الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تعاون حضاري لصالح المنطقة والعالم

تعاون حضاري لصالح المنطقة والعالم
2 مايو 2017 00:45
الاتحاد(القسم السياسي) جاءت الزيارة التي سجلتها أمس المستشارة الألمانية أنجيلا إلى الإمارات العربية المتحدة في إطار علاقات الصداقة القوية التي تربط بين البلدين. ويكفي لإيضاح مدى عمق هذه العلاقات الإشارة إلى ما لخصه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عندما قال خلال زيارة سابقة إلى ألمانيا: «إن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وألمانيا الاتحادية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ولا تقتصر فائدتها على البلدين فقط بل على المنطقة أيضا من خلال جهودهما ومساهمتهما مع جهود المجتمع الدولي في طرح الحلول الفاعلة للعديد من القضايا السياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية حول العالم». وتكتسب زيارة المستشارة الألمانية للدولة في ظل الظروف القائمة في المنطقة والتطورات المتسارعة على مستوى العالم، أهمية خاصة على المستويين الثنائي والدولي في ظل العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات.. والمتابع لمسيرة هذه العلاقات يلحظ أنها باتت نموذجا يحتذى به في العلاقات القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة المتنامية بين البلدين، حيث تربطهما منذ عام 2004 اتفاقية شراكة استراتيجية تمثل تتويجا لمسار طويل من الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية المتينة والمميزة بين البلدين الصديقين. وساهمت هذه الاتفاقية في تعزيز وتقوية العلاقات المتبادلة في مختلف المجالات وعلى الصعد كافة. فالدولتان تمارسان مكافحة الإرهاب قولاً وفعلاً، وتكثفان جهودهما الرامية إلى محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، ونشر القيم المعتدلة البعيدة عن العنف والتعصب، ونشر قيم المحبة والتسامح في العالم، كما يؤمن البلدان بأن الإرهاب آفة يجب مكافحتها والقضاء عليها، من خلال حل المشكلات التي تشجع على الإرهاب وايجاد حلول منطقية للكثير من الصراعات التي تشكل تربة مناسبة لنمو الإرهاب وانتشاره، كما تدعوان إلى تعاون دولي واسع في هذا المجال، بما يضمن نجاح الحرب على الإرهاب، ويقود إلى القضاء عليه في العالم. وانطلاقاً من دورهما هذا ومواقفهما السياسية يشترك البلدان في رئاسة مجموعة عمل إرساء الاستقرار في إطار مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي. كما يعمل البلدان معاً وبشكل حثيث في العديد من الملفات المهمة في المنطقة، حيث تترأس الدولتان مجموعة عمل إعادة الإعمار والتنمية في إطار مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وصندوق إعادة إعمار سوريا التي يناط بها مساعدة الشعب السوري ومساعدته، ويساهمان بشكل قوي في كل الجهود الرامية إلى حل الأزمة السورية بالطرق السلمية التي تلبي رغبات ومصالح الشعب السوري، وتنفيذاً للقرارات الدولية المتعلقة بالأزمة السورية، والتي تضمن مصالح الشعب السوري، وتعيد السلام والاستقرار لهذا البلد وللمنطقة أيضاً. ونظرا للدور الذي لعبته وتلعبه ألمانيا في احتواء أزمة اللاجئين السوريين تحديداً، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى أيضا وبشكل حثيث إلى الاستفادة من تجربة ألمانيا الرائدة في مجال استقبال اللاجئين، خاصة بعد إعلان الإمارات استضافة 15 ألف سوري على مدى خمس سنوات، وهو ما يمثل التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حلول جماعية وفاعلة لمنع تفاقم أزمة اللاجئين ودعمها الراسخ للجهود الإنسانية التي تقوم بها المنظمات الإقليمية والدولية لاحتواء هذه القضية، التي باتت تشكل هاجساً للعالم بأسره، مع التركيز أيضا على الدور القيادي للأمم المتحدة في إصدار إعلان نيويورك - بشأن اللاجئين والمهاجرين - والذي يعد بمثابة خطوة هامة إلى الأمام يتعين استكمالها والبناء عليها ببذل الجهود الجادة لمنع الحروب والصراعات التي تمثل السبب الرئيسي للهجرة القسرية، لاسيما وأن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها تاريخ حافل في مجال العون الإنساني لمخيمات اللاجئين في مختلف دول العالم، وساهمت وتساهم بشكل كبير في الكثير من حملات الاغاثة