الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رفقاً بأطفالنا

رفقاً بأطفالنا
19 يونيو 2008 22:26
مرحلة الطفولة من أهم وأخطر المراحل العمرية التي يمر بها الطفل، فهي اللبنة الأساسية في تكوين شخصيته·· فيها يتلقى أهم أساسيات الحياة من عادات ومبادئ وقيم واتجاهات وسلوكيات متعلقة ببيئته وبمجتمعه، ويتأثر بشكل كبير جدا بكل ما هو محيط به، فالكلمات والمصطلحات والألفاظ التي يسمعها في كل مكان يحفظها بسرعة ويرددها حتى ولو لم يكن واعياً ومدركاً لمعانيها، كما يتأثر بكل ما يراه من ممارسات وأفعال خاصة في بعض الرسوم بشكل كبير، لدرجة أنه يقوم بتقليد هذه السلوكيات والممارسات، لا لشيء ولكن للمحاكاة أو لتقليد الغير من أجل المغامرة والاستكشاف وحب الفضول، وكثيرا ما سمعنا قصصا مأساوية عن أطفال حاولوا تقليد الرسوم المتحركة مثلاً كالقفز من أماكن مرتفعة· وفي أحيان كثيرة تكون بعض موضوعات كارتون الأطفال مبالغا فيها من الناحية الخيالية، وغريبة وبعيدة عن عقل الأطفال ولا تمت لمجتمعاتهم وواقعهم بأي صلة، مثل حرب المخلوقات الفضائية الغريبة والمخيفة والتي تقض مضاجعهم ليلاً وترعبهم بسبب ما فيها من عنف وقتل ودماء، وقد لا تخلو من اللقطات غير المحتشمة التي يراها الطفل الذي لا يلقي لها بالاً لأول وهلة، ولكنها تترسخ في ذهنه، وهنا تكمن المشكلة· ولا أعلم ما الهدف من عرض تلك الرسوم على هؤلاء البراعم الصغيرة؟! كما أن مشاهد العنف والقتال والكره قد تولد لديهم الشعور بالحقد والانتقام وسرعة الانفعال والعصبية، وإن لم تظهر هذه المشاعر في وقتها فستظهر لاحقا عندما يشب الطفل عن الطوق، ويمكن ترجمة ذلك فيما بعد من خلال سلوكياته مستقبلاً مع والديه وأصدقائه وأقاربه· ولا يوجد هناك وجه مقارنة بين الرسوم التي تعرض على أطفـال اليوم، وبين ما كنا نشاهده نحن في أيام طفولتنا·· فمن منا لم يشاهـد ''افتح يا سمسم'' ذلك البرنامج الكبير بمعنى الكلمة والهادف من الناحية التعليمية والسلوكية والأخلاقية والناجح بالدرجة الأولى على مستوى دول الخليج، وكانت هناك أيضا رسوم افتقدناها كثيرا لكنها مازالت في ذاكرتنا ولن ننساها لما لها من وقع جميل علينا، فقد بثت وغرست فينا حب الأخلاق الحميدة والصفات الكريمة، مثل ''سنان وسندباد ومخلص صديق الحيوان والفتى النبيل وسالي'' وغيرها الكثير من تلك الرسوم التي لا مجال لحصرها الآن· ما أريد ذكره هو أن معظم برامج الأطفال إن لم تكن جميعها والتي تعرض حاليا على جميع القنوات الفضائية هي صناعة غربية بحتة، ولا تمت لديننا ولا لعاداتنا ولا قيمنا ولا حتى لتراثنا بأي صلة من قريب أو بعيد، فبعضها يعرض بلهجات محلية وليست باللغة العربية والتي اعتدنا على سماعها في الرسوم سابقا وهذا ما يؤدي لانتحار اللغة العربية وبشكل بطئا بين أبنائنا، وللأسف هذا ما يسعى له الغزو الفكري الغربي· وهنا سؤال يطرح نفسه لماذا كل هذا؟؟ وأين نحن من إنتاج الرسوم العربية البحتة التي تغرس في نفوس أبنائنا القيم والأخلاق والمبادئ المثلى، وتقوي شوكة لغة الأم لديهم والتي هي لغة القرآن الكريم؟ ولماذا لا نصنع لهم برامج دينية بقالب كرتوني تتحدث عن قصص الأنبياء فالقرآن الكريم مليء بالقصص والعبر مثل قصة أصحاب الكهف وقصة أصحاب الأخدود وأصحاب الفيل وغيرها، ولا يخفى علينا ما في جعبة الثقافة العربية الإسلامية من قصص أخرى مختلفة عن حياة العظماء والمشاهير والعلماء وقدماء المسلمين والذين كان لهم دور كبير في بناء تاريخ الأمم والحضارات والإبداع في مختلف مجالات العلوم كالطب والهندسة وعلم النحو والاختراع وعلم الجغرافيا والفلسفة والمنطق وغيرها· لما سبق ذكره، فإنه يجب التأكيد على ضرورة أن تكون هناك توجهات كبيرة وجهود ضخمة وعلى مستوى العالم عبر وسائل الإعلام المختلفة والمدارس والأندية الثقافية والمكتبات العامة تهدف لتحقيق الوعي البيئي والثقافي والتربوي لدى الأطفال وتساعد على نشأتهم وتربيتهم وفق أسس تربوية ومنهجية صحيحة؛ لذا يا من تملكون مفاتيح إعداد وتقديم برامج الأطفال، رفقـاً بأبنـاء المسلمين، فأطفالنا أمانة في أعناقكم إلى يوم القيامة· موزة عبدالله العبدولي (الفجيرة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©