الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

فرصة للمراجعة

1 مايو 2010 22:42
إلى أي حد تكون لدينا القدرة على خوض المغامرة.. بأنواعها.. فالحياة مغامرة كبرى، وبالرغم من أن كُنه المغامرة معروف والامتحان تم توزيعه منذ بدء الخليقة، إلا أننا نصر على أن نضع لأنفسنا “مقررات دراسية” خاصة ويمضي كل منا في مغامرته الحياتية، وهناك من يراجع نفسه ويعود إلى “المقرر الأصلي”، ومن يمضي غير عابئ بشيء في انتظار المصير.. في انتظار العفو. مثلما كانت الأيام العشرة التي قضيتها في المرفأ لتغطية مهرجان الغربية للرياضات المائية فرصة للعيش بلا عُقد، وأيضاً ساحة لعمل متواصل، وجولات خارج المألوف وخارج نص حياتي الذي اعتدته، كانت أيضاً فرصة للمراجعة، ولأخرج من ذاتي ثم “أغطس” من داخل فمي إليها مجدداً.. أحاول أن أنفض عنها الغبار الذي خلفته الهرولة خلف لا شيء. هل مباح لي أن أكون صريحاً معكم إلى هذه الدرجة.. يبدو أنني في الأصل أنشد الصراحة مع نفسي، وأكتب لنفسي التي عاتبتني وعاتبتها، وأنكرت عليها أن تجعلني في أوقات كثيرة، كالآلة تسير على قضبان .. تنخرط مع البقية في “مهرجان” العبث اللامتناهي.. تجرني إلى حيث تأبي فطرتي، وأقودها قسراً في أوقات قليلة إلى حيث تريد ذاتي. هنا أيقنت مجدداً مثلما أوقن دائماً أن السعادة في الرضا.. هنا وعلى شاطئ البحر في لحظات غياب الشمس وسكينة الروح وخنوع النفس، أيقنت أن السعادة قد تكون تحت أقدامنا لكننا نبحث عنها في غير موضعها.. هنا أيقنت كم أن الإنسان قاس، ولذا استحق الاختبار الأعظم. حالتان عشتهما هنا وجدتني أمامهما في مواجهة نفسي، وفي مواجهة “شبه المصير”.. الأولى حين قررت وأنا مغمض العينين أن أخوض مغامرة “الطيران بالمظلة” يجرني قارب، وأنا معلق على بعد يقترب من مائة متر.. كأنما أصَّعد إلى السماء، والثاني حين ذهبت إلى محمية مروِّح الفطرية.. في الحالة الأولى أدركت ضعفي وقوتي .. ضعفي أمام الخالق الذي تحملني نسمة من نسمات خلقه معلقاً بين السماء والأرض دون أن أقع، وقوتي الكامنة التي أرادها الخالق أيضاً، ولكننا لا نفطن إلى معناها الحقيقي، وهو أن من أستقوى على المغامرة، وصعد إلى القمر أو المريخ.. عليه أيضاً أن يستذل أمام من هيأ له أسباب العلم ومنحه مفاتيح الحياة.. وأن يدرك وهو الضعيف أن مسيرته يجب أن تكون رحلة رضا إلى حيث الرضا. وفي الرحلة الثانية إلى مروِّح، اندهشت.. ليس فقط من الجزيرة، وإنما مما تفعله بنا الفطرة.. الخلاء.. كم تغرينا حياة البر، والمبيت تحت السماء وجمع الحطب لصنع وجبة تسد الرمق.. لكننا قد نقبله وهو لون من الفولكلور، ونرفضه حاجة وموئل سعادة وهو ملك اليمين. شيدوا حياتكم في قلوبكم، ومهما كانت بسيطة.. المهم أنها هي التي ترضيكم.. تعاطوا مع الحياة كما تريدون لا كما تريد هي أو كما تأخذكم.. كونوا أنتم حتى لو تخليتم عن كثير مما يلمع وألقيتم به من قطار الحياة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©