في العالم، وقدمت الكثير في هذا المجال، ولذلك سيكون التعاون في مجال تبادل الخبرات الألمانية - الإماراتية في هذا المجال تعاونا إيجابيا وهاما، ومن شأنه أن يقدم السبل الأنجع لمساعدة اللاجئين، وتلبية احتياجاتهم بالشكل المطلوب. ويمكن القول إن التعاون الإماراتي الألماني في هذا الشأن، ورغبة الإمارات من الاستفادة من التجربة الألمانية تجاه محنة اللاجئين، تمثل وجها من أوجه التعاون بين البلدين، من شأنه إضافة صفحة جديدة في سجل التعاون والصداقة بين أبوظبي وبرلين. ومن يتابع المواقف الألمانية من القضايا العالمية لاسيما في منطقتنا العربية، يلمس بوضوح ذلك التقارب الكبير بين وجهات نظر البلدين، وأثر ذلك على الكثير من القضايا الشائكة في المنطقة. إذ تلعب أبوظبي وبرلين دوراً مهماً لضمان الاستقرار الدولي، لما تشكلانه من حضور دبلوماسي قوي على الساحة الدولية، ناهيك عن مواقف ألمانيا الواضحة تجاه الكثير من قضايا المنطقة، وهي مواقف متقاربة من موقف الدولة، حيث يسعى البلدان إلى العمل من أجل السلام في منطقتنا العربية، وحل جميع أزماتها بالطرق السلمية لاسيما القضية الفلسطينية، حيث تركز كل من البلدين على أهمية تنفيذ قرارات المجتمع الدولي، للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. زد على ذلك اتباع برلين لسياسات هادئة تسعى إلى حل الصراعات في معظم مناطق العالم، لصالح الأمن والسلام العالميين، وهو موقف تشاركها فيه الدولة بقوة، وتعمل لأجله منذ قيامها. وتعد العلاقات الإماراتية الألمانية نموذجا للتعاون لحل النزاعات الدولية وحفظ الأمن والسلم الدوليين، حيث تضطلع كلتا الدولتين بدور بارز في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في مختلف مناطق العالم، ولهذا تعد العلاقات الإماراتية - الألمانية مهمة وحيوية ليس للبلدين فقط وإنما للمنطقة والعالم أيضا. وتؤمن الإمارات وألمانيا بأن الاقتصاد يعتبر محوراً رئيسياً لتعزيز العلاقات المتبادلة بين الدول، وعاملاً مهماً في نشر القيم الإيجابية والمصالح المشتركة. وعلى مستوى العلاقات المباشرة بين الشعبين، أصبحت الإمارات من أكثر الوجهات المفضلة عالميا للسياح الألمان بسبب الأمن والاستقرار الفريدين اللذين تتمتع بهما الدولة ومستوى التطور الذي وصلت إليه، كما يوجد في الإمارات جالية ألمانية لا يقل عددها عن 12 ألف ألماني يعملون في مجالات متعددة ويعيشون في وئام وسلام. وفي المقابل، تعد ألمانيا وجهة للكثيرين من المواطنين الإماراتيين سواء للسياحة أو العلاج، حيث تتمتع بمستوى أمني عال وبمستوى طبي متقدم. واستنادا إلى ذلك كانت ألمانيا من أكبر الداعمين لإعفاء مواطني دولة الإمارات من تأشيرة «الشنغن»، الأمر الذي يعكس مدى الاحترام والتقدير الذي يكنه الألمان للإمارات وشعبها. ويأتي الاهتمام الإماراتي بتعزيز التعاون مع ألمانيا، من كون الأخيرة دولة مهمة وتمثل ثقلاً على المستوى الاقتصادي العالمي ولديها خبرة واسعة وتقنيات متطورة وتمتلك تأثيراً كبيراً في القرارات العالمية وتلعب دوراً ريادياً في الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل فإن الاهتمام الألماني بالمنطقة والتوجه للعمل في منطقة الخليج يعتمد أيضاً على مكانة دولة الإمارات وما تحتله من موقع استراتيجي يجذب المستثمرين وكونها تمثل مركزاً مالياً مهماً وتعتبر منفذاً تجارياً إلى العالم العربي والشرق الأقصى، كما تتميز الإمارات بالاستقرار السياسي وبسمعة عالمية طيبة وتقدم تسهيلات متميزة ومناخا استثماريا جيدا، استطاعت من خلاله جذب الشركات الأجنبية التي تعمل انطلاقاً منها في عموم منطقة الشرق الأوسط. وتساهم مقومات التبادل التجاري والاستثماري الذي تتصف به العلاقة بين ألمانيا والإمارات في تحويل الأخيرة إلى بوابة لألمانيا في الخليج العربي ومن ألمانيا بوابة للخليج في أوروبا. وبناء على رغبة كل من الحكومة الألمانية والإماراتية في تعميق العلاقات الاقتصادية بينهما، فقد تكللت جهودهما بشراكة استراتيجية بدأت في أبريل من العام 2004. وأصبحت العلاقات الثنائية تُدعم باستمرار عبر زيارات سياسية رفيعة الشأن، ففي السنوات القليلة الماضية حدثت زيارات مهمة بين الطرفين لتعزيز التعاون كانت آخرها الزيارة الراهنة للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©