الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشديد العقوبات··· هل يجدي مع إيران؟

تشديد العقوبات··· هل يجدي مع إيران؟
14 يونيو 2008 02:36
من المتوقع أن يصل، خافيير سولانا، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية إلى إيران، نهاية هذا الأسبوع لعرض حزمة معدلة من الحوافز الأوروبية والأميركية الرامية إلى إقناع إيران بلجم طموحاتها النووية· والمعروض حالياً على طهران هو تعهدات بإنهاء عزلتها وتعزيز العلاقات التجارية معها، فضلاً عن المساعدة في جهود إنتاج طاقة نووية سلمية· لكن إيران سبق أن رفضت عرضاً مماثلاً في عام 2006 وتتهيأ لرفض العرض الحالي أيضاً الذي يشترط مسبقاً أن تتخلى إيران عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم· وبالإضافة إلى تلك الحوافز هناك ضمانة أميركية، وإن لم يكن بصورة رسمية، تتعهد بعدم شن هجوم على إيران، رغم التكهنات المتزايدة، والأصوات المتصاعدة عن قرب توجيه إسرائيل والولايات المتحدة لضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية خلال الشهور المقبلة· وفي مقابل الحوافز هناك ضغوط تشمل فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران· غير أن العقوبات أثبتت، على مدار العقود الأخيرة، عدم فاعليتها في العديد من المناسبات العالمية، كما يتوقع الخبراء أن تساعد أسعار النفط المرتفعة إيران على تحمل العقوبات، بل احتمال شن حملة من ''العقوبات المضادة'' عبر خفض الإنتاج لرفع الأسعار إلى مستويات أعلى· ويعبر عن ذلك أحد المصرفيين البارزين في إيران رفض الإفصاح عن اسمه قائلاً: ''طالما نبيع النفط لن تنفع العقوبات، لأنه يمكننا العيش في هذا البلد بحوالي 15 مليار دولار في السنة، والحال أن إيراداتنا اليوم تتراوح ما بين 90 إلى 100 مليار دولار''· وقد استفاد الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، من هذا التدفق الاقتصادي الهائل للتحايل على بعض المشاكل الملحة مثل الإفراط في الإنفاق الحكومي، وارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى 25%، فضلاً عن النسبة المرتفعة للبطالة· أما على الصعيد الاستراتيجي فقد ساعدت المداخيل النفطية الكبيرة إيران على إبقاء المشاعر المعادية للغرب وإسرائيل تحت السيطرة، حتى في ظل وجود 160 ألفاً من القوات الأميركية بجوارها في العراق وأفغانستان· وفي يوم الأربعاء الماضي ألقى الرئيس الإيراني خطاباً نارياً آخر أكد فيه صلابة الأمة الإيرانية قائلاً: ''لقد استخدموا كل قوتهم ولجأوا إلى الدعاية والعقوبات، لكن إذا كانوا يعتقدون أنهم قادرون على كسر إرادة الأمة الإيرانية من خلال الضغط فهم مخطئون''· والحقيقة أن طريقة التعامل مع إيران تصدرت الأجندة خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس بوش إلى أوروبا، حيث شدد مرة أخرى على أن ''خياره الأول'' لحل الأزمة بين إيران والولايات المتحدة سيكون الدبلوماسية، رغم أن ''جميع الخيارات مطروحة على الطاولة''، وأضاف الرئيس الأميركي أن امتلاك إيران للسلاح النووي ''ينطوي على خطورة كبيرة على السلام العالمي''· ولم يقتصر الأمر على الأوربيين الذين يبدو أنهم وافقوا على تشديد العقوبات على إيران، بل كانت لافتة تصريحات وزير المواصلات الإسرائيلي ''شاؤول موفاز'' إلى صحيفة ''يديعوت أحرنوت''، والتي قال فيها: ''إن الفرصة أغلقت في وجهنا، ولم تعد العقوبات فعّالة، ولن يكون هناك من خيار آخر سوى ضرب إيران لوقف برنامجها النووي''· لكن إيران تخضع مسبقاً إلى ثلاث مجموعات من العقوبات الأممية، فضلاً عن صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم· وتواجه الجمهورية الإسلامية أيضاً سلسلة من العقوبات الخاصة التي تفرضها الولايات المتحدة منذ أكثر من 25 عاماً· ويرى المحللون والخبراء أن العقوبات السابقة التي فرضت على دول أخرى لم تظهر سوى نجاح محدود سواء في كوبا ويوغوسلافيا، أو في العراق· وفي هذا الإطار يقول ''جيفري شوت''، الباحث في مؤسسة ''بيترسون'' للاقتصاد الدولي بواشنطن: ''لقد خضعت كوبا لعقوبات لأزيد من 48 عاماً، ولم تحقق أهدافها في الإطاحة بالزعيم فيديل كاسترو''، ويضيف الخبير قائلاً: ''غالباً ما تقوم الأنظمة التي تُفرَض عليها العقوبات بتحويل العبء إلى الشعب''· ولعل المثال الأبرز على ذلك هو ما حدث في بنما أواخر الثمانينات بعد أن استطاع الرئيس ''مانويل نورييجا'' مقاومة العقوبات الأميركية، فلم يتبق أمام الولايات المتحدة سوى إرسال قوات المشاة البحرية للإطاحة به· والأمر نفسه ينطبق أيضاً على صدام حسين الذي تحمل 12 سنة من العقوبات واحتفظ أركان نظامه بامتيازاتهم القديمة، فيما الشعب يعاني من تداعياتها الخطيرة· ويعتقد المحلل العسكري ''أنتوني كوردسمان'' أن العقوبات التي فرضت على العراق كان لها أثر بالغ على القدرات العسكرية للنظام العراقي السابق قائلاً: ''لقد مهدت العقوبات لمعركة سهلة في عام ،2003 لكن تأثيرها على الشعب العراقي كان أقل فاعلية وكانت لها نتائج سلبية''· والواقع أن تقرير للأمم المتحدة كان قد أشار في العالم 1996 إلى أن نسبة وفيات الأطفال الناتجة عن سوء التغذية وصلت إلى 5750 شهرياً، وهو ما يتجاوز اليوم عدد الضحايا الذين يسقطون على أيدي المتمردين، أو العنف الطائفي بأكثر من مرتين في فترة ما بعد صدام حسين· وفي العام 1998 وصف ''دنيس هاليداي''، المنسق الأممي في العراق، العقوبات بأنها ''أظهرت إفلاسها، لأن ما نقوم به ببساطة هو عملية تدمير مجتمع بأكمله''· ورغم إصرار المسؤولين الأميركيين على أنهم يريدون عقوبات محددة تستثني الشعب الإيراني، إلا أن المثال العراقي مازال قائماً، لا سيما قدرة النظام على تفادي العقوبات· ويحذر الباحث ''جيفري شوت'' من أن الجهود الرامية إلى وقف تصدير الجازولين إلى إيران قد يضر بالسائقين في إيران، ''لكن الخوف أن ذلك سيضر بنا أكثر، لأن إيران تملك القدرة على معاقبتنا بسحب النفط من الأسواق ودفع الأسعار إلى الارتفاع، إنهم سيخفضون الإنتاج وسيربحون أكثر''، مضيفاً: ''إنها ستكون المرة الأولى التي ترد فيها دولة مُستهدَفة على العقوبات الغربية''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©