربما أخطأت في ترك الأمور في يد «كيتو» ولم أع كم أصبحت متسلطة في المنزل، تركت لها دوري لأنني أشعر بالتعب خصوصاً أن حملي كان صعباً جداً، وليس ثمة وسيلة للاستعاضة عن مدخول عملي في المنزل». وتضيف: «لاحظت والدتي حين أقامت معي لفترة قصيرة، كم أن كيتو تتدخل في الشؤون الخاصة وتأخذ القرارات عني، وحذرتني مراراً ولكنني لم أتعظ، لا بل كنت مستعدة للجدال ضد والدتي خوفاً من أن أخسر كيتو، فتسلطها امتد إليّ، وكنت أسامح ولا أتدخل ولا أقول متى تأكل الطفلة أو متى تنام، وكنت أدع الطفلة تنام في حضن «كيتو» على وقع أنغام وأغاني أطفال بلدها لا بلدي... إلى أن جرت هذه الحادثة التي أيقظتني من سباتي الطويل... أن تحاول كيتو الهرب مصطحبة ابنتي!!! كان ذلك بمثابة الصاعقة التي نزلت على رأسي، ولم أتمكن من التصرف حين طلبتني والدتي مستغيثة بي قبل هروب كيتو». تركت كيتو المنزل بطلب من مخدوميها... ولكن هل اتعظت هلا بضرورة عدم الخلط بين الخادمة والمربية؟ خلط في الأدوار يدخل إلى الإمارات سنوياً متوسط إجمالي بلغ في العام 2007 مثالاً، أكثر من 83 ألفاً و600 عامل منزلي، ويوضح العميد محمد صالح بداة، مدير إدارة العلاقات والتوجيه المعنوي في وزارة الداخلية، في حوار مع «الاتحاد» أن العمالة المنزلية تعني كل ما يمت بصلة إلى المنزل مثل الطباخ (ة) ومزارع الحديقة المنزلية والخادم (ة) والمساعد (ة) والممرض (ة) والمربي (ة)، وكل عمالة لا تتعلق بالمنزل يعود منح تأشيرتها لوزارة العمل وليس لوزارة الداخلية (إدارة الجنسية والإقامة). ولفت إلى الخلط الذي يتم في العادة بين الخادمة والمربية مع العلم أن هناك فرقا بين الاثنين لجهة الكفاءة والخبرة والاختصاص. مع العلم، بحسب قوله، إن رسوم استقدام العاملين في المهنتين هي عينها، غير أن معظم العائلات، بحسب رأيه، يفضلن الاستفادة من المهنتين معا فيطلبون المربية تحت مسمى الخادمة. ويبقى، متابعاً، على الأسرة أن تعي أهمية التمييز بين المربية والخادمة، من خلال توضيح ما تبغيه فعلاً من مكاتب استقدام العمالة الأجنبية إلى الدولة. أما عن الإجراءات المتبعة فيلفت العميد بداة إلى أن طلب مربية يقتضي وجود أطفال في المنزل، ويتحمل الكفيل كل المسؤوليات المتعلقة بالعمالة المنزلية، ومن يشغّل خدمه في بيوت أخرى يتحمل تبعات وغرامات في حال انكشف أمره مع حدوث مشاكل مع الخدم. ولا تحدد الوزارة وإدارة الجنسية والإقامة عدد الخدم في المنزل، إنما تطلب أوراقاً ووثائق تثبت حاجة المنزل إلى الأعداد المطلوبة كما تثبت إمكانية إقامة تلك العمالة في المنزل (حجم المنزل) وقدرة الكفيل على دفع رواتبهم بشكل منتظم، خصوصاً أن ثمة مواطنين متزوجين من زوجتين أو ثلاث أو أربع. التحايل على القوانين وحين أشرنا إلى الاختلاف في كلفة استقدام خادمة أو مربية بين المواطنين والوافدين المقيمين في الدولة، ما يجعل البعض يلجأ إلى الاتفاق ضمناً مع مواطن لاستقدام خادمة أو مربية إلى المنزل، يفضل العميد بداة عدم التحدث عن هذا الجانب لأن الوزارة تعمل على توحيد الكلفة، معتبراً من يستقدم خادمة على اسم مواطن لتعمل عند الوافد بالاتفاق بينه وبين المواطن هو نوع من التحايل على القانون، لأنه «لا قدّر الله إذا حصل أي شيء يتحمل المسؤولية الكفيل لأن الخادمة تكون قد أتت على اسمه. فيغرّم المواطن المشغّل للخدم في بيت سواه (تصل الغرامة إلى 50 ألف درهم)، ومن هنا «على الخادمة أن تعمل لدى من صدرت تأشيرة إقامتها باسمه». التباس بين الخادمة والمربية حيال المشاكل التي تواجه العائلات مع المربيات تحت مسمى خادمات، يشير العميد بداة إلى «أن الشرطة في حال تسجيل شكوى جرمية على خادمة تتخذ الإجراءات الرسمية من التحقيق والإحالة إلى المحكمة فالترحيل إذا ثبتت الإدانة. وإذا