الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما الحدث الأكبر

12 يونيو 2008 00:50
عندما أذاع الزعيم الزنجي الأميركي قائد حركة الحقوق المدنية، ''مارتن لوثر كنج'' -خمسة وأربعين عاماً- حلمه الكبير، كان الطفل ''أوباما حسين باراك'' لم يبلغ الثالثة من عمره، ولا شك أن الطفل لم يستوعب آنذاك المعاني العميقة للحلم الكبير والكلمات العميقة التي جاءت على لسان ''لوثر'' والتي هزت جزء من ضمير المجتمع الأميركي، قال ''كنج'' فيما قال عن حلمه واصفاً حالة الزنجي: ''إن الزنجي ما يزال يجد نفسه محشوراً في قاع المجتمع الأميركي منفياً في بلده وأرضه''، ولقد أخذت العقود من هؤلاء المنفيين في بلدهم ومن النضال المدني حتى أصبح واحد منهم المرشح للرئاسة الأميركية في الانتخابات القادمة· لذلك لم يكن غريباً أن يوصف السيناتور ''أوباما'' بالترشيح للرئاسة بـ''الحدث الأكبر'' في تاريخ هذا البلد الكبير الذي سيؤثر على مسار الحياة السياسية الأميركية، بل وسيؤثر على السياسة العالمية باعتبار ما لأميركا اليوم من حضور وأثر على العالم· قاد السيناتور ''أوباما'' وفريقه الانتخابي معركة الترشيح عن الحزب الديمقراطي -التي وصفت بالأطول في تاريخ الحملات الانتخابية- بجدارة وبنجاح شهد به حتى الخصوم وحركت ملايين الناخبين الأميركيين الذين ظلوا على الدوام أبعد اهتماماً بالانتخابات والسياسة وبخاصة أجيال الشباب من السود والبيض· كان مفتاح سر هذا النجاح الذي كتب وسيكتب عنه كثيراً، هو كلمة ''التغيير'' الساحرة، والأمل لمجتمع رغم ثرائه وقوته، ظل في أعماقه الحقيقية يعيش حالة من الركود والموت المعنوي، فسنوات حكم ''جورج بوش'' حولت حياته إلى ليل مظلم تملأه أشباح الخوف والهلع من أعداء متوهمين يريدون تدمير حياته وصورته بأنه محاصر على امتداد الكرة الأرضية بالكراهية، حتى أصبح السؤال الدائم على لسان المواطن الأميركي البسيط: لماذا يكرهنا العالم إلى هذا الحد؟! لقد أدرك السيناتور الديمقراطي الشاب أن ما يحتاج إليه بلده وشعبه اليوم، هو أن يخرج من حصار قيود السياسات التقليدية ومن رتابة خطابها التقليدي المحبط أحياناً والمتعالي أحياناً أخرى، خطاب جديد لا يخاطب فقط أجيالاً جديدة من الأميركيين، بل أيضاً من شركاء الأميركيين في هذا العالم وفي هذا القرن حتى تصبح السياسة في خدمة الإنسان، وليس الإنسان في خدمة المصالح السياسية· ورغم أن معركة ترشيح ''أوباما'' و''كلينتون'' شأن أميركي، فقد كانت محل اهتمام كل بلدان العالم وشغله الشاغل على مدى أيام الحملة الطويلة، ذلك لأن ''التغيير'' الذي وعد به ''أوباما'' سيؤثر على علاقات كثير من الدول والشعوب بـ''القطب الأكبر'' الذي أصبح محور السياسة الدولية في هذا القرن· إذا كُتب لـ''أوباما'' أن يفوز في الانتخابات القادمة بالرئاسة الأميركية، فإن الولايات المتحدة ستتغير -فيما يقول بعض المعلقين-بعضاً من ''روحها'' التي فقدتها بسبب السياسات الأيديولوجية التي شكلت حقبة ''جورج بوش'' التي تحكم فيها اليمين المسيحي المتشدد، وستقدم أميركا للعالم وجهاً جديداً يطمئن له الناس، وأن ينعش الأمل بأن القوة الأكبر ستستعيد الاحترام الذي فقدته حتى بين الأصدقاء والحلفاء· إن من بين معاني فوز ''أوباما'' المأمول بالنسبة للمواطن الأميركي العادي، هذا الإحساس الذي غمر ملايين من الأميركيين بأنه من الممكن أن يؤثر على رسم وتشكيل سياسات بلدهم وتغيير حياتهم وأن يهتموا بالقضايا الحياتية اليومية، وأن يحققوا بالجدارة دوراً لبلدهم في ريادة المجتمع الدولي يقوم على التكافل والتضامن والاحترام المتبادل· لقد كان طريقاً طويلاً وشاقاً ما بين يوم أعلن الزعيم الزنجي الأميركي ''مارتن لوثر كنج'' عن ''حلمه'' ويوم فوز السيناتور ''أوباما'' بترشيح الحزب الديمقراطي له لرئاسة الولايات المتحدة، لكن بعض حكمة التاريخ تقول: إن الأحلام المشروعة يمكن أن تتحقق بجهد ونضال وصبر البشر· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©