الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

لماذا لا تمزح معي

لماذا لا تمزح معي
9 يونيو 2008 01:24
صدر حديثا عن دار أزمنة للنشر والتوزيع في الأردن مجموعة قصصية جديدة للقاص العماني محمود الرحبي، بعنوان'' لماذا لا تمزح معي'' وتقع في 90 صفحة من القطع المتوسط، وجاءت في ثلاثة أجزاء هي ''حكايات عتيقة'' وضم سبع قصص، و''حكايات المرآة'' وضم ثلاث قصص، و''شذرات حية '' وضم خمس عشرة قصة· ويعد محمود الرحبي من الأصوات القصصية المهمة في سلطنة عمان، وسبق أن صدر له مجموعتان قصصيتان هما ''اللون البني'' عن منشورات دار المدى السورية عام 1998 و''بركة النسيان'' عن وزارة الثقافة العمانية عام 2006 ، كما له تحت الطبع ''درب المسحورة '' وهو عبارة عن مداورة سردية لقصيدة عمانية قديمة، و''تحت شمس لا تنام'' وهو عبارة عن نص سردي طويل· ومن مجموعته القصصية الجديدة نختار القصص التالية: (وحيداً في المقهى) يقرأ صفحات كتابه، فوق طاولة تحوم حولها عيون مستغربة لعمال لم يألفوا قبل هذا اليوم رؤية أحد يقرأ كتاباً في مقهى· يرتشف كأسه الساخن ويقرأ، والعيون تشرئب من حوله، وحين وصل الى المشهد الذي سيفتر بسببه ثغره عن ابتسامة ثم ضحكة شع بها جبينه ووجنتاه، اهتزت الأكتاف المحيطة به وعم الضحك، وكل عابر يرشق المكان بضحكاته ويمشي· انتشر الضحك سريعاً كالعدوى، المطلون من النوافذ وأولئك المنقبضة وجوههم بسبب الزحام، جميعهم أطلقوا حلوقهم عن آخرها، وعجوز أعمى توقف قليلاً إثر الضحكات ثم انسحب ضاحكاً، أطفال تلفتوا وراءهم ضاحكين وهم يعبرون الخط المشمس وحقائب تحني ظهورهم·· وحده الساكع بين أوراق كتابه، لم يلمح شيئاً مما حدث، ارتشف آخر جرعة من كأسه وانسحب مبتعداً· ذكرى المعلمة حليمة التي تسكن في خيمة بأعلى الجبل، والتي يشبه قلبها نهراً تطفو فوق صفحته فراشات ولعب، كانت تحفظنا جزء عَمَّ، وتحذف عن أعيننا سورة ''الكافرون'' وتقول إنه لا يجب أن يقرأها الأطفال، ولم تكن تحدثنا إلا عن الجنة· وفي كل ظهيرة تطلق أرجلنا القافزة من بين أسنة الصخر، بعد أن تفتح رداءها المليء بالحلوى، كلٌ يشتري بالبيسات التي ضمها في كفه، وكان بعضنا يقدمها إليها في دخلته الأولى، فتعطي كل واحد شيئاً مما ضمته صرتها، ولا تميز بين الذي أعطاها مالاً وذلك الذي لا يملك أهله شيئاً· نتقافز راكضين بعدها، مودعين خيمتها التي ترفرف أطرافها كأيادي الوداع في أعلى الجبل· تحت ظل الشجرة ماسح الأحذية، يقرفص وحيداً وعيناه على أقدام السائرين في الرصيف المقابل، يشير إليهم بأصابع خجلى أن يقتربوا· تمر فتاة بمحاذاته، فيُسقط عينيه على التراب، ثم يرفعهما باتجاه آخر فرع في الشجرة حيث عصفوران يعاركان غصناً نائماً· قطة تحاول بحذر أن تحتمي بظل الشجرة، وحين تستريح الى نواياه، تفرش ظهرها الأملس بجانب جلسته· تحت شمس مسقط القائظة، وبعد أن لفظته جميع الأبنية التي لجأ إليها باحثاً عن عمل، لم يجد الشاب ذو العشرين عاماً سوى تلك الشجرة، وعلبة الأصباغ تلك، أمام أقدام لا يمكنها أن تفكر سوى بالطريق الأسرع للهروب من مسامير الشمس اللاهبة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©