السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس من التاريخ

14 يناير 2017 21:47
من أعالي الفرات إلى أقصى منابع النيل كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، أقوى ممالك العالم القديم، الإمبراطورية المصرية تحت قيادة العظيم تحتمس الثالث، سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشرة وأعظم إمبراطور بالعالم القديم وأحد أهمهم على مر التاريخ، فقد تسلم الحكم بعد وفاة الملكة حتشبسوت والتي كانت بدورها في حالة سلام وتبادل تجاري مع من حولها أثناء وجودها على كرسي الحكم، ولهذا وبعد مماتها تجرأ البعض على الفرعون الجديد الحديث السن والعهد بأمور الحكم، ولكن هيهات أن يتم ذلك التجرؤ بكامل تبعاته، فالدم المصري الملكي يجري في عروقه محفوراً على صدره «أنا سليل أرض العظماء ينطق جبينه إما العزة وإما الموت فداء الكرامة»، وعلى هذا فقد وصلت إليه رسالة من أمير مدينة قادش المسيطر على تحالف ثلاثة وعشرين جيشاً، فحواها أن ذلك الفرعون حديث العهد لا يقوى على مقاليد الحكم وعليه الاستسلام، ومن دون تفكير قالها تحتمس الثالث، نطقت شفاه الكرامة بما تحويه صدور العزة، حيث قال الآن سترون غضب مصر، وبالفعل ومن دون أي توقعات قد تفيد بحماية الجيش المصري لحدوده عند سيناء تحرك الجيش لملاقاة تحالف تلك الجيوش وقطع الجنود مئتي ميل ويزيد، فالكرامة المصرية تحركهم ولو لآخر الأرض حتى تمت المعركة بمنطقة مجدو بفلسطين، وفاجأهم تحتمس بعبقرية عسكرية فريدة تدرس إلى الآن بجامعات أوروبا فوصل لهم الجيش المصري من الممر الضيق البعيد تماماً عن توقعاتهم فكانوا ينتظرون عند الطرق الواسعة، ولكن هيهات أن يتوقع هؤلاء عظمة الملوك وبحنكة تحتمس الثالث العسكرية كان أول من قسم الجيوش إلى جناحين وقلب، فرسم الجيش المصري على أرض المعركة كنصف دائرة، وتمكن من الانقضاض على ذلك التحالف الذي أصابه الاضطراب والتقهقر وتحصنوا بحصن مجدو، وحاصرهم المصريون هناك سبعة أشهر كاملة حتى استسلموا وأرسلوا أبناءهم حاملين لواء الخضوع، وعاد الجيش المصري من هناك إلى درة الشرق منتصراً مثبتاً قواعد مملكته الكبيرة، واستمر تحتمس الثالث في حكم المملكة المصرية ما يقرب من أربعة وخمسين عاماً عاشت معه مصر المجد وأوج الازدهار مملكة مترامية الأطراف عظيمة الشأن والأثر غضبها يدك الجبال ويزلزل الأرض من تحت أقدام السفهاء. مصطفى حامد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©