الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلف البوح شاعر ينتظر!

خلف البوح شاعر ينتظر!
20 أغسطس 2009 00:48
في «محبرة تنتحب» مجموعته الشعرية الجديدة ينتقل بنا الشاعر السعودي عبدالوهاب العريض إلى عدد من العوالم والمناخات المختلفة، تجمعها لغة مسكونة بالأسئلة والغياب والحلم. وبالرغم من أن المجموعة الصادرة عن «دار فراديس للنشر» كتبت خلال تسعة أعوام إلا أننا نلحظ أن العريض ذهب إلى توحيد اتجاهه الفني ضمن قصيدة النثر. وضمن كثيراً من التقاطعات في مواضيع نصوصه وكأنها نصوص كتبت متتابعة خلف بعضها. هناك حيث قدرة الشاعر على الانصات لموجوداته وايمانه بقدرة قرائه على تمثل حالته الشعرية والتمازج معها، يكتب العريض قلقه وهواجسه ويطرح اسئلته بهدوء ويقين، ودونما شعور ان هناك عبارة يمكنها أن تحدد الأفق أو أن تضيق فضاءاته. والعريض شاعر يطرح رؤاه بشفافية وعمق، ويقدم توثيقاً للروح وللحظة التي تملك ديمومتها من انفتاح معناها على عدة مضامين، حيث نقرأ همّاً فردياً وشاعراً عاشقاً للحياة وللشعر محلقاً في أرجاء الحزن والفرح والتأملات والنصوص المكثفة التي من شأنها فقط أن تشير وتومض وتوجز كما في نص بعنوان «صراخ»: «صفحاتك مزدانة بشكل الجمر في المساء». إن الشعر في جوهره هو تلك اللحظة التي ينعتق بها المعنى، وتتحرر اللغة من جميع معارفها السائدة أو تعبيراتها العادية، حيث اللغة لم تعد وحدها أداة للنص بل رؤية الشاعر التشكيلية والثقافية والبصرية.. هذا يحدث مع نصوص القسم الثاني من المجموعة التي جاءت تحت عنوان: «غيمة تنكسر على حافة الزجاج». هنا، يبدو العريض قادراً على تحريك وتجريب مساحات جديدة خاصة، وخلق الدهشة المتتابعة في نصوصه واحدة تلو الأخرى. هو شاعر المدينة والبحر والنورس ومن كل هذا يقدم اسئلته ومكاشفته للكون ولحظته الشعرية المبتكرة والمنسجمة مع ذاته، وهذا يبدو جليا في علاقته مع مفرداته وعوالمه، وجلياً في قدرته على مفاجأتنا وعلى الغوص بنا في تراسلات عديدة، كما في نص «صباح وتولد الطرقات»: خلف الشارع أوقفني/ أخرج من صدره حروف اللغة/ علقها قلادة في أذني أمسكتها/ أمسكته/ دعوته للدخول/ لا شيء سوى الأزرق اللانهائي. يؤمن العريض بجوهر الشعر والاكتفاء بتلويحته. والشعر الحقيقي هو ذلك الذي يرسم هذه التلويحه في الافق المفتوح على اللانهائي الذي يشير له في نصه. خصوصاً مع نص يتحدث بلغة القطب والمريد، وبعبارات مثل : (أوقفني، علق القلادة، يخرجني من جعبته) وبالأزرق الذي يعشقه الشاعر ويرحل إليه كلما ضاقت عليه دروب الأسئلة ليرمي إليه بحاراً في الصدر: تناثرت الحروف والكلمات/ فتح صدره ذهب نحو البحر/ ليعيد اغتسال الزمن. استطاع عبدالوهاب العريض أن يضيف بهذه المجموعة الجديدة بذاكرتها وعوالمها وفهمها لأدوات الكتابة الجديدة وعياً جديداً يضاف إلى تجربته، وإلى مشهد قصيدة النثر الذي بدا يتبلور بشكل أكبر في المشهد الخليجي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©