الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما.. هل يراجع استراتيجية أميركا العالمية؟

25 مارس 2014 22:41
فريد حياة محلل سياسي أميركي قد تؤدي الهزيمة إلى الانهزامية، أو تؤدي إلى إعادة التفكير البناء، فأي المسارات سيسلك أوباما بعد النكسات التي مُني بها في الخارج؟ ولا أعني بالهزيمة أن الرئيس الأميركي «فقد شبه جزيرة القرم»، فالرجل الشرير هناك هو «بوتين» وليس «أوباما»، تماماً كما أن الرجل الشرير في سوريا هو «بشار الأسد». لم يكن هناك أي خيار عسكري قابل للتطبيق لكي يثبط غزو بوتين لأوكرانيا، ولا يوجد أي خيار عسكري لإبطال ذلك. وحتى «إعادة ضبط» العلاقات الأميركية – الروسية، التي هي الآن محل سخرية، كانت تستحق المحاولة، ولا أحد يعرف على وجه اليقين، ما إذا كان الرئيس الروسي آنذاك «ديميتري ميدفيديف» سيقدم بديلاً صالحاً للتطبيق بدلا من «البوتينية» لقد كان أوباما على حق في اختبار النظرية. ولكن، بينما يعتبر ضم بوتين لشبه جزيرة القرم ليس خطأ أوباما، إلا أنه يوضح بشكل صارخ أن العالم الذي يواجهه أوباما اليوم ليس هو العالم الذي توقع أن يقوده. لقد تولى الرئيس السلطة معتقداً أن الأصول العسكرية كانت مقياساً للقوة في القرن التاسع عشر، بينما تضاءلت أهميتها في القرن الواحد والعشرين. وكان يعتقد أن الدبلوماسية بإمكانها حل المشاكل التي تجاهلها الرئيس السابق جورج دبليو بوش، أو كان السبب في إحداثها أو تفاقمها. كما كان أوباما يعتقد أن الإلغاء النهائي للأسلحة النووية ربما كان أهم الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقها، وأن إعادة بناء الاقتصاد في الداخل يجب أن تكون لها الأسبقية - وأنها كانت شرطاً لازماً – للقيادة في الخارج. وعندما أثارت الانتفاضات الآمال من تونس إلى مصر وخارجها، حث بعض المحنكين في السياسة الخارجية، مثل مستشار الأمن القومي السابق «ستيفين هادلي» الرئيس أوباما لانتهاز الفرصة غير المتوقعة والمساعدة في دعم التغيير التاريخي، ولكن أوباما لم يبد اهتماماً ومرت اللحظة. ورأى أوباما أن العالم آمن بدرجة كافية لخفض الإنفاق العسكري، وأن منطقتي أوروبا والشرق الأوسط آمنتان بما فيه الكفاية لتبرير تحويل محور تركيزه إلى آسيا. وكان الجدل يدور حول المهمة التي يمكن لحلف شمال الأطلسي (الناتو) القيام بها بمجرد الانسحاب من أفغانستان. والأهم من كل ذلك أن أوباما أراد التركيز على ما أسماه «بناء الوطن من الداخل»، وقد ذكر أمام الأمم المتحدة في الخريف الماضي أن تعزيز الديمقراطية والتجارة الحرة في منطقة الشرق الأوسط لم يعد في «محور اهتمام» السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وكان لهذا التراجع في الطموح صداه لدى الرأي العام الأميركي. لكن الآثار لم تكن على النحو المطلوب. فبينما خفضت الولايات المتحدة من اهتمامها وطموحها، أصبح العالم أكثر خطراً. فقد واصلت الصين التعزيز العسكري، الذي يطلق عليه وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» تعزيز القرن التاسع عشر، والذي كان مصحوباً بتأكيدات إقليمية عدوانية في شرق وجنوب شرق آسيا. وازدادت التوترات بين اليابان والكوريتين والصين، بينما كان الجميع يتساءل عن سلطة الولايات المتحدة الباقية. (وكانت المزحة تتمثل في أن كل العالم يعتقد أن التحول إلى آسيا حقيقي، ما عدا الحلفاء الآسيويين الذين لم يروا أدلة تذكر على ذلك). ومن ناحية أخرى، استمر التعزيز النووي لكوريا الشمالية من دون رادع. وأصبحت الحكومة في مصر أكثر قمعاً عما كانت عليه في عهد مبارك وأقل وداً للولايات المتحدة. وفي عام 2013، تراجعت الحرية في 54 دولة في مقابل تقدمها في 40 دولة - للعام الثامن على التوالي من الإنخفاض، وفقاً لمنظمة «فريدم هاوس». أما في سوريا، فقد كان أوباما منذ عامين على يقين أن أيام الرئيس بشار الأسد في السلطة «باتت معدودة،» كما ذكر المحلل السياسي الأميركي «جيفري جولدبيرج» في مجلة «ذا أتلانتيك،» حيث ذكر «إنها مسألة وقت، لكن متى؟» كما قطع أوباما وعوداً بتقديم الأسلحة والتدريب اللازم للقوات المعتدلة المعارضة للأسد، لكنه لم يقدم أي شيء. وفي الوقت نفسه، فإن موقف الأسد أصبح أكثر قوة، حتى مع جلب ما أسماه مسؤول بالأمم المتحدة «أكبر كارثة إنسانية بعد مجازر رواندا» كما أنشأت قوات تنظيم القاعدة ملاذات تمكنها من تهديد الولايات المتحدة وأوروبا، كما أنها تنتشر في لبنان والعراق. والآن، قام بوتين بتصميم أجرأ انتهاك لسيادة دولة منذ غزو صدام حسين للكويت في عام 1990. ومن جانبه، استجاب أوباما للمشكلة بشكل معقول، وذلك من خلال فرض عقوبات على الدائرة الداخلية لبوتين وقطع وعود بتقديم الدعم لأوكرانيا. يمكن التساؤل عما إذا كان أوباما قد درس الأمر بالصورة الصحيحة، لكنه انخرط في الأمر بالصورة المناسبة وقاد شركاء الولايات المتحدة في أوروبا. غير أن هذه الخطوات مبكرة - وهي أيضاً مجرد خطوات تكتيكية فقط. فبمجرد أن تجدد الإدارة سياستها نحو أوروبا المتغيرة، هل ستعيد النظر في استراتيجيتها على نطاق أوسع، أيضاً؟ وهل سيشكك أوباما في ثقته بأن الولايات المتحدة قادرة على الانسحاب بأمان من العالم؟ إن استجابة البيت الأبيض الغريزية ستتمثل في التوجه إلى خندق سياسي، وهو إنكار أنها عرضت قبل ذلك نزعات انعزالية بينما تصور النقاد كدعاة للحرب. هذه العدوانية يمكن تفهمها نظراً لأن أعداء أوباما السياسيين يستغلون بسعادة انتكاساته الخارجية لتسجيل نقاط لصالحهم. ولكن المخاطر عالية جداً لترك النقاش في هذه الخنادق، كما أن الولايات المتحدة ليس لها حرية الاختيار بين بناء الدولة بالداخل والزعامة بالخارج؛ إن عليها القيام بالأمرين. ونظراً لأنه ما زال أمامه ثلاث سنوات في فترة رئاسته، فإن الوقت لم يفت تماماً بالنسبة لأوباما لتغيير مساره. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©