الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حماس» في غزة... أزمات تتفاقم!

«حماس» في غزة... أزمات تتفاقم!
17 أغسطس 2009 01:29
قد يؤشر تبادل إطلاق النار الدموي الذي وقع في أحد مساجد غزة الجمعة الماضي بين أعضاء من حركة «حماس»، وبين مجموعة مسلحة منشقة، على تنامي التحديات التي تواجه سلطة «حماس»، وهي تحاول التوفيق بين مطالب إدارة شؤون الحكم، وبين سياسة الصراع المسلح مع إسرائيل، كما يقول محللون فلسطينيون وإسرائيليون. وبعد عامين من حكم قطاع غزة، يمكن القول إن «حماس» لا تؤدي بالشكل المطلوب على أي من الجبهتين، حيث تتدهور مستويات معيشة القطاع، بسبب الحصار المفروض من إسرائيل، وتفاقم صراع الحركة معها بعد الحرب العقابية التي شنتها عليها، واستمرت لثلاثة أسابيع في يناير الماضي. والمعركة التي وقعت في المسجد خاضتها «حماس» ضد منظمة «جند أنصار الله»، التي كانت قد شنت هجمات من قبل ضد إسرائيل، غير أنها قامت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة بتصعيد انتقاداتها ضد «حماس» بحجة أنها ليست متشددة، كما يجب في تفسيرها للإسلام، وليست متحمسة بما يكفي لقتال إسرائيل. ويشار إلى أن تلك الجماعة، المتأثرة بفكر «القاعدة»، قد اتُهمت بشن هجمات على مقاهي «الإنترنت»، وصالونات الزينة، وغيرها من الأهداف التي رأت أنها تمثل إهانة للإسلام. وحركة «حماس»، التي بدأت كفرع لجماعة «الإخوان المسلمين» المصرية تحظى بتأييد سوريا وإيران، وإن كان قادتها يقولون إن هدفهم الوحيد هو مواجهة إسرائيل، وليس الانخراط في ذلك النمط من الحروب الأوسع نطاقاً ضد الغرب، كما يدعو إليه تنظيم «القاعدة». «من المحتم أن تؤدي الظروف الموضوعية في غزة، ممثلة في الفقر والحصار وتقييد الحركة ونقص الخدمات... في نهاية المطاف إلى خلق مزيد من العوامل التي تهدد الاستقرار... والتحول إلى تربة خصبة للمسلحين»، هذا ما يقوله «زياد أبوعمرو» النائب البرلماني الفلسطيني المستقل. ويرى «أبوعمرو» أنه وإن كان من غير المرجح أن تواجه «حماس» تهديداً حقيقياً في المدي القريب، فإنها «لا تستطيع التعويل على ذلك للأبد، حيث يوجد دوماً احتمال لحدوث تغييرات، وهو ما رأينا مثلاً له يوم الجمعة». وقال مسؤولو الصحة التابعين لحكومة «حماس» أن 22 شخصاً قد لقوا مصرعهم خلال القتال الذي استمر سبع ساعات بين قوات أمن «حماس» والمسلحين الموالين لعبد اللطيف موسى، وهو طبيب ورجل دين قام بعد أسابيع من التوتر مع الحكومة في غزة، بإعلان المنطقة التي يعيش فيها في رفح «إمارة إسلامية». وكانت قوات الأمن التابعة لـ»حماس» قد طوقت المسجد بعد أن وصل «موسى» إلى هناك برفقة مؤيدين مسلحين، وحسب بيان منسوب إلى مسؤولي الحكومة، فإن تلك القوات لم يكن أمامها من خيار آخر سوى مواجهة هذا التحدي المباشر لسلطتها. من هؤلاء المسؤولين «أحمد يوسف»، القيادي بـ»حماس»، والذي يقول إن هناك اجتماعات عدة عقدت مع «موسى» في الأسابيع الأخيرة، وكان الأمل «أن نحضر إلى صلاة الجمعة لتخفيف التوتر، لكننا ذهلنا عندما رأيناه قد أحضر هؤلاء المسلحين للوقوف بجانبه، وهو ما كان يمثل خرقاً كاملاً للقانون، وتمرداً ضد الحكومة». وانتهى القتال بمصرع «موسى» ومساعده «عبدالله المهاجر السوري» عندما فجر أحدهما حزاماً ناسفاً أدى أيضاً إلى مقتل مندوب «حماس»، وخمسة من ضباط الأمن التابعين لها، بالإضافة إلى أحد الأطفال. كما أسفر القتال الـذي وقع في المسجد ومواقع أخرى تحصن بها أنصار «موسي» في وقت مبكر من يوم الجمعة واستمر حتى حلول الليل، إلى إصابة ما لا يقل عن 120 شخصاً. وقال يوسي كوبرواسر «البريجادير جنرال»(عميد) في الجيش الاحتياطي الإسرائيلي، ورئيس دائرة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن القتال الذي اندلع الجمعة الماضي دليل على عمق الورطة التي تجد «حماس» نفسها فيها، وهي: هل تستمر في الصراع مع إسرائيل الذي يشكل صلب عقيدة الحركة، أم تتخذ الخطوات المطلوبة لإنهاء سنوات من العزلة السياسية والاقتصادية الدولية؟ ويذكر أن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي كانا قد طالبا «حماس» بإنهاء العنف، والاعتراف بإسرائيل كشرط أساسي لانضمامها لجهود السلام الدولية. ويقول «انات كيرتز»، الخبير في الشؤون السياسية الفلسطينية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن الانتفاض ضد «حماس» يمكن أن يؤدي إلى تعميق التناقض القائم بين غزة والضفــة الغربيــة التي تمارس فيها السلطة الفلسطينية الأكثر قدراً أكبر من السيطرة على الأمن المحلي، كما تشهد بشائر لتحسن اقتصادي. ويشكل الانقسام السائد في الصف الفلسطيني عقبة أمام عقد أي اتفاق سلام مع إسرائيل، ولايزال من غير الواضح متى، وكيف سيتم الجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية تحت سيطرة حكومة واحدة مرة أخرى، وذلك بعد أن بسطت «حماس» سيطرتها على القطاع عام 2007. وكانت إسرائيل قد بدأت في فرض قيود على القطاع بعد أن فازت حركة «حماس» بالانتخابات التشريعية عام 2006، ثم ضاعفت من صرامة تلك القيود، بعد سيطرة الحركة على القطاع في العام التالي. وقال «يوسف» إن المعركة التي دارت في المسجد تثبت أن «حماس» لاتزال قوية، وأنها لا تتوقع سوى القليل من المقاومة الإضافية، من جانب حفنة من الجماعات الأصولية في غزة والتي لا يتوافر لديها سوى الحد الأدنى من الدعم. وأضاف أنه إذا لم يكن للمواجهة التي وقعت الجمعة الماضي من فائدة، فإن ما كشفت عنه من استعداد لدى «حماس» لمواجهة المنظمات المتأثرة بـ»القاعدة»، يجب أن يجعل الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية، أكثر انفتاحاً على أسلوب التعاطي معها. هوارد شنيدر محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص لخدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©