السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تنزانيا: تنامي خطر الأصولية الدينية

13 مارس 2013 23:07
جاي رادزينسكي ودانييل نيسمان كاتبان متخصصان في الشؤون الأفريقية «أشرتُ لك إلى النجوم، فلم ترَ غير طرف أصبعي». هذا المثل التنزاني ينبغي أن يستحضره أي شخص يخشى انتشار التطرف الإسلامي في أفريقيا. فعلى جزيرة زنجبار الساحرة في تنزانيا، يشير مقتل قس كاثوليكي على أيدي متطرفين مسلمين الشهر الماضي إلى سلسلة من المؤشرات المتزايدة التي لطالما تم تجاهلها بأن الموجة الجهادية في القارة أخذت تتوسع وتمتد إلى الجنوب. وعلى غرار ما تشهده مالي والصومال، فإن فشل المجتمع الدولي في مساعدة تنزانيا على معالجة جذور التطرف الإسلامي سيسمح لها بالنمو والترسخ. وهذا القطب السياحي الهادئ عادة، والواقع في جنوب شرق القارة الأفريقية على المحيط الهندي، كان مسرحاً لصراع طائفي منذ أكتوبر عام 2012 بدأ عندما نتج عن شجار بين طالبين محليين نتيجة تدنيس مصحف، الأمر الذي فجر مشاعر غضب عارمة بين المجموعة المسلمة الكبيرة في تنزانيا. وضمن ردود الفعل العنيفة، تعرضت أربع كنائس على الأقل لهجمات عبر البلاد في أعقاب ما قد يكون لحظة فارقة في تاريخ تنزاينا الحديث. وفي فبراير عام 2013، استمرت التوترات الدينية في زنجبار في الغليان بعد خصام حول حقوق الذبح، ما أدى إلى هجمات انتقامية بين المسيحيين والمسلمين، نتج عنها في الأخير قطع رأس قس وإطلاق نار مميت على آخر داخل كنيسته. وتبنى عملية إطلاق النار فرعٌ محلي لـ«القاعدة» يطلق على نفسه اسم «التجديد الإسلامي» باعتبارها باكورة هجماته. ولكن قبل 14 عاماً على هذا الفصل الأحدث من الاضطرابات في زنجبار، كانت تنزانيا قد صعدت إلى واجهة الأحداث بعد هجوم قاتل استهدف السفارة الأميركية في دار السلام، وهي أكبر مدينة في البلاد وعاصمتها؛ وكانت كل أصابع الاتهام تشير إلى مقاتلي «القاعدة». وقد سلط ذاك الحدث، إلى جانب ضرب السفارة الأميركية في نيروبي، الضوء لأول مرة على أسماء مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. ثم رد الرئيس الأسبق كلينتون وقتئذ على ذلك بإطلاق صواريخ «كروز» على قواعد تنظيم «القاعدة» في السودان وأفغانستان. وعلى رغم مشاركة سكان محليين من شرق أفريقيا في الهجمات، إلا أنه لم تتخذ أي تدابير ملموسة وحقيقية لكبح عمليات نشر التشدد والتطرف في المنطقة. وبحلول مايو عام 2012، أطلت شبكة الإرهاب بوجهها القبيح في تنزانيا من جديد بعد هجوم وقع في العاصمة الكينية استهدف منطقة تجارية مشهورة. ولئن ألقيت المسؤولية مباشرة على مجموعة «الشباب» الإسلامية الصومالية، فإن توقيف مواطن ألماني في تنزانيا على علاقة بالهجوم تم المرور عليه مرور الكرام عموماً ولم يحظ بما يستحقه من اهتمام. وكان الرجل، الذي ينحدر من أصول تركية على ما يقال، قد خضع للتدريب في معسكرات «القاعدة» في باكستان. وإذا كانت الحلقة التنزانية في سلسلة التطرف العالمي قد فشلت مرة أخرى في دق أجراس الخطر، فإن تدهور الظروف الداخلية قد يفتح الباب أمام موجة داخلية النشأة من التطرف. فالتوازن السكاني الهش لتنزانيا منقسم إلى ثلاثة أثلاث بين المسيحيين والمسلمين والوثنيين؛ والبلد يتبنى دستوراً علمانياً يتضمن قيوداً حذرة على الدين في السياسة منذ نهاية الحكم الاشتراكي في التسعينيات. ولكن تحت هذا النظام، يتهم المسلمون التنزانيون الحكومة بالتمييز. ذلك أنه في عام 2002، وضعت الحكومة التنزانية قانون الإرهاب تحت ضغوط من الولايات المتحدة. وجاء القانون في نهاية المطاف مشابهاً لقانون محاربة الإرهاب الأميركي، ولكنه كرس عدم ثقة المسلمين المحليين في الشرطة والحكومة المركزية. وفي هذه الأثناء، يثير المد المتصاعد للحركات الإسلامية قلق زعماء تنزانيا المسيحيين. وفي الأشهر الأخيرة، أخذوا يجهرون أكثر باتهاماتهم لبعض البلدان الإسلامية بإرسال وعاظ إلى البلاد بهدف تمديد تطبيق حكم الشريعة من جزر زنجبار ذات الأغلبية المسلمة إلى المناطق المختلطة في تنزانيا في البر الرئيسي. وبالعودة إلى زنجبار، فقد تم توزيع منشورات في المناطق المسيحية في أوائل مارس تدعو إلى الرد والانتقام لمقتل القسين، وهو ما يهدد بتأجيج العنف الطائفي أكثر على الجزيرة الفقيرة. ومنذ ذلك الوقت يشتكي رجال الدين المسيحيون في البلاد من تلقي رسائل نصية تهديدية من مجموعة «التجديد الإسلامي» تقول: «إننا سنحرق البيوت والكنائس. فنحن لم ننتهِ بعد. وفي عيد الفصح، استعدوا للكارثة». والواقع أن المسألة قد تكون مسألة وقت فقط قبل أن ينتبه مقاتلو «القاعدة» المخضرمون في أماكن أخرى من العالم إلى إمكانيات تنزانيا في التطرف؛ إذ يوفر تضافر الظروف الاقتصادية الصعبة والنزاع الديني أرضية خصبة لهذه العناصر حتى تزرع بذور عدم الاستقرار. ولذلك، يتعين على الدول الباحثة عن الاستقرار اجتثاث هذه العناصر قبل فوات الأوان. ولهذا الغرض، يجب ألا يظل الأصوليون الدينيون المصدر الوحيد للتمويل بالنسبة للمناطق المسلمة الفقيرة. كما يجب استبدال المدارس التي تعلم التطرف بأخرى تعلم الرياضيات والعلوم والتسامح. وينبغي أيضاً منح الحكومة التنزانية مساعدات تكون مرهونة باستثماراتها في البنى التحتية، بينما يجب أن تقدَّم لقواتها الأمنية إرشادات وتوجيهات حول النهوض بالمهام الأمنية في المناطق الدينية المختلفة وممارسات أخرى تتعلق بالحكامة الجيدة. إن الوقت بدأ ينفد. فبينما يواصل الغرب دفع ثمن أخطائه في إهمال التطورات في مالي والصومال، أخذت تنزانيا تصعد إلى الواجهة باعتبارها باباً خلفياً للتطرف الإسلامي، وهو باب ينبغي إغلاقه بإحكام قبل فوات الأوان! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©