الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تبدد آمال أوروبا في التحول إلى قوة اقتصادية عظمى

تبدد آمال أوروبا في التحول إلى قوة اقتصادية عظمى
3 مايو 2010 22:59
عندما انضمت بريطانيا إلى ما كان يعرف بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية أبلغ رئيس الوزراء حينها إدوارد هيث دبلوماسيين من أستراليا وكندا ونيوزيلندا خلال مأدبة عشاء أن أوروبا ستتحول إلى قوة عظمى وتدفع الولايات المتحدة إلى الظل. كان المبعوث الكندي شجاعاً بما يكفي لتحدي هيث لكن عندما انصرف الضيوف قال رئيس الوزراء المحافظ لأحد مساعديه “الكندي العجوز المسكين.. لم يفهم ما قلته.. صحيح؟” وبعد نحو أربعة عقود تبدو كلمات هيث ساذجة على أفضل تقدير. فقد تعرضت وحدة الاتحاد الأوروبي لاختبار صعب بسبب أزمة ديون اليونان وهشاشة الأوضاع الاقتصادية لأعضاء آخرين. واستغرق الأمر من الاتحاد عدة أسابيع للاتفاق على حزمة مساعدة لأثينا. أما قدرته على الحيلولة دون انتشار العدوى لدول أخرى والحفاظ على تماسك منطقة اليورو فمحل شك. ويسعى الاتحاد جاهداً لتجنب تراجع المركز الذي يحتله في التصنيفات العالمية. وكان هيث سيجفل لو استمع إلى إجابة وزير الدولة الأسباني للشؤون الأوروبية دييجو لوبيث جاريدو عند سؤاله الشهر الماضي عن اخفاق الاتحاد في اتخاذ قرارات بصورة أسرع. فأجاب “الاتحاد الأوروبي ليس الولايات المتحدة. نحن 27 دولة ولسنا دولة واحدة”. كان دافع هيث وراء الانضمام للمجموعة الاقتصادية أن السبيل الوحيد كي تتمتع أوروبا بالنفوذ في عالم تسيطر عليه القوى العظمى هو أن تتوحد سياسياً. ووضع مؤسسو الاتحاد الأوروبي نصب أعينهم تحقيق وحدة سياسية واقتصادية ونقدية أوثق، لكن الاتحاد فشل في التحدث بلسان واحد وهي نقيصة برهنت عليها الأزمات الأخيرة. وباتت ألمانيا على نحو متزايد كبش الفداء لممانعتها تقديم قروض طارئة لليونان إذ أن ناخبيها يعارضون إنقاذ دولة يعتبرونها مبذرة وأقل بذلا للجهد. ولطخت صورتها كقوة من أجل التضامن الأوروبي. بيد أن القادة الأوروبيين اليوم لا يقيدهم نفس الالتزام العاطفي بتحقيق الوحدة السياسية كما كان حال أسلافهم مثل المستشار الألماني السابق هيلموت كول والرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران. فلقد عايش الاثنان الحرب العالمية الثانية عندما كان بلداهما عدوين واتحدا رغبة منهما في تحاشي حرب أخرى. وقال سير ستيفن وول المستشار السابق لشؤون السياسة الخارجية البريطانية “أتذكر حينما قال كول لرئيسي السابق (رئيس الوزراء البريطاني السابق) جون ميجر إنه وميتران يمثلان آخر جيل من الزعماء الذين يؤمنون حقيقة بقضية الاتحاد الأوروبي. “قال إنه سيأتي جيل آخر بعدنا سيتفهم الأمر وبعد ذلك سيضيع الزخم إلى الأبد ما لم نتخذ خطوات حقيقية الآن”. وتبددت المخاوف من موسكو التي وحدت أوروبا الغربية إبان الحرب العالمية الثانية مع انهيار الاتحاد السوفييتي بالرغم من تجدد بعض بواعث القلق. وبعد إعادة التوحيد بزغت ألمانيا كأقوى دولة في أوروبا. وصعب منح العضوية لبلدان من شرق ووسط أوروبا من اتخاذ القرارات ووسع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة نسبياً. وأجبرت الأزمة الاقتصادية القادة على منح المزيد من الاهتمام للمشكلات المحلية لتأتي المصالح الأوروبية في المرتبة الثانية بالنسبة للناخبين. وحتى نجاح اليورو أضحى محل شك عندما أقرت اليونان بأن العجز في ميزانيتها أكبر بنحو المثلين عما أعلن فيما سبق وفقدت الأسواق الثقة في قدرتها على تجنب التعثر. وعلى مستوى استراتيجي أكبر توجه انتقادات للاتحاد بالافتقار لزعماء أصحاب رؤية و”لفكرة كبيرة” أو مشروع تحتشد خلفه جميع البلدان. كان ينبغي أن يأتي هذا من خطة المفوضية الأوروبية لأوروبا 2020 لتحفيز النمو وتوفير الوظائف لكن الخطة لم تثر الكثير من الحماسة. ويعتبر منتقدون تلك الخطة إعادة صياغة لمبادرة فاشلة لتحويل أوروبا إلى “أكبر اقتصاد تنافسي وديناميكي يقوم على المعرفة” بحلول ذلك العام. لكن في قلب الاتحاد هناك شيئا فاسداً. فلم يحدث توافق بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل وغياب رؤية مشتركة يعني في أحسن الأحوال أن قاطرة الاتحاد أوروبي متعثرة. وتشير التوقعات القاتمة إلى أن الاتحاد في تراجع دائم وأن واحدة أو اثنتين من الدول الأعضاء الضعيفة ستخرج من منطقة اليورو وأن النمو الاقتصادي سيبقى بطيئاً مع ارتفاع معدل البطالة لسنوات. وبموجب هذا السيناريو سيزداد تهميش الاتحاد الأوربي بشكل متزايد ولن تعتبره اقتصادات ناشئة مثل والصين والهند أكثر من كتلة تجارية أقل أهمية من الولايات المتحدة. لكن ليست كل التوقعات قاتمة. فقد استغل الاتحاد الأزمات عادة لصالحه وأجبرته الحاجة على تنفيذ إصلاحات صارمة كان سيتجنبها لو اختلف الحال. وبموجب هذا السيناريو ستتوحد منطقة اليورو وستدفع الإصلاحات الدول الأعضاء إلى إظهار المزيد من الانضباط المالي.
المصدر: بروكسل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©