الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الفن يصنع الروابط الإنسانية بعيداً عن صراعات الشعوب

الفن يصنع الروابط الإنسانية بعيداً عن صراعات الشعوب
9 ابريل 2018 21:45
إبراهيم الملا (أبوظبي) عقدت «القمة الثقافية أبوظبي 2018»، صباح أمس بمنارة السعديات، ندوة بعنوان «فن الحفاظ على الثقافات المهددة بالانقراض» قدمتها كارلا كاناليس الرئيس التنفيذي والمؤسس في شركة تي بي فيتشرز، وشارك بالندوة الفنان جيمي نيلسون وهو مصور فوتوغرافي عالمي ساهم في توثيق العديد من المناطق المهددة بمحو ثقافاتها ومرجعياتها العميقة، خصوصاً في المناطق المحاصرة بالحروب وعدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي. وشارك بالندوة أيضاً عدد من الناشطين الدوليين والفنانين الذين تعاملوا مع مناطق التوتر في العالم، من خلال رصدهم وتحليلهم للظواهر السلبية والانقسامات الإثنية والدينية والطائفية، كما حدث على سبيل المثال في رواندا بأفريقيا، وفي العراق وسوريا بعد سنوات طويلة من تراكم الإشكالات الاجتماعية وقضايا الهجرة والصراعات الدموية. ذكرت كارلا كاناليس في سياق تقديمها لمحاور الندوة، أن المآسي التي شهدتها رواندا والعراق كمثالين صارخين هنا على بوادر انقراض الثقافات، والتهديد المتواصل لطمس تراثها وتجريفه من الذاكرة، هي مآس تحتاج لجهود كبيرة من أجل تخطيها وتجاوزها، كما تحتاج لآليات وخطط طويلة المدى من خلال إعادة إحياء الفنون الشعبية والمظاهر الفلكلورية لهذه الشعوب، وإعادة نسيجها الاجتماعي إلى سابق عهده من التماسك والترابط والانوجاد. وأوضح جيمي نيلسون في مداخلته أن الفن يمتلك خاصية لا تجدها في المواعظ والخطابات المباشرة والموجهة، مؤكداً أن هذه الخاصية ترمم الفراغ المعرفي والقطيعة بين الشعوب وتصنع روابط إنسانية مطلوبة ضمن مناخ ثقافي شامل ومتناغم، بعيداً عن الحساسيات والصراعات المفروضة على هذه الشعوب، ومن هنا كما أشار فإن الفنون وخصوصاً من خلال حضورها في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها الفيسبوك، تعمل على تذويب الفوارق وإثارة الفضول للمعرفة والاستمتاع بما تملكه الثقافات الأخرى من إرث وتقاليد عميقة ومتجذرة. وقال نيلسون: علينا أن نمنح الثقة للفنانين كي يتواصلوا مع المهتمين بالفنون في دول عانت طويلاً من الأزمات والقلاقل، وذلك من أجل مشاركتهم المعاناة، وإيجاد منافذ ثقافية جديدة تتمتع بالمرونة والحيوية، وتبعث الأمل في سكان تلك الدول عن طريق إقامة مهرجانات مشتركة وحافلة بالحوار الفني وتبادل الخبرات، وصولاً إلى تحقيق أهداف اجتماعية تعيد اكتشاف الحياة ونسيان الخسارات والويلات السابقة. ولفتت مقدمة الندوة كاناليس أن أحد الفنانين المشاركين حاول من خلال موسيقا طريق الحرير أن يسلط الضوء على مأساة الأكراد بعد تعرضهم للقنابل الكيماوية، وكيف أن الموسيقا باستطاعتها أن تحاور هذه الشعب المبتلى بالتشتت والانقسام على حدود جغرافية تم رسمها بخطوط الدم والدموع والصرخات. وعقّب الفنان إدواردو مؤسس وصاحب مبادرة «الموسيقا وطريق الحرير»، على المداخلة قائلاً: «إننا نسعى من خلال مؤسستنا إلى شفاء الجروح وتجاوز الآلام الناتجة عن الحروب الشرسة، وذلك عبر وسيط فني وثقافي يتجلى في الموسيقا كعلاج روحي أولاً، وكنوع من العزاء المطلوب، وصولاً إلى وسائل عملية وتطبيقية تسترجع فيها الشعوب المكلومة بعضاً من عافيتها، وبعضاً من التفاؤل أيضاً ببزوغ يوم أجمل للأجيال الحالية والقادمة». وقال إن ما رأيناه في كردستان كان فاجعة حقيقية، وإن لب المشكلة يكمن في غياب الحلول طويلة المدى، موضحاً أن التراث الموسيقي والحفاظ عليه، قد يكون أحد البوادر المشجعة لصون وحماية الثقافات المهددة الانقراض حول العالم، ولأن الموسيقا كما أشار هي أحد الأعمدة المهمة والأساسية في بنية الذاكرة والأرشيف الاجتماعي، وهي قادرة على جمع ما تشتت من عاطفة وحنين لدى المهاجرين والهاربين من جحيم المعارك في بلدانهم الأصلية. بدورها قالت الناشطة الأفريقية هوبوس زيغا، المؤسسة لمهرجان «بونتو» للموسيقا والأداء الجسدي، إن الإبادة الجماعية التي تعرّض لها شعب التوتسي في رواندا سببت شرخاً كبيراً في المجتمع هناك، مضيفة أن الجهود الفنية المبذولة في رواندا عملت بقوة على التخلص من الهواجس والشكوك ونسيان الماضي، لأن الركون لهذا الماضي الدموي والتوقف عنده لن يفيد الأجيال الشابة في رواندا وسيعمق المشكلة الإثنية والقبلية أكثر، وبالتالي ــ كما أشارت ــ فإن المهرجانات الموسيقية التي تقام هناك تعمل على إعادة اللحمة الاجتماعية، ومد جسور من الثقة والتفاعل مع الحياة والتفكير الإيجابي في المستقبل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©