أصدر القاضي حكما بالسجن، تسجن الخادمة ومن ثم تبعد عن أراضي الدولة»، لافتاً إلى أن الشرطة عملها تنفيذي فقط. ويوضح أن العقد الذي يوقع بين الخادمة والمستخدمين من خلال مكتب استقدام العمالة المنزلية، ينص على تفاصيل العمل ومسؤولياته من جهة، كما يحفظ حق العامل المنزلي (إجازة سنوية وحقوق رئيسية)، لافتاً إلى أنه لم تسجل في الإمارات أي مشكلة تتعلق بكون الخادمة مربية. وأضاف: «نحن على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام ومن خلال نشرات توعوية نوزّعها على الأهل، نحذّر المواطنين والوافدين على السواء من كيفية التعامل مع الخدم والمربين. فالأساس هو خوفنا على الأولاد لأننا نعرف عن حصول حوادث متفرقة من وضع الخادمة للطفل في آلة غسيل الملابس أو وضعه في الثلاجة، ومنهن من وضعن سموما في زجاجة حليب الطفل (ة)، ومنهن من تعرضن للطفل (ة) بالأذية ضرباً وحرقاً وتسبّب بجروح. ولدى التحقيق ننبّه المستخدمين إلى التعامل بشكل جيد مع العاملين لديهم كما نحذرهم من مغبة عدم مراقبة ومتابعة أولادهم». الإفراط في الثقة يرى العميد بداة أن ما يحصل من اشكاليات ينتج عن الثقة التي يوليها الأهل للخادمة التي تتصرف بشكل أكثر من جيد مع مخدوميها في فترة الاختبار، فيتركون لها التصرف بكل شيء ويناولونها مفاتيح المنزل وحتى مفاتيح الخزنة في المنزل، ويدعونها تتكفّل بأولادهم على الرغم من كونها ليست مربية متخصصة، ويعلّق: «لا يُخفى على أحد أن مخاطر تواجد الخادمات في المنازل أكثر من مخاطر تواجد رجال في المنازل». وعلى الرغم من تسجيل بعض الحوادث بين الخدم ومخدوميهم، يوضح بداة أن ذلك لا ينفي تواجد خدم من الجنسين، أصبحوا جزءا لا يتجزأ من الأسرة، عاشوا في كنفها لمدة عشرين سنة مثلاً أو أكثر، وكانت المعاملة بين الطرفين جيدة جداً، وقد أحسنوا معاونة الأهل على التربية بالإضافة إلى مسؤولياتهم الأخرى. ويخلص محدثنا إلى القول: «هناك خطورة على الأسرة، فقد يكون تأثير الخدم على الأطفال الصغار سيئاً، خصوصاً حين تصبح ربة المنزل اتكالية ولا تتحمل تبعات تصرفات الخدم ولا تراجع وتتأكد من وضع الأولاد. وقد تنقل الخادمة الكثير من عاداتها وتقاليدها إلى الأطفال، وسمعنا ببعض الحالات التي ترضع فيها الخادمة الأطفال عوضاً عن الأم، وهي في النهاية إنسانة لكن نطرح السؤال هنا ما هو دور الأم؟. شئنا أم أبينا، نحتاج في عصرنا هذا، إلى الخادمات في المنازل بسبب خروج المرأة إلى ميدان العمل فلا تستطيع أن تتولى مسؤوليات عديدة في البيت إلى جانب عملها، لكن على المرأة ألا تتخلى عن دورها كأم متابعة ومراقبة لنمو أولادها الجسدي والنفسي، فلا تعطي دورها للخادمة أو المربية، وثمة من يلجأن إلى الخادمات اللواتي يعملن نصف دوام ولا يقمن في المنازل ولكن في الغالبية تفضل الأسر استقدام خادمات إلى منازلهم يتعرفن على نظام البيت وأسلوبه في الأعمال المنزلية». تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية لدولة الإمارات من خلال إدارة الطفل مهمات منها الاهتمام بالطفولة والتأكيد على حقوقها الأساسية، واقتراح الخطط والبرامج التي تكفل مصلحة الطفل ورعايته وتنمية قدراته ومواهبه، إصدار تراخيص إنشاء الحضانات والمؤسسات الخاصة المعنية بالطفل والإشراف الفني والتربوي عليها». ويرى البعض في إنشاء الحضانات والمؤسسات الخاصة المعنية بالطفل حلاً للخلط بين دور المربية والخادمة، كما أنه يقي الأسرة من تشتت وضياع أبنائها وبناتها بين عاداتها وعادات المربية أو الخادمة، التي تصبح من دون أي إنذار هي الأم وهي مركز السلطة في المنزل ساحبة البساط من تحت قدمي الأم الحقيقية، خصوصاً إذا كانت الأخيرة لا تعي خطورة منح دورها لسواها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©