موسيقى العصر العباسي تصدح بنغمات عصرية في مركز العين

شهد مسرح أبوظبي مساء أمس الأول، أمسية موسيقية لعازف الكمان الدكتور نداء أبو مراد الباحث والأكاديمي الموسيقي المرموق، وذلك بمشاركة عدد من العازفين والمنشدين في تطبيق عملي للتخت الموسيقي الشرقي الأصيل، حيث صاحب كمان أبو مراد، الشيخ صلاح يموت في الترنيم والإنشاد، وهو أبرز القارئين والمنشدين في لبنان، وقد سجّل بصوته عدداً كبيراً من الابتهالات والتواشيح في الإذاعة اللبنانيّة. وعلى العود وبالإنشاد رافقه عازف العود والملحن المصري مصطفى سعيد وهو خبير في التقليد الموسيقيّ الفنّيّ المشرقيّ العربيّ، أما على القانون فقد رافقه اللبناني غسان سحاب الذي يعد خبيراً في التقليد الموسيقيّ الفنّيّ المشرقيّ العربيّ. وذلك ضمن فعاليات مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام، والتي نظمتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. وقد أدت المجموعة ثلاث وصلات إنشادية وعزفية مرتجلة تتمحور كل واحدة منها على مقام معين ، منها مقام دوكاه النوى ثم مقام حجاز النوى لتختتم الأمسية بمقام السيكا، وتشكلت المقطوعات المقدمة من ألحان تعود للعصر العباسي وعصر النهضة العربية. كما قدمت المجموعة مختارات من الشعر الصوفيّ لرابعة العدويّة (البصرة- 718– 751م)”عرفت الهوى مذ عرفت هواكا.. وأغلقت قلبي على من عداكا”، والحسين بن منصور الحلاّج (العراق ـ 857-922م)، “أنت بين الشغاف والقلب تجري مثل جري الدموع من أجفاني”، وعمر بن الفارض (مصر ـ 1181م -1235م)، “زدني بفرط الحب فيك تحيرا وارحم حشى بلظى هواك تسعرا”، حيث ترنم الشيخ صلاح يمّوت الأبيات المختارة بشكل مرتجَل، وذلك بالتحاور مع ارتجال التقاسيم على كمان نداء أبو مراد وعود مصطفى سعيد وقانون غسّان سحّاب، وبالتناوب مع فقرات إنشاديّة وعزفيّة سابق تلحينها، من إرث النهضة العربيّة الموسيقيّة، في أداء تأويليّ للتخت برمّته. وفي نهاية الأمسية التقينا الشيخ صالح يموت الذي عبر عن سعادته بهذه الزيارة التي تعتبر الأولى له للعاصمة أبوظبي قائلا: لن تكون الأخيرة و أشكر هذه المدينة التي أعطت هذا النوع من الموسيقي حقه، لأن هذا النوع هو أصل الموسيقى العربية . وعن سبب ابتعاد الجمهور عن هذه الموسيقى قال: أصبح هذا النوع من الموسيقي رغم أصالته منسيا لعدم وجود مهتمين للتعريف بالموسيقى العربية وأصولها. كما شكر هيئة أبوظبي للثقافة والتراث على هذه البادرة الطيبة، موضحاً: أقدم وصلات غنائية في الجامعة الأنطونية بلبنان، كما أني أرتل القرآن الكريم في المناسبات فلهذا النوع من الموسيقى رواده في لبنان، وأضاف: لن تكون هذه الزيارة الأخيرة إن شاء الله . أما نداء أبو مراد فقد عزا اختفاء الجمهور لسيطرة التغريب علينا وعلى تراثنا فنحن شعوب يسيطر عليها التغريب في كل شيء لذلك لربما يندثر هذا النوع لولا محاولات فردية نقوم بها نحن في الجامعة الأنطونية في لبنان والآن احتضن مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام لهذا النوع ليعد تراثنا لمجده وعن زيارته للإمارات قال هذه الزيارة الخامسة لي فهناك في الإمارات محبون كثر لهذا النوع ، وعن التجانس الذي شهدناه علي المسرح خاصة بعدم وجود (نوته)قال نحن نقدم فناً ارتجالياً وألحاناً ارتجالية مأخوذة من ألحان لها مئات السنين ، نرتجلها حسب القواعد الموسيقية الأصيلة و نتحاور بشكل تاريخي حديث. ومن جانبه أوضح محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أن مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام هو مركز أبحاث يتبع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وقد جاء تأسيسه في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الهيئة في تأسيس مسار ثقافي، للمساعدة على الوصول إلى مستوى أفضل من الفهم والتذوق والتميز للثقافة الإماراتية والعربية والإسلامية على الصعيدين المحلي والعالمي. وذكر أن تأسيس المركز يأتي ضمن جملة من المشاريع الثقافية المهمة التي باشرت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بتنفيذها في مدينة العين، مؤكداً أن تحقيق التوازن الصحيح بين صون ثقافتنا وتراثنا عميق الجذور، ومواكبة خطى التطور السريعة، سيبقى أحد أهم تحديات مستقبل البيئة الثقافية في المنطقة.